“منحوتات مدائن شُعيب”… قصٌة عظيمٌة ومعجزٌة تاريخية.

مدين أو مغاير شعيب أو مدائن شعيب هي مدينة أثرية تقع بالقرب من محافظة البدع، حيث  تضم تاريخًا من الحضارة الألفية الثانية قبل الميلاد ، ويوجد بها البيوت ومعابد أثرية منحوته في صخور الجبال ، وكان سكانها من قبلية مدين ، فقد ذكرت مدين في نصوص القرآن الكريم .

بأن لجأ النبي موسى اليهم وصاهرهم وان مساكن مدين قريبة من مساكن ثمود في الحجر وأن الله بعث في أهل مدين نبي منهم شعيب لكي يحضهم على المتاجرة الشريفة فرفضوا أن يسمعوا دعوته بأن يؤمنوا بالله ويتركوا المعاصي ، في قوله تعالى(وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) (هود 84).

قصة نبي الله شعيب مع أهل مدين :

فقد كان أهل مدين أهل تجارة وزراعة، إلا أنهم رغم الخير الوفير لديهم فقد كانوا يتعاملون مع الناس بالغش والمكر والخداع، فهم إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويزيدون عما يستحقون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وينقصون، ولا يعطونهم ما يستحقون ، فبعث الله إليهم نبيه شعيب عليه السلام لينهاهم من مغبة هذه الأفعال الشنيعة والمعاملات السيئة فلم يأبهوا بما يقول ، وسلك قوم مدين طريق البغي والضلال فراحوا مع هذه الأعمال المشينة يشركون بالله تعالى ويتوعدون شعيبًا والذين آمنوا معه بالعذاب والطرد.

ومن ثم جرت سنة الله في القوم الظالمين (الهلاك) بعدما تمادوا في الباطل وساروا في طريق الغي والضلال ، كما ذكر القرآن الكريم أن الله بعث شعيبًا إلى أصحاب الأيكة ، فراح القوم يعبدون الأيكة (الأيكة هي الغيظة الملتفة الأشجار) من دون الله تعالى إضافة إلى تطفيفهم في الكيل والميزان، فذكرهم شعيب بعاقبة هذا الأمر فردوا عليه بالتكذيب لنبوته فطالهم من الله عذاب عظيم.

العذاب الذي نزل على الظالمين من أهل مدين :

وبعد عدة محاولات من نبي الله شعيب عليه السلام إلى قومه دخل الصراع والمكابرة بهم ،  بأن بدأوا يطالبوه بأن ينزل عليهم العقاب فانتقل الصراع إلى تحد من شكل جديد فراحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفًا من السماء إن كان من الصادقين، وراحوا يسألونه عن عذاب الله ، فأوحى الله إلى نبيه بأن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية ، وخرج شعيب والمؤمنين، وجاء أمر الله كما وصف بالمصحف الشريف ، ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ﴾.

فقد أرسل الله إليهم غمامة كبيرة جائتهم وأظلتهم ففرحوا بها وخُيل لهم بأنها تحمل لهم المطر ثم فوجئوا بالغضب، وأنهم أمام عذاب عظيم في يوم عظيم ، وأدركتهم صيحة جبارة من السماء جعلت كل واحد منهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه، لقد صعقت الصيحة كل مخلوق حي، فلم يستطع أي منهم أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه، كل ما استطاعه هو أن يجثم في مكانه مصروعا بالصيحة.

آثار مدين حاليًا : 

فهي تحكي من خلال المنحوتات في الجبال بأن الله قد منحهم القوة من خلال الكهوف المنحوتة في الجبال ، وتدرك فعلًا بأنك أمام قصة عظيمة ومعجزة تاريخية شاهدة من ما تحتويه من قبور ، وآثار ونقوش وكتابات وزخارف  تحكي عن حضارة الذين سكنو فيها ، والفن العمراني والهندسي الذي تميزو به.

ويوجد في داخل البيوت التي نُحتت في الجبال فن البناء المتقن بطريقة بناء البيت وتفصيل الغرف أيضًا ، وبناء القبور ولكنها منفصلة عن البيوت ، تجعل المتأمل بها في حيرة من الأمر كيف أمكنهم عمل هذا ، ونحت الجبال واتخاذها مسكنًا لهم وقبورًا لموتاهم.

وتسعى الهيئة العامة للسياحة والتراث لتقديم كافة الخدمات للزوار وتعريفهم بتاريخ المنطقة وحضاراتها ، فقد أنشأت الهيئة مركزًا في المغاير لتوجيه الزوار وخدمتهم ، وتسعى لحفظ التراث الموجود بها.