11المميز لديناإسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الإعلام والمدرسة وتعميق الانتماء للدين والقيم والوطن

يرى كثير من الباحثين والدارسين في المجال التربوي والسوسيولوجي أن وسائل الاتصال والإعلام ذات أهمية كبيرة في غرس مبادئ وقيم فاضلة من شأنها أن تؤدي إلى الرقي بمجتمعاتنا ومن ثمة بمنظومتنا التربوية والتعليمية.

ولبلوغ هذه الأهداف، يجب على مؤسساتنا التعليمية والتربوية أن تعمل جنبا إلى جنب مع باقي المؤسسات التي تشتغل في الحقل التربوي، ذلك أن المنهج السليم في بناء الأمة الحضاري، والمحافظة على هويتها وخصوصيتها الثقافية التي تضمن بها لنفسها الاستمرارية في الوجود، كما قال ذ. علي الصبحي، عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء “هو أن تتوحد جميع مؤسسات المجتمع التربوية من الأسرة والمدرسة والإعلام… حول منطلقات ثابتة وأهداف واحدة، بحيث تكون متناغمة في أدائها، منسجمة في وظيفتها، أما أن تعمل كل مؤسسة بكيفية نشاز، وتغني خارج السرب كما يقال، ووفق منطلقات فكرية مقطوعة الصلة بالأصول الثقافية المحلية، ووفق أهداف لا تنسجم مع تلك الأصول، ولا تخدم بناء الإنسان، وبناء المجتمع المتماسك، المعتز بانتمائه إلى دينه ووطنه، فإن العقد، لا محالة، سينفرط، وتسود الفوضى، وتعم النزعة الفردية والأنانية المقيتة، والتفكك الأسري والاجتماعي، وتختفي معالم الشخصية، وتذوب في طاحونة العولمة، وتفقد وجودها وتصبح في خبر كان”.

ويمكن لقطاع التعليم إلى جانب ذلك، أن يستثمر التقنيات الحديثة للاتصال والبث الفضائي والأنترنت والمعلوماتية في تطوير الإنتاج المعرفي في مختلف أسلاكه وشعبه وفي إعادة إنتاج وتوظيف هذه المعارف بما يسهم في الارتقاء بالوعي وخلق عائد اقتصادي، كما أن تطوير تقنيات الأداء الإعلامي في الشكل والمضمون سوف يسهم هو الآخر في تفعيل دورهما في تشكيل النظام الاجتماعي وتوجيهه ومحاولة الرفع من المستوى الفكري والجمالي والذوقي للأفراد والجماعات، فضلا عن المساهمة في صياغة الهوية الحضارية للمجتمع، وحفز الوعي والإبداع والإنجاز وتحقيق أهداف التنمية الإنسانية.

فالقواعد التى تم وضعها لضمان الالتزام بأخلاقيات مجتمعاتنا الإسلامية، إنما تتفق وطبيعة هذا المجتمع خاصة من منظور القيم الثقافية بما فيها من بعد أخلاقي واضح، ومن المفترض أن تنعكس هذه القواعد على المواد الدرامية التى يقدمها التليفزيون مثلا، بحيث يدرك المشاهدون أن هذه المواد لا تحبذ ما يناقض الأخلاق، خاصة وأن ذلك ينسحب ليس فقط على رؤيتهم بشأن الدراما التليفزيونية وإنما أيضا على أهمية دور التليفزيون في المجتمع، فإذا كان العنف من السلوكيات التي تكون مرفوضة أخلاقيا، فإن التليفزيون كثيرا ما ينتقد على أنه من المصادر التي تساعد على انتشار السلوكيات العنيفة، وهناك دراسات حديثة خلصت إلى أنه في ظروف معينة يكون التليفزيون عاملا مساعدا على استدماج ثقافة العنف في سلوك الأطفال وشخصياتهم، كما تتزايد الدراسات المعنية بالدراما التليفزيونية تحديدا من منظور أن كثرة مشاهدتها تخلق وتنمي إدراكا متزيدا للسلوك العدوانى.

الأمر الآخر في أخلاقيات الدراما عموما بما في ذلك الدراما التليفزيونية، كما تقول إعلامية مصرية، يتعلق بالصورة التي تعكسها لشخصيات من فئات اجتماعية معينة، لقد استحوذت هذه القضية على اهتمام كبير من جانب الباحثين والجهات المعنية بالثقافة والاتصال، فكثيرا ما تنتقد الدراما التليفزيونية على أنها تتضمن مشاهد تعكس صورة ذهنية سلبية عن المرأة، أو عن مهن معينة أو عن ذوي الحاجات الخاصة وكبار السن وخاصة الأبوين وغيرهم، وقد ظهر اتجاه قوي ينتقد الدراما التي تظهر شخصيات كبار السن بصورة غير مقبولة، ويطالب بإقرار أسس أخلاقية تلتزم بها الأعمال الدرامية بحيث لا تصور كبار السن بما يجرح كرامتهم أو يؤذى مشاعرهم.

ومن هذا المنطلق كان لابد للرسالة الإعلامية سواء كانت صحيفة أو تليفزيون أو غيرهما من أن يكون لها مضمون تربوي يلبي وظيفة الحق في المعرفة وهو الحق الذي كفلتة جميع المواثيق، كما أن أهداف وسائل الاتصال هي أهداف اتصالية تتضمن بعدا توعويا وتربويا وتعليميا، وهي الأبعاد نفسها التي تشتغل عليها المؤسسات التربوية والتعليمية.

إن دور الإعلام في النهوض بمنظومتنا التعليمية والتربوية لا يمكن أن نقف على حقيقته كاملة ونحللها من كافة الجوانب، خاصة وأن العالم كما يقول الدكتور المهدي المنجرة يتجه باضطراد نحو مجتمع الإعلام، وهي مرحلة جديدة في تطور الجنس البشري، غير أنه يمكن القول أن المطلوب من إعلامنا، كما يشرح ذ علي الصبحي، “أن يقوم بدوره في تثقيف شبابنا، وتنمية قدراتهم العلمية والثقافية، وتعميق الانتماء للدين والقيم والأخلاق والوطن، وتنمية الثقة بالنفس والاعتزاز بالهوية، وأن يجمع بين هذا وحتمية الانفتاح على الثقافات الأخرى في مختلف تمظهراتها وامتداداتها، وهي على الإجمال لا التفصيل لا تختلف عن أدوار المدرسة، فهما مؤسستان اجتماعيتان يفترض أن تعمل كل منهما وفق منظومة متكاملة بهدف المحافظة على هوية الأجيال، والتوافق بين التصور والسلوك، لتعبر -بصدق- عن الانتماء إلى أمة الشهادة على الناس، مشيرا إلى أن دور كل من الإعلام والمدرسة يتلخص في النهاية في تحقيق الأمن النفسي للأفراد والمجتمعات بشتى فئاتها وأعمارها، وهذا لا يتأتى إلا بوضع سياسات تربوية وإعلامية تحترم قيم الأمة وضميرها، وإنتاج إعلام منتج لما يغذي أرواح المتلقين وعقولهم من أطفالنا وشبابنا… لا مستهلكا لإنتاج الإعلام الغربي الذي غالبا ما يحمل رسائل قوية التأثير بمضامينها الهابطة، بفضل ما يملكه ذلك الإعلام من تكنولوجيا متطورة ومؤثرة بالغة التأثير.

بقلم الكاتب زياد القصابي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88