إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الأساسات الأولى والبنايات

 

طالب العلم الذي يلجأ كل مرّة إلى الاستعانة بالغشّ، بغية استحضار معلومة، أو الظفر بعلامة مشرّفة -ليست من حقّه- هو في الحقيقة امتداد لفساد منظومة بأكملها، كما أنّه سيساهم في إعداد جيل أساس معرفته مبنيّ على جُرُفٍ هارٍ، تنهار به لحظة الحقيقة، حينما يكون بأمسّ الحاجة للثبات. وفي اعتقادي أن الله يثبت الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة. وليس غيرهم ممن آثروا عدم الاجتهاد، أو لم يهتدوا إليه؛ فَضَلُّوا عن الجواب.

الشّاهد في الأمر، قوله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}[التوبة 109]

ولا جدوى من تحصيل العلم النّافع، سواء ما تعلّق منه بأصول الدّينِ، من (توحيد، وعقيدة، وعلم الكلام، أو أصول الفقه) تاركين الأمر لأهله، أو ما تعلّق بعلوم الدنيا، من (فلسفة، وتاريخ، وجبر، وهندسة، وفيزياء، وطب، وكيمياء، وعلم أحياء)، وكلها بالنسبة لي تصبّ في خدمة الإنسان، ولا فرق بين هذي وتلك، إن لم تقترن بأساس متين، قوامه الأخلاق قبل كلّ شيء، لما فيها من احترام للذّات وتنزيهها عن سفاسف الأمور، كالسقوط في براثن الغش.

وعليه؛ فإن طالب العلم المعتمد على الغش في تحصيله للعلم والعلامات، هو فاقد بالدرجة الأولى للأخلاق، ومن ثم لعزّة نفسه وتقديره، بل وتقديسه وتنزيهه لها، فهو أقرب ما يكون شبيهًا بمهندس رفع جدران بناية فوق أرض رمليّة متحرّكة، أو بركانية، بالكاد تعلو حتّى يُسقطها أول انفجار بركاني، فوق رأس بانيها ومن معه من التّابعين (الجيل الصاعد) .

————————————–——

من كتاب مساهمة في النهضة

——————————————

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫76 تعليقات

  1. للأسف لم يعد هناك من يهتم بهذه الأساسات، فنخر السوس فيها مع تنامي المادية في المجتمع.

  2. لا بد أن يقرأ أبناؤنا ما كتبت إن كانت الحياة قد علمتهم كيف يحتالون عليها بما ليس لهم

  3. “أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين”
    صدق الله العظيم، وبارك جهدك.

  4. ولا جدوى من تحصيل العلم النّافع، إن لم تقترن بأساس متين، قوامه الأخلاق قبل كلّ شيء، لما فيها من احترام للذّات وتنزيهها عن سفاسف الأمور، كالسقوط في براثن الغش.

  5. لا بد أن يعلم هذا الجيل أن ما بني على باطل هو باطل، وأن ما لم تعمل له بجد، وإن أتاك فسيؤرقك.

  6. طالب العلم المعتمد على الغش في تحصيله للعلم والعلامات، هو فاقد بالدرجة الأولى للأخلاق، ومن ثم لعزّة نفسه وتقديره، بل وتقديسه وتنزيهه لها.

  7. المشكلة أن بعض الأهالي يفرحون بفعلة أبنائهم تلك، بل ويكبرونهم عليها، ولا أعلم حقيقة من أين تأتى لهم أن يعلموا أن هذه السبيل مجدية مفيدة ?

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88