إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

قاسية

في سورة الزمر يقول تعالى ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (22)

أفمن فسح الله قلبه لمعرفته والإقرار بوحدانيته والإذعان لربوبيته والخضوع لطاعته (فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) أي: فهو على بصيرة مما هو عليه ويقين بتنوير الحق في قلبه، فهو لذلك لأمر الله متبع، وعما نهاه عنه منته فيما يرضيه، فهل هذا يتساوى بمن أقسى الله قلبه وأخلاه من ذكره وضيقه عن استماع الحق واتباع الهدى، والعمل بالصواب؟.

أبدًا..

وقيل شرح الصدر إنما يكون بكتاب الله.

فويل للذين جفت قلوبهم ونأت عن ذكر الله وأعرضت، يعني عن القرآن الذي أنـزله تعالى ذكره، مذكرا به عباده، وقيل: ( مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) والمعنى: عن ذكر الله، فهؤلاء القاسية قلوبهم من ذكر الله في ضلال مبين، ليس كمن تأمله وتدبره وتلاه.

ثم يقول تعالى 🙁 اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (23).
يعني به القرآن، مُتَشَابِهًا أي يشبه بعضه بعضا لا اختلاف فيه ولا تضادّ ولاتعارض .
فالآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف. يشبه بعضه بعضا، ويصدّق بعضه بعضا، ويدلّ بعضه على بعض.
(مَثَانِيَ ) أي : تُثنى فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام والحجج.
عن ابن عباس, قوله ( مَثَانِيَ ) قال: كتاب الله مثاني، ثنى فيه الأمر مرارا.
و تكررت فيه بعض القصص في مواضع عديدة لكن بجمال لغوي و فائدة بديعة.
وتقشعرّ من سَماعه إذا تلي عليهم جلود الذين يخافون ربهم ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى العمل بما في كتاب الله والتصديق به.
هذا القرآن بيان الله يهدي به من يشاء ويوفق للإيمان به من يشاء.
ومن يخذله الله عن الإيمان بهذا القرآن والتصديق بما فيه فيضله عنه فما له من هاد.

وبعد أحبتي..

هذا البيان.. كتاب الله كتاب ليس كمثله كتاب، من تركه خسر ومن لزمه نجا، وهو جميل البناء رائع المعاني
.
في تركه قسوة تتفشى في القلب ومن يحبه يهابه وتدمع عيناه حسن قراءته ثم يمحو إلى الاجتهاد والعمل بما فيه.

وأود أن أنوه عن أمر مهم وهو اتهام البعض للقرآن -حاشاه من ذلك- بالحشو و التكرار، فردنا عليهم إنما يكون بتوجيهاتنا لهم أن يقرأوا القرآن بتدبر مع مراجعة التفاسير ليعرفوا مدى ثراء القرآن، سواء لغويا وبيانيا، ومن حيث المحتوى والمعنى والأحكام، فمن الظاهر يبدو تكرارا لبعض القصص ولكن في كل مرة هناك فوائد جديدة، وعرض مختلف، وأسباب نزول مغايرة، وسرد أروع، فالقرآن ذي نظم متناسقة لكنه يتعالى عن إثارة الرتابة، لا يمل القارئ منه و لا يرتوي.

رب اجعلنا من أهل القرآن تلاوة وتدبرّا وتطبيقًا.

بقلم/ د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88