طيورنا المهاجرة .. لحظة حنين
يأخذنا الحنين إلى الوراء، لا نعلم هل نبتسم لأن الذكريات جميلة، أم نبكي لأن الماضي لن يعود.
يأخذنا الحنين رغمًا عنا، إلى ذكريات يأبى القلب التخلي عنها، حتى ولو سعينا جاهدين إلى نسيانها .. تسكننا آمال بأن يلتئم القلب يومًا، ويغوص الغائب في صدر الوطن مرة أخرى بعد سنوات طوال من الاغتراب.
طيورنا المهاجرة، أبناؤنا وفلذات أكبادنا في الخارج.
لأسباب عديدة تغربوا، فارقونا، باعدت بيننا وبينهم البلدان والأيام، مضوا بحثًا عن مستقبل أفضل، وربما أماكن أفضل، بالكاد حبسنا دموعنا في لحظات وداعهم، ولم تجف بعد اغترابهم يومًا .. لا يصبرنا على غيابهم إلا محاولة إقناع أنفسنا بأنهم قد يحققوا لأنفسهم ما يظنوا أنه الأفضل، والذي لم نستطع تحقيقه لهم في بلداننا.
وعلى الرغم من التواصل اليومي عبر تقنيات الصوت والصورة المختلفة، يأخذنا الحنين إليهم، وإلى أماكن وذكريات سكنتْ بداخلنا وتزينت، تطوف ذاكرتنا بلحظات نعبر عنها باشتياقنا الكبير، فنتخيل نبرة صوتهم في كل الأصوات، ونتخيل نظرتهم في عيون من حولنا، وتجلجل ضحكتهم في أصوات كل من يتحدث معنا.
لا أحد سواك يملأ عيني، فللحنين إحساس جارف حد الجنون، موجع حد الألم، أن تذهب إلى مكان اعتدت أن يصحبك فيه، تتأمله وتبتسم، وتنحدر دمعة آبت إلا النزول – وهو حال المتنبِّي – إذ يشكو غربتَه بِمِصر بعد أنْ ترك بلاط سيف الدَّولة الحمداني، قائلا:
أَبِنْتَ الدَّهْرِ عِنْدِي كُلُّ بِنْتٍ
فَكَيْفَ وَصَلْتِ أَنْتِ مِنَ الزحَامِ
جَرَحْتِ مُجَرَّحًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ
مَكَانٌ لِلسُّيُوفِ وَلا السِّهَامِ
ولأن الغربة قدر مكتوب، وبُعد الأحبة واقع لا محالة، نذكر أبناءنا وإخوتنا المغتربين بأن قربهم من أهدافهم العلمية والحياتية، وحصولهم على أعلى مراتب العلم لن يتحقق بغير الحفاظ على علاقتهم برب العزة والجلال، وأن تكون نواياهم في رحلة الاغتراب لمرضاة الله، مع الاستعانة به سبحانه وتعالى على مواجهة آلام الغربة ووحشتها وابتلاءاتها، والبعد عن اليأس والإحباط وكل ما يهدم الطموح ويقضي عليه.
كما ندعوهم أن لا تأخذهم الحياة، وينسوا وطنهم، وأحبتهم فيه .. فمهما كانت المغريات في بلد الغربة، فإن قيمتك الحقيقية في وطنك، بين أحبابك، ونذكرهم بما قاله شاعر أضناه الاغتراب:
ما يُنغّص بسمتي
أنا في ابتساماتي عُرِفتُ ولم أزل
حتى أتاني ما ينغّص بسمتي
إن أسعفتني دمعتي في فرحتي
أنزلتها طربًا لأرسم بهجتي
أو أسعفتني بالبكاء مرارة
تتسابق العبرات تهجر مقلتي
واليوم أفرغ دمع عيني بالبكاء
ندمًا على ما كان مني ويلتي
جفت دموعي من فواجع ما أرى
لكن صبري في الشدائد قوتي
أتمنى أن أزرع الكلمات الحلوة في قلوب كل الناس، وأن تسافر المحبّة من قلبي إلى كل الشرفات والبيوت، كما تسافر المراكب إلى الجزر المنتشرة في كل مكان
☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??
الكاتب والأديب المصري / محمد عبد العزيز يونس
اديبنا المتميز دومًا محمد عبدالعزيز يونس … تتوهج هتون بحروفكم مع كل إطلالة لكم على مرفأ النيل … وننهل ونقرأ مما تكتب ونرفع القبعات تحيات تقدير واعجاب ..
