إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

بعض الحب احتياج

كانت تحتاجه يوم اجتاحها بعض الحب احتياج.
تلك التي عبرت في متاهاته وانتهت الى وحل ظنونه، لم تمسك شغفها به عندما ساقها إلى حتفها، وانتهت في أدغاله أسيرة لا غير، إنها توشك أن تنساه فتتذكره، لا لشيء إلا لأنها تحبه رغم كل المفارقات، ورغم وجعها منه، يستعصي عليها نسيانه، وحين تهم لذلك تتذكره، نعم وتذكره بكل خير وتنسى إساءاته لها، تتذكره بكل تفاصيل الاحتياج، وتمرر رسائل شوقها له، واحتياجها لقربه مع كل ليل يهطل على قلبها فرحًا به.

تربَّص بطفلتها التي عشقته، وطالت بها المسافات للولوج إلى عالمه الغامض .. ولم تلج، وسالت عبراتها منه، كانت لتقول له: (أحبك فما فعلت، وانتهت بها المتاهات لحقيقته؛ ولم تصدق).

قالت: “أنت أناني نعم، كباقي الرجال بل أكثر منهم، لأنك محوتني من الوجود ولم تقرأ ما في وجداني … وحل حبك، ماذا أفعل أنا بكل هذا الهراء؟.

كنت أحسب أن الحب أروع شيء يمكن أن يحدث معي يوم تعثرت بك، احتجتك لا لأجل شيء، بل لأنك كل شيء، لأنك النور لقلبي، والاستقرار لحالي، والإشراق في وجداني، قريب مني وبعيد في نفس الوقت.

احتجتك لأن حياتي من دونك فراغ، ليس لها معنى، لم أعد أقدر على الصبر .. أنا أموت.

اخترت الرحيل، لا..

حدثت نفسها لتهدأ من روعها: “لا تستسلمي للوهم، حاولي التأقلم مع الحقيقة، ليست النهاية إنها البداية، اجعلي من كل حياتك بدايات جميلة بالأمل، وتفاءلي خيرًا تجديه”.
بعد كل هذا العمر، استسلمت للوهم بل لكل الأوهام، ما كانت ترى الحقيقة وهي عاشقة، نعم فالحب كما يقال عنه (أعمى)، أرادت أن تشفى مع الوهم، وانتعلت الصبر حذاء لها، ولبست ثوب الأمل.

هي مخطئة لأنها ضيعت عمرها في الوهم، كان بإمكانها الحفاظ على الحقيقة المرة وفقط، الحقيقة العابرة إلى بر الأمان.
رغم كل النهايات البائسة تبدأ حكايتها معه بذكرى جميلة، ورغم دمعتها الحارقة على خدها الجميل؛ تتمنى حضوره في الحال، وقلبها المتيم به يتلهف شغفًا بقدومه، كأنه أتى معذبها؛ تستعد دقات قلبها العجولة لانتظاره.

آه لم يأتِ…

تصرخ بلا صوت، ثم تخفي وجعها أمامها وتخبت.
يتقاذفها موج هواه، وتأخذها نسمات عشقه إلى الهلوسة، تتخيله أمامها، تتحدث إليه، تخاصمه بالكلام وتتخيله مرة أخرى يربت على كتفها، ويحتضن طفلتها ولا يغادرها.

إنها تعي تمامًا ما بها؛ وأن ما من شيء يضاهي حزنها عليها، حين التحفت الوجع منه، وتغطت به، ليتها كانت باردة كما حيطان غرفتها، كما قلبه.
ضمت صمتها إليها وبكت بحرقة على ضياع زهرة شبابها ثم خبتت.
إنها لم تتحسب لعاطفة تعصف بكيانها، وتجرف وجودها يوم انعطفت إليه ومضت إلى رحابه.
ما من شيء صدها وهي توغل إليه بهوجائها؛ ذاهبة حتمًا إلى حتفها، يتعقبها الوجع وهي حافية من الحذر يوم ارتدت ظلمة بعينيها، وغشاوة ببصيرتها.

الكاتبة الجزائرية/ فتيحة رحمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88