إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

بين مارتن لوثر كنغ وجورج فلويد

يعيش العالم هذه الأيام تداعيات مقتل المواطن الأميركي ذي البشرة السوداء جورج فلويد على يد ضابط شرطة أميركي سابق اسمه ديريك شوفان؛ حيث جاء هذا القتل بدم بارد، ما أثار الرأي العام العالمي.

والجدير بالذكر أن هذا الشرطي قد تم توجيه أكثر من 80 اتهامًا مشابهًا له في مسيرته العملية. وقد زاد الطين بلة أن القاتل أبيض اللون والمقتول نقيض ذلك، ما زاد من حساسية هذه الحادثة؛ حيث يعيش في الولايات المتحدة الأميركية ملايين الأميركيين من أصحاب البشرة السوداء، الذين يعود تاريخ وجودهم إلى القرن السابع عشر مع ظهور المستعمرات الأميركية واقتران العبودية بها، ويمتد إلى وقتنا الحاضر.

وخلال هذه الفترة عانى الأميركيون الأفارقة كثيرًا حتى كانت نقطة التحول الكبرى في تبني مارتن لوثر كنغ -وهو أميركي إفريقي- قضيتَهم.

ولد لوثر في 15 يناير عام 1929، وكان زعيمًا أميركيًا من أصول إفريقية، ومن المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد السّود؛ لذلك وفي عام 1964م حصل على جائزة نوبل للسلام، وكان أصغر من حصل عليها. وقد اغتيل في الرابع من نيسان (أبريل) عام 1968.

لقد أسس لوثر زعامة المسيحية الجنوبية، وهي حركة هدفت إلى الحصول على الحقوق المدنية للأفارقة الأميركيين في المساواة. وقد حقق لوثر نتائج جيدة، ولكنه قتل ولديه حلم عبر عنه في خطابه الشهير الذي ألقاه عند نصب لنكولن التذكاري في 28 أغسطس 1963 أثناء مسيرة واشنطن للحرية، كان هذا الحلم أن يعيش ليرى المساواة التامة بين الأميركي الأبيض والأميركي الأسود؛ لتتحول قيمة المواطنة من لون البشرة إلى قيمة العطاء لأميركا. وقد جاء في هذا الخطاب:

“لدي حلم أنه في يوم ما على تلال جورجيا الحمراء سيستطيع أبناء العبيد السابقين الجلوس مع أبناء أسياد العبيد السابقين معًا على منضدة الإخاء… لدي حلم أنه في يوم ما سيعيش أطفالي الأربعة بين أمة لا يُحكم فيها على الفرد من لون بشرته، إنما مما تحويه شخصيته.. لدي حلم أنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خُلقوا سواسية.. دعوا الحرية تدق. وعندما يحدث ذلك، عندما ندع الحرية تدق، عندما ندعها تدق من كل قرية ومن كل ولاية ومن كل مدينة، سيكون قد اقترب هذا اليوم، عندما يكون كل الأطفال الذين خلقهم الله: السود والبيض، اليهود وغير اليهود، الكاثوليك والبروتستانت قد أصبحوا قادرين على أن تتشابك أيديهم وينشدون كلمات أغنية الزنجي الروحية القديمة: «أحرار في النهاية! أحرار في النهاية! شكرًا يا رب العالمين، نحن أحرار في النهاية!».. لدي حلم أنه في يوم ما ستنهض هذه الأمة وتعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها الوطنية بأن كل الناس خُلقوا سواسية.. لدي حلم أنه في يوم ما في ألاباما بمتعصبيها العميان وحاكمها الذي الذي تتقاطر من شفتيه كلمات الأمر والنهي؛ في يوم ما هناك في ألاباما ستتشابك أيدي الصبيان والبنات السود والصبيان والبنات البيض كإخوان وأخوات.. أنا لدي حلم اليوم!”.

وبعد هذا الخطاب بخمس سنوات تم اغتياله. واليوم وبعد أكثر من نصف قرن يبدو أن حلم لوثر لم يتحقق!.

بقلم/ أ.د. فهد مطلق العتيبي

مقالات ذات صلة

‫76 تعليقات

  1. الأحلام للأسف لا تتحقق بالخطابات الثورية، ولا تتحقق كذلك بالقوة، إنها تتحقق بالسعي، وهذا السعي لا ينفي أهمية الكلمة أو قدسيتها، لكنه للأسف لم يُقنع أولئك السادة أنهم أبدًا لم يكونوا أصحاب أرض أو عقيدة أو غيرها، توارث أساطير من قبيل أن العبودية كانت من نصيب السود فقط يجعل من الصعب تجاوز هذه الفكرة في عقول أحدهم والذي يبدأ في النأي بالفطرة عن صاحبه الأسود مؤكدًا أنه لا يرقى للياة.
    العنصرية ضد اللون لم تكن أبدًا فكرة يمكن ضحدها بفكرة مماثلة، لكنها عقيدة راسخة رسوخ الأديان في نفوس معتنقيها والعقيدة لا تدحضها سوى عقيدة أقوى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88