زوايا وأقلاممشاركات وكتابات

أنا ومن بعدي الطوفان 

أتى مطأطئ الرأس على غير عادته، يقلب تلك (السبحة) ذات اليمين وذات الشمال، ولسان حاله يطرح تساؤلًا عجز عن فك شفرته، ومعرفة أسبابه، وماذا صنعت أفكاره، وأي فعلٍ قام به ليكون هذا جزاؤه، أي جحود وأي نسيان ونكران استخلفه منتظرًا حصاده وقطف ثمار ما غرسته يداه.

كنت أسمعه يردد هذه الكلمات محدثًا نفسه! ولكنها وصلت إلى مسامعي دون أن تنطق شفتاه حرفًا واحدًا، صداها فاق الأفق تعجبًا وسخرية.. يا لا أفعال القدر!، ثم أخذ موضعه مبتسمًا كعادته  مستهلًّا: كيف تراني اليوم وأنا أُحدث نفسي؟!

عندما تكبر الأنا وتصبح مصالحك وذاتك أكثر أهمية من غيرك تريد كل شيء لك، وتشعر بأن حقك أولًا وثانيًا، ومن بعدك يأتي من يأتي؛ فهذه أنانية مطلقة ليس لها تفسير، إن تمكنَتْ منكَ، وأصبحت جزءًا من شخصيتك، وكأن الحياة لم تخلق إلا لخدمتك وتلبية مطالبك، ونحن نقوم على رعايتها إيمانًا برسالتنا وليس اعتقادًا منك بأن كل من حولك خادمًا لمصالحك وهذا واجبه.

المؤلم عندما يأتي أحد أبنائك، ويظن بأن ما تقوم به من أجله حقًّا مكتسبًا له ويجب  القيام به، وهذه هي سنة الحياة أنت المسؤول عن تأمين حاجتي وإلا لن تكون مثل كل الآباء.

أيها الأناني لست أنت من يحدد (أبوتي)، ولن أحتاج  غرًّا لا يفقه معنى من أكون كي يحدد كينونتي. أيها الأناني الشقي ربما لحظات طيش هاجت وفعلت بك فعلتها فأنزلتك منزل الوقح المندفع على غير هدى، لا تستطيع العودة بعدها خافضًا جناح الذل من الرحمة (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا).

أيها الوغد الصغير قبل أن تحاول النطق لم تكن تعلم أي ألم عانيت ومسيرًا سلكت، حتى تقف أمام من أخطأ من غير قصد في تربيتك، فكان الدلال مذهبك ولبنة مصنعك فكانت النتيجة مسخ يقف أمام من وهب نفسه وطاقته وجهده في زراعة أرض سبخة لن ترتوى ولن تنتج غير أملاح لو ذرت في عين الشمس لأفلت. وصرخت كسوفا من رؤية محياك.

(أبا جهاد) ارفع رأسك عاليًا.. فلم نخلق لمثل هذا، هي رسالة وصلتك على العنوان الخطأ، وتستطيع إعادتها لأصحابها مع باقة ورد ودعاء.

ومضة:

يقال لماذا ندفن رؤوسنا في الرمال؟! أليس علينا إيجادها أولًا؟

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️

بقلم الكاتب/ عائض الأحمد

مقالات ذات صلة

‫102 تعليقات

  1. عندما تكبر الأنا وتصبح مصالحك وذاتك أكثر أهمية من غيرك تريد كل شيء لك، وتشعر بأن حقك أولًا وثانيًا، ومن بعدك يأتي من يأتي؛ فهذه أنانية مطلقة ليس لها تفسير

  2. موضوع مميز.. واقعي فعلا… بالتوفيق أبومحمد وإلى الامام.. مقالة تلامس القلوب والمشاعر??

  3. ارفع رأسك عاليًا.. فلم نخلق لمثل هذا، هي رسالة وصلتك على العنوان الخطأ، وتستطيع إعادتها لأصحابها مع باقة ورد ودعاء

  4. فكان الدلال مذهبك ولبنة مصنعك فكانت النتيجة مسخ يقف أمام من وهب نفسه وطاقته وجهده في زراعة أرض سبخة لن ترتوى ولن تنتج غير أملاح لو ذرت في عين الشمس لأفلت
    تصوير جد رائع سلمت يداك

  5. أيها الأناني لست أنت من يحدد (أبوتي)، ولن أحتاج غرًّا لا يفقه معنى من أكون كي يحدد كينونتي
    حوار رائع في المقال

  6. جميل أن ترى الخير في يد الآخرين فتدعو لهم بالبركة والسعة، وترى الأولاد في حضرتهم فتدعو لهم ببرهم وأن تكبر فتقدر جميل والديك عليك، جميل أن تظل إنسانا يحمل من المعاني الإنسانية أجلها وأجملها، لا أن تغيرك الأحوال فتمتثل بأنا ومن بعدي الطوفان!

  7. للاسف بعض الأبناء لا يقدرون تضحيات والديهم من أجلهم، ويحاسبونهم على كل صغيرة وكبيرة وكأنهم ليسوا بشرا يخطئون ويصيبون!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88