زوايا وأقلاممشاركات وكتابات

دمعةٌ إلى أمي!

تخجل الصفحات حين يحويها جمال للحرف يصعب معه أن يقف الفكر، والذائقة ساكنين عن الشعور، والتيقن بأن مايقرآه، أو يسمعاه هو من عذب الكلام.

وهذه قصيدة د/ أحمد الهلالي، قصيدة الدمعة، التي عجزت النفس عن أن تذرفها؛ لأنها دمعة على فراق الأم، ذلك الفراق الذي جعل الابن مكلوم الفقد. وغيابها ها هنا جعل الأرض قاحلة من دون تلك البركات والدعوات التي تمطرها بأحمد، منذ أن كان صغيرًا، وحتى بعدما كبر، إلى أن توفاها الله، فبقيت الدمعة صامتة بلا عزاء.

نترككم مع القصيدة.

دمعةٌ إلى أمي!

قامتْ منَ القبرِ فاستدْنَت مِلاءتَها
وهمهمتْ بصلاةٍ لستُ أعلَمُها

وأخْرَجتْ من خِضَابِ السّدرِ فاتحةً
وسورةَ الملكِ من طُهرٍ يُغمّدُها

ورَفْرفَتْ نحوَ بابِ القبرِ داعيةً
أريدُ “أحمدَ”، ليتَ القبرَ يفهمُها

صحوتُ ميتًا بلا روحٍ ولا شفَةٍ
ولا قصيدةِ شعرٍ كنتُ أكتُمُها

روحي بـمقبرةِ ” المَعْلاةِ” واجمةٌ
حول النصائبِ لا حيًّا يكلّمُها

ودمعتي سَوّرتْ ميلادَ قافيتي
حتى تناثَرْتُ كالبِلّورِ أطعَمُها

أُجَاجُها عن مذاقِ الأمِ يفطمُني
يا ليتني عن مدى حلوايَ أفطِمُها

وبسمتي يَتشَهّى نورَها غسقٌ
عُبوسُه بشظايا الليل يرجُمُها

حتى انتهيتُ بلا صوتٍ، بلا لغةٍ
كقريةٍ هربتْ منها معالمُها

أَمُرُّ بالأرضِ كهفًا لا حياةَ بهِ
وإن تمرُّ فكاللاشيء أَزحَمُها

مشتتٌ في شرودٍ هدّ أفئدتي
تُروى على زفرةِ الثَّكْلى مَظالمُها

اللهُ أكبرُ يا أمي وقد غربتْ
شمسُ الأمومةِ وانقضّتْ عوالمُها

لو شابَ شاربِيَ المقهورُ من زمني
ما زال في الرُّوحِ طفلٌ لا يُسالمُها

الطفلُ أحمدُ ما انْفَكّت ملاعبُهُ
تشتاقُ أنواءَك الدَفْأى بَراعِمُها

لا رُوحَ بعدكِ تُسْقيني سحائبَها
إلا ويسبقُ قَطْرَ الماءِ فاطمُها

ها موطني العذبَ غالَ الموتُ صورتَها
حتى استباحَ إطارَ الروحِ صارمُها

فكيف يحيا شريدٌ جفّ موطنُهُ
وكيف تُنبِتُ أرضٌ ماتَ حاكمُها

لكنه اللهُ، صبَّ الموتَ في وطني
عقيدتي أنّ ربي سوفَ يرحمُها.

السيرة لسعادة د/ أحمد الهلالي، تجدونها في هذا اللقاء؛ شاهدوا الفيديو

 

مقالات ذات صلة

‫64 تعليقات

  1. أعظم رثاء هو رثاء أحد الأبوين، وأعظم فقد واحتياج هو فقدهما والاحتياج لهما، مهما كبرنا تظل حاجتنا إليهما.

  2. وبسمتي يَتشَهّى نورَها غسقٌ
    عُبوسُه بشظايا الليل يرجُمُها

    حتى انتهيتُ بلا صوتٍ، بلا لغةٍ
    كقريةٍ هربتْ منها معالمُها

  3. للهُ أكبرُ يا أمي وقد غربتْ
    شمسُ الأمومةِ وانقضّتْ عوالمُها

    لو شابَ شاربِيَ المقهورُ من زمني
    ما زال في الرُّوحِ طفلٌ لا يُسالمُها

  4. رحمها الله واسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، أول مرة أسمع القصيدة، ولكن لم أستطع إكمالها … أبدعت يا دكتور أحمد ?

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88