إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

حتى تحتفل السعودية بيومها الوطني القادم

تنتشر في المملكة العربية السعودية الرايات الخضراء التي تحمل علامة التوحيد معلنة هوية الدولة وتاريخها، هذه البيارق التي ترتفع في كل حي وشارع من شوارع المملكة العربية السعودية تذكّر القاصي والداني بأرض الحرمين الشريفين، وهي عناوين يطمع كل صغير وكبير من أهل المملكة وسكانها وضيوفها بأن تكون بدلالات فارقة، وبصورة تبعث الأمل في نفوس العامة لمستقبل أكثر إشراقًا وحيوية وانطلاقًا.

إن ما عاشته المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة من محطات تاريخية، وتحولات في توجهاتها الداخلية والخارجية وسياساتها العامة والخاصة، وضع القيادة السياسية في المملكة أمام تحديات تاريخية كبيرة، ومسؤوليات جسام، ومن واجبنا كإعلاميين ومحللين ومتخصصين في الشأن الإعلامي أن نسلط الضوء عليها بكل موضوعية ونخاطب في كلماتنا العام والخاص، لعلنا نسهم بما لدينا في نهضة ونمو بلداننا الغالية.

إن احتفالات هذا العام تأتي في ظل ظروف غاية في التعقيد تحيط بالمملكة العربية السعودية من كل الجهات، تحديات استراتيجية وليست تكتيكية أو مصطنعة، وهذا معناه أن التحدي الخارجي يستلزم الحافز الداخلي بكل تأكيد، فالضغوطات الخارجية والمحطات المتأزمة في تاريخ الدول كان ولا زال لها أثر كبير في بناء الشخصية الوطنية، وهو المأمول في ظل هذه التحديات الجسام.

هي مسؤولية كبيرة تتصل بالوعي العام الذي يجب أن ينتشر بين شرائح المجتمع الهامة، لا سيما الشباب والمرأة، من خلال النخب الإعلامية والمؤسساتية، لصناعة جيل يفهم حقيقة الوطن والدولة والهوية، وهنا يتكامل دور البيت، والمدرسة، والإعلام، ومؤسسات الدولة المؤثرة، ووزاراتها الفاعلة، فلا معنى للاحتفالات إذا كانت مفرغة من مضامينها، وأول وأهم مفهوم اليوم هو واقع ومستقبل المملكة العربية السعودية.

وحتى يوم الاحتفال القادم من العام القادم في نفس التوقيت، لا بد لنا أن نضبط المؤقت، ونبدأ بترسيم المشروعات الحقيقية البناءة التي من شأنها أن تهتم بالعلم كركيزة أساسية، والتعليم كسياسة عليا، والإبداع كاستراتيجية، وإلا كانت المملكة العربية السعودية بكل ما لديها من مميزات وسمات فارقة في الموقع والجغرافيا والقدرات الاقتصادية والبشرية والتفاعل الدولي عرضة للخطر الكبير، وهذا يعني البدء بمشروع استراتيجي شامل يسبق كل مشروع، وهو إشراك الشرائح المجتمعية الفاعلة في صناعة القرار والمشاركة المجتمعية في العمل المؤسسي والتفاعلي مع وزارات الدولة ومؤسساتها، حتى لا يغني كل على ليلاه.

إن ضبط البوصلة في المملكة نحو البناء الشامل، وصناعة الإنسان، والحفاظ على الكرامة والحقوق والمواطنة والتشاركيةيعني ميلادًا جديدًا للمملكة؛ يجعلها قادرة على تجاوز كثير من العقبات الجاثمة في مسارها، فالإنسان العاقل الواعي هو أساس التنمية، وسر النجاح والتميز، وهو الذي يجعل من المؤسسة والوسائل الإعلامية ومنابر العطاء والتواصل بيئة خصبة لتبادل الآراء والتفاعل والتفكير العام في المشروعات الإيجابية التي يمكن للدولة أن تطرحها بشكل واسع، وبما يهم شرائح المجتمع الأساسية.

دعوني هنا في هذا اليوم المهم في المملكة أن أسلط الضوء على ملف التكوين البشري لقطاع المرأة على سبيل المثال، وحجم الأثر المترتب على بناء الأجسام المؤسسية الاقتصادية والاجتماعية النسوية القادرة على التشبيك الناجح مع المؤسسات النسوية في الخليج العربي ودول العالم المختلفة، فهناك تقصير كبير في الاهتمام في المسارات التكوينية، وعناوين الاهتمام، ومجالات البناء التراكمي لدى المرأة السعودية لتكون قادرة على تشغيل وإدارة ملف العمل المؤسسي والإعلامي والنخبوي الهادف.

وحتى تحتفل المرأة بيومها الوطني عليها أن تكون عنصرًا فاعلاً فيه؛ فالوطن وطنها كما هو وطن الرجال، والمسؤولية مترتبة عليها كما هي مترتبة على الرجل، فالتعويل على روافع النهضة، كالشباب والمرأة والأكاديميين والنخب الإعلامية المتخصصة ورواد العمل المؤسسي الإبداعي هو تعويل سليم وناجح، ويعطي لهذه الأيام – التي تهمنا – قيمة إضافية بعيدة عن البعد الشكلي والنمطي الروتيني، وتبث فيها الروح الحقيقية من خلال كونها تمثل الكل الشعبي، وتبث الحياة في جسد المؤسسات الثقافية والاجتماعية والتفاعلية في المجتمع، لتقدم كل مؤسسة رؤيتها ومجالات إبداعها وتوجهاتها في التميز عن نظيراتها، وبذلك يتحقق التنافس الإيجابي في المجتمع، ويبدأ الشباب بأخذ دورهم، وتسهم المراة بالتعبير عن رؤاها، ويكتشف المجتمع كمّ العقول المميزة التي لديه بعد تمييز الغث من السمين.

وإن كنت أبرق بالتحية والتهنئة  للحكومة السعودية، ولكل الإخوة والأصدقاء والأعزاء السعوديين، والذين يهمهم دور السعودية الحقيقي والدور المنتظر منها مستقبلاً في داخل السعودية وخارجها، فإني أسأل الله أن تكون هذه الأيام بدايات تتجدد فيها الآمال وتخف فيها الآلام والجراحات، وأهديكم شغاف القلب حبًا.

وأنثر نحوكم شدو العيون، وأن يشمر الجميع عن سواعد الجد والاجتهاد؛ لبناء مستقبل جديد، فساعة الزمان لا تنتظر أحدًا ، ولا تقبل مبررًا ممن يحترف التبرير والتسويف.

??????????????????????????

بقلم الكاتب والمستشار الإعلامي  التركي دكتور / نزار الحرباوي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88