قصة “ليطمئنّ قلبي”
سأل محمد والديه: قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام تحيرني، فكيف يطلب سيدنا إبراهيم من الله أن يرى كيف يُحيي الموتى ليطمئن قلبه، وفي نفس الوقت يأمرنا الله عز وجل ألا نسأل عن أشياء لو عرفناها أحزنتنا؟
هتون / فاطمة الزهراء علاء
عائشة: صحيح يا أبي، فالله عز وجل يقول: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ”، وسيدنا إبراهيم عليه السلام سأل الله عن إحياء الموتى وأراه الله كيفية ذلك ليطمئن قلبه.
الأب: سؤال جميل يا أبنائي، سأسألكما سؤالًا ثم أجيب على سؤالكما، هل في الطمأنينة إيذاء للنفس؟
محمد وعائشة: بالتأكيد لا.
الأم: صحيح، معنى ذلك أن الموقفين مختلفان ولذلك أمرنا الله عز وجل بالتدبر، ومن أحد معانيه عدم تعميم الآيات على كل المواقف، لأن لكل منها مناسبة خاصة.
الأب: سيدنا إبراهيم عليه السلام تمرد على قومه وأبيه وعبادتهم للأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وقبل أن يأتيه الوحي كان يتفكر من خَلَقَ كل ذلك، فلما رأى أحد النجوم لامعًا في السماء في الليل ظن أنه ربه، فلما اختفى هذا النجم علم أنه ليس هو، واحتار في الشمس والقمر إلى أن قال “إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”، وبعثه الله نبيًّا، فكان السؤال ضروريًّا في حالة سيدنا إبراهيم، فهو يؤمن أن من خلق الكون وأبدعه أكبر من الشمس والقمر والنجوم والأصنام التي لا تنفع ولا تضر، فسأل الله أن يريه آية يطمئنّ بها قلبه.
الأم: أما الموقف الثاني، فيُقال أن سبب نزول الآية، هو أن بعض الناس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يسألون أسئلة ليمتحنوا بها نبوة النبي، فأنزل الله هذه الآية. ويُقال إنها نزلت بعد آية “وَللهِ عَلى الناسِ حَجُ البَيتِ”، فالناس بعد نزولها كانوا يسألون النبي هل الحج في كل عام، فكان النبي يسكت لأن الوحي لم ينزل عليه، ولما كرروا السؤال قال: “لا، ولو قلت نعم لوجبت”، فأنزل الله تعالى النهي عن التشدد في السؤال.
محمد: معنى ذلك أن الله لا ينهى عن أسئلة التعلم والمعرفة وكل ما يبعث الطمأنينة في القلب، ولكنه ينهى عن التشدد والسؤال عن أشياء لم يأتِ فيها حكم، أليس كذلك يا أبي؟
الأب: صحيح يا بني، فالإسلام دين يُسر لا عُسر، ودين علم ومعرفة، ودليل ذلك أنك وأختك تسألان عما لا تعلمان ونحن نحاول أن نجيبكما، وإلا لما قال تعالى: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”.
