إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عندما يزاحم الحُب طرف آخر

عندما يرحل الحب تبقى الكلمات مؤلمة، وجرح الذات طريق عميق، يخلق فجوة ينبعث منها شعور غريب، يحمل الانهزامية، ورغبة الانتقام، هي مشاعر نشأت مقابل خيانة زوج، أو بالأصح غدر الزوج.

عندما يسرق الزمن عمر المرأة، وتصبح مرتعًا للأبناء، وقلبها حديقه خضراء للأحفاد، وقد تعبت في تأسيس وترسيخ قواعد بيت زوجها، حتى جعلت بنيانه متينًا، لا يتخلله صدعٌ، مسقوف بعناية؛ لمنع تسرب الماء، بذلت الغالي والنفيس ليكتمل هذا البنيان في أفضل صورة، تصبح في حاجة للهدوء والراحة في حياتها، تنتظر شريك العمر يشاطرها الراحة وجني الثمار معًا.

رسمت خط سير جديد، (لقد أعطيتُ الكثير والكثير، ربيت وضحيت، والآن كبر الأبناء، وصاروا على قدر المسؤولية والعناية بأنفسهم – هكذا تحدثها نفسها – يجب أن أبحث عن راحتي ما تبقى من عمري، أعود لسنوات الزهور، كما كنت بالعشرينيات، أخرج مع صديقات الطفولة، وجيراني، فقد اعتذرْت عن لقاءاتهم كثيرًا، متعللة بظروف الحياة، وتربية الأبناء وواجباتهم المدرسية، حرمت نفسي من أجل مصلحتهم، وأحمد الله على نعمته لم يخيب الله لي تعبًا فيهم).

لكن بعد كل ما عانته وقاسته، يأتي الزوج بصدمة أليمة، معلنًا زواجه بأخرى ليرحل معها، ويبدأ حياة جديدة، تاركًا زوجته الأولى، وكأن مهمتها قد انتهت .. فقد ربت الأطفال ورعتهم على أكمل وجه، وكانت مكافأته لها أن تزوج بأخرى تاركًا لها القهر والصدمة والانهزامية، والشعور بالظلم. بعد سنوات من السهر والتعب يكافئها بزوجة أخرى، متعللًا بأن هذا حقه الشرعي، وفي الحقيقة أن هذا ليس شرع الله بل ما شرعته أنفسهم، فقد قال المولى عز وجل في كتابه العزيز {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}، وما يفعلوه بعيدًا كل البعد عن مفهوم العدل المذكور في القرآن الكريم.

كما يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه العزيز (فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ)، أين أنت يا رسول الله؟ لترى أن الدلال والاهتمام يكون لطرف دون الآخر، فلا خوف من الله ولا محاسبة لذات.

فيا كل زوج تبتغي الزواج بأخرى، اتق الله في زوجتك، فقد وصى رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – قبل وفاته بالنساء خيرًا ، وقد منع النبي – عليه الصلاة والسلام – علي بن أبي طالب رضى الله عنه من الزواج على ابنته فاطمة عليها السلام.

أيها الزوج، إذا كانت الزوجة قائمة على أمورك، مؤدية حقوقك، ورُزقتَ منها بالذرية، فلمَ كسر النفس، وتحطيم الفؤاد، والخذلان، فوالله لم يفلح زوج تزوج على زوجته من أجل إثبات رجولته، وللأسف كثيرون بعمر الخمسين يقدمون على الزواج لهذا السبب، فالحياة ليست مجرد معاشرة، وإنتاج للأبناء، الحياة أسمى من ذلك بكثير.

ليت كل من فكر في الزواج بأخرى أن يتذكر نفسه بعد مرور عام، كَم الآثام التي ارتكبها، فقد خذل وقهر إنسانة ضحت وربت أبنائه .. كان كل مرادها أن تعيش ما تبقى من عمرها مع زوجها في هدوء وسلام وآمان نفسي.

كم من الرجال عندما يبلغ من الكبرعتيًّا، يعود للقلب الحنون (أم أبنائه) لترعاه وتقوم على شئونه، عازفًا قيثارة الندم، طالبًا السماح عما مضى، فاعلم أنها قد تسامحك بلسانها، لكن ما سببته لها من جرح لا يبرى، وتبقى علامته كالكي واضحة، ولكنها الرحمة والمودة التي استهنت بها أيها الزوج، بقت لتحملك على أكفها وترعاك مخافة من الله.

اتقوا الله في نسائكم، واعلموا أن الشرع ما أحل أمرًا فيه ضرر لمخلوق قط، لكنها نفوسنا البشرية، التي تأخذ من الشرع ما يتفق مع الهوى .. عافانا الله.

☘️??☘️??☘️????☘️??☘️??

بقلم الكاتبة/ نوال بنت محمد الحربي 

مقالات ذات صلة

‫24 تعليقات

  1. موضوع مهم فعلا، وفيه كثير من الجدل، فقط في حالة عدم العدل والميل كل الميل لواحدة دون أخرى يكون من الظلم للزوجة أن يتزوج عليها زوجها.

  2. كلمات جميلة، ولكنها مؤلمة ومحزنة، فكم من تجارب مماثلة نعيشها واقعًا نرى أشخاصها ولا نستطيع أن نمد لهم يد المساعدة!

  3. للأسف تعدد الزوجات في بعض المجتمعات من باب الوجاهة الاجتماعية، وبعضهم يعتبرها سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم!

  4. سمعت من أحد الشيوخ أنه يطبق مع أهل بيته (أولاده ذكورا وإناثا) ما طبقه رسول الله مع السيدة فاطمة رضوان الله عليها، فرفض أن يتزوج ابنه بثانية وأخذه بغلظة وشدة أب حكيم ما دامت زوجته تقوم على واجباته.

  5. موضوع شيق ..تعاني منه مجتمعاتنا حقا فلابد من التركيز عليها وحل ذلك الاشكال الذي ينم عن عدم وفاء

  6. نص جميل

    عندما يرحل الحب تبقى الكلمات مؤلمة، وجرح الذات طريق عميق، يخلق فجوة ينبعث منها شعور غريب، يحمل الانهزامية، ورغبة الانتقام، هي مشاعر نشأت مقابل خيانة زوج، أو بالأصح غدر الزوج

  7. ونعم النصيحة

    اتقوا الله في نسائكم، واعلموا أن الشرع ما أحل أمرًا فيه ضرر لمخلوق قط، لكنها نفوسنا البشرية، التي تأخذ من الشرع ما يتفق مع الهوى .. عافانا الله.

  8. ونعم النصيحة التي حري بنا ان نتأملها

    اتقوا الله في نسائكم، واعلموا أن الشرع ما أحل أمرًا فيه ضرر لمخلوق قط، لكنها نفوسنا البشرية، التي تأخذ من الشرع ما يتفق مع الهوى

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88