إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

قراءة نقدية.. لنص (سيمفونية وطن) للشاعرة السورية/ ناهد بدران

عصفت بي الدهشة تحت أفياء نبضك والندى يرشق وجهي من مياسم حرفك، والضحى يقبل أطراف السماء ليتعرش سدرتها مستعينا بنبوءة نور تحققت بين كفيك.

شكري وامتناني للأديب السامق رياض عيساوي، على تقديم قراءة نقدية لنص (سيمفونية وطن) بعين قلمه وجمال قراءته.

=================

سيمفونية وطن

لنا جغرافية الأرض
فليتمدّد ظلّ النّخيل
بين واحات كم استظلّت بفيئها عشتار
ترسل همسات الشّوق لتمّوز
ليوقظ النّرجس الغافي تحت الجليد
عشتار.. يا ابنة القمر
أين غيرتك العمياء..؟
حبيبك اغتالوا اخضرار أفنانه
فغزا القحط بيادر الرّافدين
فليهبط صدى روحك أرض
السّلام …!
الأطفالُ هنا يرتّلون الموت
سيمفونية وطن بوتر الشّهادة
ابعثي فيهم شعلة الرّوح
أعيدي للرّاعي إنسانيته
فقد استذأب وأفنى القطيع
كم أرضع نهدك ثغرَ الفصول
حتّى غلّ رحم الفيافي
لا ترسمي القحطَ
على مبسمِ رمالٍ تشتاقُ القبل
ولا تلامسي وجه دجلة دون عناق..!
الفرات بين جرفيه تغرغرُ المآسي
وتدمر تتوق لنسمة من بابل
جلجامش.. أعد للحريّة صولجانها
وليكتمل الهلال الخصيب
في ليلةٍ تبعثُ فيها زنوبيا
لتربّتَ على كتف الأحزان
لكم موجع أن يرحل كلّ شيء
ويبقى الموت يلازم الأجساد
هنا في أرض الأولياء
تغيرت ملامح الشّمس
والقمر أرهقه الدّوران
يا نازحًا من رحمِ ديمة
إلى أرض الشّقاء
أسمعت …؟ ثمّة من يناديك
بين حبّات التّراب..!
نحتاج ودقًا من أمان
===================

القراءة النقدية

حين تجف الأرض الخروق، وتمسك السماء عن الصب، يقف هذا النص لصاحبه، المفعم بالنوستالجيا، مستسقيا تلك السماء العنيدة، علها من جديد تحيي تلك الخروق، وجميع روابينا، لتدب الحياة من جديد، وتجرف السيول التربة والماء لوادينا.

تلكم الصورة.. جسدها لنا النص البلسم المفعم بالحنين، والذي اتسم بااللغة الجبرانية، والنزعة الوجودية التأملية الإنسانية، التي غلب عليها الطابع الرومانسي، ولم يكن نصًّا خطابيًّا مباشرًا، بل تشكلت دلالته في تلك الرمزية الجميلة، والتشبيه البليغ بالمجاز (تدمر تتوق لنسمة من بابل.. جلجامش أعد للحرية صولجانها.. لتربت على كتف الأحزان …)، لتبقى عشطار آلهة الشمس مبتدأ القصيد، وصلاة الدفء بعد غروب الشمس من الأرض الصغيرة والكبيرة في عز الظهيرة، كما في غزة وبلاد الشام عمومًا، أو من أبي غريب بتلك الملاهي الليلية الأمريكية، حيث خلعت تاجها البابلية، ومر فيها الفحول، ربما لم تكن الوقائع ممفصلة إلى هذا الحد، لكن النص عكس بالرمز والإيحاء حقيقة ما حدث ويحدث بالأرض العربية.

بنية النص متماسكة، لغة شاعرية قوية، عاطفة جياشة صادقة أمينة، نسق جميل متجانس متناسق في بنيته الموسيقية، مفردات بسيطة لكن موظفة بأمكنتها، وأبلت في توصيل المعنى والفكرة المطاردة.

متعة القراءة جعلتنا في تناص كبير مع النص، سيما بتوثيق مجموعة صور تحرض فينا الخيال، وتقول بخصوبة الخيال لدى الكاتب.

نص بفكرة ومعنى وصورة وبناء؛ يستحق الثناء، وعناء القراءة الماتعة.

الأديب/ رياض عيساوي

مقالات ذات صلة

‫65 تعليقات

  1. هناك بعض الصور البيانية لم أفهمها جيدًا، لكن الشاعرة أسرتني بجماليات أسلوبها وروعة تعابيرها

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88