سلمت أناملك ودام يراعك لهتون .. ولنا نحن القراء… ودمت بود
أول مرة أقرأ لك وسعيدة بهذا المقال
إن شاء الله أتابعك عبر صفحات هتون
كاتب مبدع وأديب يعرف بوصفه ولملامسته المشاعر
تحياتي لك استاذ محمد ولاختيارك هذه الابيات. لكن لمن قصيدة ما ينغص بسمتي؟
للماضي حنين دآئم ولكن ليس لهُ رجوع مهما بلغت روعتهُ….?
مقال مميز من كاتب وأديب مبدع ???
موضوع رائع، بالتوفيق دائما
ممتاز والله يعطيك العافيه يا محمد يونس
واليوم أفرغ دمع عيني بالبكاء
ندمًا على ما كان مني ويلتي
جفت دموعي من فواجع ما أرى
حياك الله وبياك وجعل الجنة مثواك
من قال ان الماضي لايعود .. تلك مفارقة عجيبة عند الكثيرين ولكن الحاضر هو جزء من الماضي ويقف على اعتابه ، وكأنك في مقالك تعلن الحسرة على فراق الأحبة واغترابهم والذين إذا لم تجمعنا الأيام جمعتنا بهم الذكريات وإذا القلب لم يراهم فالعين لن تنساهم، وتلكم الأيام نداولها بين الناس في الغربة وفي الوطن.
وأن كانت الغربة نصيب إنسان ما ؛ لكنها ليست حين يكون الموت نصيب هذا الإنسان لأن المغترب سوف نراه ونحادثه ونحاوره عبر اي من وسائل التواصل.
لكن المفقود بالموت هيهات أن نستطيع أن نعرف خبرًا عنه تلك هي المفارقة وتلك ماسأة الحنين .
أستاذ محمد مما قاله جدي الجرجاني رحمه الله وطيب ثراه
النصوص تستوعب الأفكار وتولد المعاني، وتستثير الخيال، فيوغل الكاتب في عالم الأشياء، ويؤلف بينها، ويؤانس بين المتناقضات . فإذا الموجودات كلها وسائل إبداع، وأدوات فكْر. وإذا اللغة عالم من الوشائج، لا مجال فيه لكلمة منفردة ، ولا مزية للفظة خارج التركيب..وكأني بك تمثلت ذلك فبوركت .
وشفعت لك حروفك.. وجماليات نصك، وأعانك الله على المنتظر منك.?
أخي بدر العساف، هذه الأبيات من أنشودة لمشاري العرادة. مودتي.
أستاذ محمد يونس هيجت أشواقنا بكلماتك إلى ماضينا وذكرياتنا
سلمت أناملك
(وعلى الرغم من التواصل اليومي عبر تقنيات الصوت والصورة المختلفة، يأخذنا الحنين إليهم) بالله حق يا أستاذ محمد. كل ذي التقنيات لا تغني عن الروح والوجود
الله على الكلام. دام إبداعك ودام لنا الاخوة والاحباب
جزاكم الله جميعاً أساتذتي وأحبتي الكرام على مشاعركم النبيلة. . وتعليقاتكم الرائعة التي زينت مقالي البسيط. . والشكر موصول لاساتذتي في صحيفة هتون
أستاذنا الفاضل
دائما تختار مواضيع مهمة وحساسة
فعلاً الإغتراب طعنة في قلب كل محب
لمن غادر ورحل مُغرباً أو مُشرقاً
كنت ولا أزال ضد الإغتراب بكل صوره وبكل مُسبباته
فلا شئ يُعوض الوطن والأهل
خصوصا أن أكبر جامعات العالم تقبل بالدراسة عن بعد
أقول هذا الكلام من منطلق لوعتي كأم فارقها إبنها البكر
يا هتون والله تكافئينا دوم بكتابك هؤلاء وعما يكافؤنا بابداعاتهم
مقال جميل ورائع
سلمت اناملك استاذ محمد
مبدع دائما اخى محمد كما عهدناك
نسأل الله الا يحرمنا اوطاننا وأحبتنا
ويكتب لنا اللقاء والأنس بهم
اما عن الذكريات فتعزف دوما لحن الحنين على اوتار القلوب