إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

سيمياء النص الأدبي

المنهج السيميائي حوّل الاعتناء بخارج النص إلى داخله، وجعل نقطة الارتكاز التي ينطلق منها الناقد هي النص، وبذلك حدث تغيير جوهري في الدرس النقدي الأدبي.

السيمياء لغة:

هي العلامة والرمز الدال على معنى، وهي إرسالية إشارية بين جهتين أو أكثر، فلم تكن عرضًا من غير مبرر.

وردت السيمياء في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِۚ﴾ الفتح (29)، وقال تعالى: قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ البقرة (273).

السيمياء اصطلاحًا:

هي الكشف عن العلاقات الدلالية غير المرئية داخل النص،كما يراها سعيد بنكران أنها: دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية.

والتحليل السيميائي يقوم على قراءة النص من جميع زواياه، ويركّز على الرمزية والدلالات، وربط النص بالواقع، وتختلف القراءة من ناقد لآخر، وهي مجال للإبداع في تحليل النصوص الأدبية.

وهناك خطوات مهمة في التحليل السيميائي، منها:

سيمياء العنوان والغلاف: اهتم النقاد بعتبات النص كالغلاف والعنوان ومدى ارتباطها به، وقد نتج عن هذا الاهتمام أنها دُرست دراسة فاحصة تستخرج ما بداخل النص من مقاربات بينها وبين إيحاءات النص، فمن المعلوم أن المؤلف لم يخترْ لون الغلاف أو العنوان عبثًا، بل تحمل دلالات وجماليات، لذلك لا بد أن يدرس الناقد جميع الإشكالات تجاه العنوان أو الغلاف، فمثلًا:

مم يتكون؟ هل جاء من النص؟ وما الدلالات التي يرمز إليها؟

سيمياء الأسماء: هناك دلالات معينة لبعض الأسماء، مثل: خالد يدل على الأبدية والبقاء، وأحمد يوحي بالشكر والثناء.

وللقيم السيميائية دور بارز في إظهار الحقول الدلالية، ومنها السمات الطبيعية في النص، كالمطر، والسحاب، والنبات، والصحراء، لها دلالات معينة في النص الأدبي، لم يوظفها المؤلف اعتباطًا.

والسمات التواصلية كالظعن، والضيافة، والبداوة، والحضارة، لها ملامح في النصوص الأدبية، وهي تحمل رموزًا يرمي إليها المؤلف، وكذلك السمات الذاتية في النص لها مدلولات متربطة بالمؤلف، منها الحب، والشوق، والشيب، والفقر، والموت، ولها إشارات نفسية متجانسة مع نظرية التحليل النفسي، ولعل سيميائية التشاكل والتباين تستنطق الخطاب وتعتمد على تحليل مستويات النص، ومن ذلك الوقوف على السمات الصوتية كجرس الحروف والتنغيم والنبر والإيقاع داخليًّا وخارجيًّا، والسمات المعجمية من (كلمات، وحروف، وتصريفات، ومشتقات، وجمع، وتثنية، وتذكير، وتأنيث، … وغيرها).

وتعيد السميائية إنتاج النص مع كل قراءة، وتعتمد في تحليلها على اعتبار يحتوي على بنية سطحية وبنية عميقة يجب تحليلها وبيان ما بينهما من علاقة، ويمكن أن نصل لذلك من خلال السمات التركيبية في النص، منها الجمل والتراكيب النحوية والبلاغية والأساليب، أما السمات الدلالية فتبين المضامين والأغراض والتأويل والمعنى السياقي، وللسيمياء الجمالية ومكوناتها أهمية كبرى سواء الصورة الحسية أو مصادرها أو دلالاتها، ويكشف التناص الداخلي عن مظاهر التكرار في النص، والخارجي عن مدى التناص مع القرآن الكريم والتراث، وأيضًا تناص اللفظ والمعنى والصورة، ولا يقل الانزياح أو العدول والتركيب الاستعاري والتراسل أهمية عما سبق، فله مؤشرات وعلامات خاصة يستنتجها الناقد، وكذلك تكرار الحروف والكلمات والتراكيب والدلالات، وسيمائية الرمز والعلامة والإشارة والأسطورة، والتضاد التركيبي والمعجمي والدلالي، كل هذه يضمنها مؤلف النص، فيكون لها دلالات ومعانٍ وإشارات يكتشفها الناقد ويبرزها للمتلقي.

إذن السيميائية أعادت للنص الأدبي قيمته واعتباره وجعلته مركزًا للقيمة في العمل الأدبي، وابتعدت عن الانطباعية والذاتية.

بقلم/ د. سلوم النفيعي

مقالات ذات صلة

‫103 تعليقات

  1. نفع الله بك دكتور سلوم
    تقوم بعمل جليل بتبسيط مناهج النقد الحديث لغير المتخصصين

    بارك الله فيك

  2. كعادتك يا دكتور سلوم مقالة متخصصة ومتكاملة وخالية من العيوب كـ اسمك … ولعلك تتذكر يا دكتور مقولة أجدادنا ( لكل شخص من اسمه نصيب) هي في الحقيقة مقولة صائبة بمعيار المنهج السيميائي.

  3. وتعيد السميائية إنتاج النص مع كل قراءة، وتعتمد في تحليلها على اعتبار يحتوي على بنية سطحية وبنية عميقة يجب تحليلها وبيان ما بينهما من علاقة.

  4. أحيانا كثيرة ونحن نقرأ نقد موضوع معين نفتقد فيه الموضوعية وتبرز فيه الذاتية، ولذلك لا بد من اتباع السيمائية.

  5. والسمات التواصلية كالظعن، والضيافة، والبداوة، والحضارة، لها ملامح في النصوص الأدبية، وهي تحمل رموزًا يرمي إليها المؤلف، وكذلك السمات الذاتية في النص لها مدلولات مرتبطة بالمؤلف، منها الحب، والشوق، والشيب، والفقر، والموت، ولها إشارات نفسية متجانسة مع نظرية التحليل النفسي.

  6. المنهج السيميائي حوّل الاعتناء بخارج النص إلى داخله، وجعل نقطة الارتكاز التي ينطلق منها الناقد هي النص، وبذلك حدث تغيير جوهري في الدرس النقدي الأدبي.

  7. أشكر كل من قرأ وعلق،وأنتم الدافع الرئيس للكتابة،ومنكم نستمد الإبداع،واطلاعكم يزيدني فخرا وشرفا وعزيمة .
    أما مراجع السيميائية منها :
    التحليل السيميائي للخطاب الشعري ،عبدالملك مرتاض
    العلاماتية وعلم النص،منذر عياش
    تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص ) محمد مفتاح
    شفرات النص ،صلاح فضل
    محاضرات في السيمياء ،محمد السرغيني
    ودراسات وبحوث تطبيقية متوفرة على الشبكة العنكبوتية .
    شكرا لكم أحبابي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88