لمعي القط بين وراثة الزعامة من الأب والتفرد بخط كوميدي حديث

خلال السنوات الخمس الماضية تقريبًا لمع نجم من الأوساط الفنية يحمل مورث العائلة وبالذات الأب الذي يعد ومازال النجم الأوحد سينمائيًا وتلفزيونيًا ومسرحيًا في العالم العربي هذا النجم أو الايقونة البارزة هو محمد إبن الزعيم عادل إمام

كتبت / هتون العبدالعزيز

من خلال متابعة أعمال الفنان الأبن محمد إمام والمقارنة بين تجربة وخبرة الأب نجد أن محمد إمام يعالج شخصيات لاتعد تأثرًا بالخط الفني الذي أنشاؤه والده بقدر ماهي تحمل جوانب متشابهة في  معالجة القضايا ذات الخط الأخلاقي والسلبي في المجتمع بنوع من التأثر بالتاريخ المهني للأب والذي انتهجه الزعيم سنين طوال بالمعالجة الشفافة والجرئية التي تعد فوق أي رقابة سياسية .

ولو أخذنا كمثال نظرة إلى مسلسل لمعي القط الذي عرض خلال شهر رمضان الفائت فقد كان يمثل دور شاب طموح يعيش في حي شعبي، ويعمل صيدلانيًا يبيع الأدوية مما جعل أهل الحي يصطلحون على تسميته بالدكتور لمعي، رغم أنه لم يكمل تعليمه بسبب ظروفه المعيشية التي أجبرته على الخروج للعمل مبكرًا. وتتوالى التطورات لتضعه الأحداث في مأزق عندما يتم اختطاف حافلة إحدى المدارس الأجنبية في القاهرة الذي يضم المعلمة “تارا عماد” وخمسة أطفال ، ويتهم هو بخطفهم خصوصًا عندما تسوّق الإعلامية سحر المصري معلومات مغلوطة عن أن لمعي هو الخاطف والمطالب بفدية ضخمة عن المخطوفين ، في الوقت الذي يحاول لمعي حماية الطلاب والمعلمة في حبكة درامية مليئة بالتشويق عن خطف الأطفال التي كثرت في الآونة الأخيرة على مستوى المجتمع المصري ورغم الجاذبية الكبيرة التي وجدت في المسلسل من خلال شخصيات الأطفال وتعامل ( لمعي القط ) معهم كمتهم أمام المجتمع بخطفهم وهو مخطوف معهم الإ أن السيناريو قد فرض حالة شديدة من خلال المجرمين الخاطفين الذين تفننوا في الشر مما يجعل المشاهد والشخص الطبيعي لا يستوعب الأحداث لكن ما يميز هذا المسلسل هو التسلسل المنطقي والحقيقي لها ، وإن اعترته هنّات وهفوات تتمثّل أولاً في إيقاعه البطيء نتيجة مطّ فكرة الخطف والإطالة في كثير من الحوارات لكن هذا المسلسل قدم نوع من الانتشار على مستوى المشاهدات.

وهنا نجد في الشخصية والعفوية في التعامل مع الأطفال تمثيلا  نفس الأسلوب في الأداء المتعارف عليه لدى الأب عادل إمام  الإ أن ستايل الأكشن في المضمون الذي وجدناه في (لمعي القط) يختلف عما يقدمه وقدمه الأب عادل إمام في أعماله البوليسية فالخيوط لهذه الأعمال الرئيسية ليست متشابهة كذلك التفرعات تختلف قليلا و رغم أنه اتضح من خلال لمعي القط  امتلاك الأبن لقدرة الارتجال في العمل رغم الالتزام في النص وهذه الارتجالية التي يتميز بها الأب والأبن  تتضح في عمليات التقمص للدور و إتقان العمل أكثر مما شاهدنا بمراحل بيد أن النقطة المشتركة بينهما أنهما مثلا في (حسن ومرقص) كان هنالك نوع من الورقة الرابحة المرتجلة في الأداء رغم أن العمل سينمائي وليس مسرحي .. وهذا يجعل كلاهما فيما يقدمانه من شخصيات وحرصهما على السعي لإعطاء كل دور أكبر مجهود منهما مما يؤكد  أنهما يمتلكان ما يجعل المتفرج يتعاطف معهما ، ويقبل حلولهما ووجهات نظرهما من خلال الشخصيات التي يقدمانها.

