إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

آثارنا ومتاحفهم .. التراث المنهوب

سبعمائة قطعة أثرية مصرية كان يضمها متحف ريودي جانيرو بالبرازيل الذي تعرض مؤخرا للاحتراق بصفة شبه كلية ما أعاد للواجهة الجدل القديم حول تراث المنطقة العربية المنهوب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.                 

لقد كانت  قوانين الآثار المصرية لما قبل عام 1983 كارثية على التراث المصري وخصوصا قانون 1951 الذي سمح وبصفة شرعية بتقاسم المنقبين الأجانب لنتائج حفرياتهم مع الدولة المصرية وهذا بضغط آنذاك من البعثات الدبلوماسية الغربية بالقاهرة وخصوصا الأوروبيةمنها، وإضافة إلى هذا فقد قام حكام مصر على اختلاف توجهاتهم السياسية بمنح المئات من التحفالأثرية التي لا تقدر بثمن كهدايا إلى نظرائهم الأوروبيين بدءا من محمد علي ووصولا إلى جمال عبد الناصر، ونتيجة لذلك فقد خرجت آلاف من هذه التحف من مصر وهي اليوم تزين مختلف متاحف العالم بما فيها متحف ريو دي جانيرو الذي كان يضم أهم مجموعة مصرية بأمريكا اللاتينية.                   ويعود تاريخ سرقة تراث مصر إلى الفترة الرومانية لما قام أباطرة الرومان بنهب العديد من القطع الأثرية انبهارا منهم بالحضارة المصرية ورقيها، وهي نفس عمليات السلب التي نفذوها بمختلف مستعمراتهم بالشرق الأدنى وشمال إفريقيا وإن بصفة أقل نظرا للثراء الكبير لمصر في مجال التراث المادي، ولعل المسلات الفرعونية المتواجدة حاليا بروما أكبر دليل على هذا النهب المقصود.   

 غير أن الاحتلال الفرنسي لمصر كان بمثابة الوباء الأكبر على تراثها حيث قام الفرنسيون بنهب هجي لكم هائل من المواقع الأثرية المصرية بما تحويه من كنوز لا نظير لها في العالم وأرسلوها إلى مختلف متاحفهم وعلى رأسها اللوفرالذي يصفه البعض بـأكبر متحف للسرقات في العالم حيث أنه يضم كنوزا أثرية منهوبة من مختلف البلدان التي احتلتها فرنسا، وتقول بعض المصادر أن هذا المتحف يحتوي لوحده اليوم أزيد من 100 ألف” قطعة أثرية مصرية يعتبر بعضها من أجمل ما اكتشف من آثار مصرية على غرار “مسلة كليوباترا” و”قناع نفرتيتي الذهبي” و”تمثال رمسيس الثاني”.                                                                        

وعلى منوال الفرنسيين سار أيضا البريطانيون الذين تنافسوا معهم في من ينهب أكثر لدرجة أن المتحف البريطاني بلندن يضم بدورهاليوم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية وفقا لتقاريرمصرية في هذا الشأن، وإضافة إلى متاحف فرنسا وبريطانيا تتواجد أيضا هذه الآثار بمتاحف أوروبية وأمريكية لا حصر لها، وأيضا بإسرائيل التي سرقتكما هائلا منها عقب احتلالها لشبة جزيرة سيناءوالتي تعتبر أيضا سوقا رائجة جدا لمهربي الآثار بمصر والمنطقة، ولا يزال نهب هذا التراث متواصلا إلى اليوم وخصوصا منذ “ثورة” يناير 2011 حيث ينشط أفراد وعصابات إجرامية بشكل محترف في بيعه إلى هيئات وأفراد بالبلدان الأوروبية الكبرى مقابل أموال طائلة لدرجة أن الأثري المصري المعروف زاهي حواس صرح مرة بأن بلاده فقدت إلى اليوم “ثلاثين بالمائة” من تراثها المادي المكتشف.                                                                        

إن مصر هي عينة فقط عما يجري من نهب وسلب لتراث المنطقة العربية فهناك بلدان أخرى ذات تاريخ حضاري عريق كسوريا والعراق فقدت بدورها ومنذ بدايات الانتفاضات الشعبية فيها ما لا يعوض أبدا، تراث ضخم هرب في أغلبه إلى البلدان الغربيةوالولايات المتحدة و”إسرائيل” وبدون رجعة، لقد دعا الكثير من الأثريين العرب إلى التحرك الجدي للحفاظ على هذا التراث كما عقدت العديد من المؤتمرات المحلية والدولية التي أشرفت عليها “اليونسكو” وغيرها غير أن هذه الجهود لم توازي يوما ما هو جار على أرض الواقع من سطو مستمر ومحو مقصود للذاكرة.

——————————————

بقلم الكاتب الجزائري

أدريس بو سكين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88