أخذ الأبن من الأب الكثير من جرأته في الاختيار حيث كان عادل إمام من نوعية النجوم الذين يعرفون ماذا يجذب جماهيرهم والذي يقبلون عليه  فكان لا يخشى أن يقدم مغامرة لم يتعودها الجمهور، لذا نجد أن الأبن بدأ يرفع كالأب رصيده في هذا التنوع مستفيدًا مما يمتلكه من موهبة منفردة في فن الأداء والتعبير والتقمص . وهذا يجعلنا نتوقع مستقبلا أن نجد الأبن مزيج من شخصيات متعددة تختلف عن الأب لأن البدايات بينما مختلفة فكثير من الأدوار في البداية للنجم الأب كانت تدور حول نوع من الكوميديا القائم على ممثل أو شخصية تتصف بالبلاهة أو الذكاء الطائش، بهدف إضحاك الناس، وإسعاد قلوبهم، وانتقاد المجتمع بطريقة المضحك المبكي  كما في (شاهد ماشفش حاجة) او ( الواد سيد الشغال ) وهذه الشخصيات التي كبرت مع عادل إمام ورسمت البسمة لشخصيات جديدة مثل شخصيته في صاحب السعادة وهذه (الكاركاتيرات ) الغريبة الشكل والسلوك والحركات التي تميز بها لم نجدها لدى محمد الأبن لأننا وجدناه ينحو نحو خط سير مختلف في ذلك  فلم يكن محمد صاحب شخصية في أي من (خطوط حمراء) أو (دلع البنات ) محددًا وجهته من حيث الدراما الكوميدية أو التراجيدية .

مما يتفق فيه الأب والأبن أن الأدوار لديهما دائمًا تحمل نوع من الأداء الذي يستقطب الناس صغارًا وكبارًا كونها تمثل لشخصيات منهم وفيهم مع الاختلاف في الطرح  فلدى الأب ذلك النوع من  الإكسسوار المميز  في الأداء  والذي  يبرز أحيانًا  في حالات المناقشة أو التطرق لأي جوانب سياسية في النص الذي يمثله ، بينما الأبن لا نجد ذلك واضحًا رغم أن هنالك أعمال مثل فيها نوع من الدراما المتشابهة في المعالجة كدوره في ( دلع البنات ) وفي ( لمعي القط ) إبن الحارة الشعبية .

ولو نظرنا لهما على مستوى العمل والساحة الفنية فأنه ارتبطت شخصية الأب بالمسرح أكثر منها بالسينما أو التلفزيون في حين أن الأبن عرف تلفزيونيًا أكثر من أي وسيلة أخرى. وورث الأبن عن الأب التزامه المهني فقد  أكد المخرج عمرو عرفة خلال التحضيرات لمسلسل لمعي القط  إن الفنان الشاب محمد إمام، أخذ الالتزام عن والده الزعيم عادل إمام، وأنه”موهبة لا يستهان بها، ولو لم يكن كذلك لما استطاع تحقيق هذه النجومية، أضف إلى ذلك أن محمد إمام هو بطل هذا العمل بعدما حقق نجاحًا كبيرًا في السينما من خلال فيلمين، واستطاع تكوين جماهيرية واسعة له”.

أخيرًا على مستوى الفترة الزمنية لمحمد إمام نجد أن أداؤه كل مرة لا يعد مفاجأة لا على مستوي جمهوره أو مستوى الساحة الفنية أو النقاد بغض النظر عن ما تلقاه من هجوم النقاد – في نظري ليس في محله – حول لمعي القط .فالإرث الفني لأسرة إمام يجعلنا نشيد بأن كل ما تابعناه إنما هو شيء يضاف لمسيرتهما. كما أن هنالك حسابات أخرى للربح والخسارة، قد لا يعرفها البعض من النقاد أو الجمهور وتغيب عنا في هذا التوقيت بالتحديد!. ويستلزم عدم الإساءة للمجهود الذي قدّمته هذه الأسرة الفنية بدء من مسيرة الأب الزعيم ومرورًا بالمخرج رامي إمام والنجم القادم للزعامة محمد إمام .. ومن هتون تمنيات لهم بالاستمرار والتفرد  والعمر الفني المديد .