إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الكلمةُ العابرةُ للحدود.

الكلمة الإعلامية القادمة من الضفة الأخرى والتي تحمل معاني ودلالات عقدية غير التي تنص عليها شريعتنا الإسلامية، إذا عبرت الحدود من دون مراقبة، فإنها حتما ستحدث خللًا وستتحول إلى خطر حقيقي يهدد كياننا المجتمعي ويهدد بالتالي هويتنا الدينية والحضارية.

ذلك أن نظرة الإنسان إلى الحياة والكون ومفاهيمه في شتى المجالات بل وحتى عواطفه وأحاسيسه، كما يقول الدكتور “خالد مدرك”_ أستاذ التعليم العالي بجامعة القرويين _ بمحافظة فاس وبكلية الشريعة بمحافظة أكادير، كلها تدور حول محور العقيدة التي يتبناها، والتي تسهم في بنائه الفكري والأخلاقي والاجتماعي، وتوجيه طاقاته نحو البناء والتغيير، ومتى ما حكم هذا الإنسان عقله، يضيف المتحدث نفسه، فإنه يرى أن العقيدة الإسلامية تشكل نظامًا مُتكاملًا للحياة البشرية بمختلف أطوارها ويرسم الطريق لكل جوانبها وينسجم مع الفطرة الإنسانية ويضمن تحقق حاجات الفرد الروحية ورغباته المادية بشكل متوازن ودقيق، وبما يضمن له كرامته وشخصيته، مبينًا أنه إذا كانت المدارس الوضعية، قد حققت نجاحًا في ميادين الحضارة المادية، فإنها قد أثبتت فشلها الذريع على مستوى تلبية حاجة الفرد لحياة كريمة حرة من قيود الابتذال والفجور، فكان التفسخ الأخلاقي والانحدار الخلقي والتفكك الأسري والفراغ العقائدي، هو أبرز معطيات الحضارة المادية التي صنعها الإنسان.

إلى جانب ذلك تعج الثقافة الغربية بالكثير من الأفكار والصور النمطية الخاطئة عن الإسلام والمسلمين، ومن ذلك ما نقله “جاك شاهين” وهو أحد المتخصصين الذين درسوا صورة التشويه في الإعلام الأمريكي فيقول “إنه تعرف منذ عشرين سنة إلى تاريخ الصورة السائدة في الثقافة الشعبية الأمريكية ودرس ما يزيد على 250 كتابًا هزليًا، ظهر خلال 50 سنة بدءًا من (دونالد ماك) و(جي سوبرمان)، كما حلل مئات البرامج والرسوم الكاريكاتورية وأفلامًا ورسومًا مُتحركة يفوق عددها 450 فيلمًا، أولها (رقصة فاطمة 1893م وآخرها علاء الدين) الذي قدمته مؤسسة “والت ديزني” سنة 1992م، ويضيف “جاك شاهين” أن هوليود مدينة السينما الأمريكية قدمت في العقدين الأخيرين ما يزيد على 40 فيلمًا، غالت معظم هذه الأفلام في تشويه سمعة الإسلام، إذ عرضت شريطًا لا ينتهي من الصور التي يبدو فيها المسلمون أشبه بشعوب منقرضة لشدة تخلفهم ويمثلون في الوقت ذاته خطرًا رهيبًا يهدد الآخرين”.

وكان من نتائج ذلك أن برز مصطلح “الإسلاموفوبيا” وتمكّن من الدخول إلى قاموس السياسة والإعلام المعاصر وتحول إلى مفهوم له معان محددة ــ كما حصل في القرن التاسع عشر مع مصطلح اللاسامية ــ وكانت مؤسسة ”رنميدترست” البريطانية أصدرت في هذا الإطار دراسة قيمة في أكتوبر 1998 هي أول استطلاع ميداني تقوم به مؤسسة مستقبلية لبحث ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في بريطانيا التي توجد بها أقلية مسلمة يتزايد عددها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتتعاظم جملة التخوفات المكتومة في المجتمع والخطاب الأوروبي المعاصر مع تزايد أعداد المهاجرين العرب والمسلمين من الذين استطاعوا تنظيم وجودهم وتأثيره قانونيًا بالاستفادة من سيادة القانون والمساواة في أروبا.

يأتي ذلك في الوقت الذي يتفق فيه علماء الاتصال على أن القرن الحالي “الألفية الثالثة” سيكون قرن الاتصال والمعلوماتية، أي أن المعلومة ستصبح فيه سلاحًا ماضيًا في يد من يمتلك مصدرها وتكنولوجياتها ويحسن توظيفها، بل إن الأمية الحقيقية ــ في عالم اليوم ــ لم تعد أمية من لا يحسن القراءة والكتابة، إذ أصبح الأمي هو الذي لا يحسن استخدام الحاسوب والإنترنيت وأجهزة الاتصال الحديثة، وعندما تتجدد المفاهيم والرؤى والعلاقات التي ينشئها الفرد مع الآخرين، يتجاوز بها إطار العلاقات السائدة مع العائلة أو القبيلة أو حتى الدولة التي ينتمي إليها.

ولذلك كان لابد من إحاطة وسائل إعلامنا بكل العناية والاهتمام حتى تقوم بدورها الكامل في إرشاد وتوجيه أفراد المجتمع وحماية أمنهم العقدي من الأفكار والتصورات التي تشوه هويتنا وثقفتنا الإسلامية، وذلك لن يتأتى إلا عن طريق التأسيس لقنوات إعلامية تقدم الفضيلة وتوضح رسالة الإسلام للعالم الغربي وتنتج برامج متخصصة تتسم بجاذبية العرض والتشويق بما يحقق المتابعة والاستمرار فيها، وشمول المحتوى بما يوجد إجابات شافية وواقعية لكل التساؤلات المثارة من قبل الآخرين، وتقديم الدفوعات والمرافعات، لا بهدف الانتصار فحسب، بل بهدف إبراز الصواب والحقيقة.

_________________

بقلم الكاتب / زياد القصابي  

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. لابد من إحاطة وسائل إعلامنا بكل العناية والاهتمام حتى تقوم بدورها الكامل في إرشاد وتوجيه أفراد المجتمع وحماية أمنهم العقدي من الأفكار والتصورات التي تشوه هويتنا وثقفتنا الإسلامية
    كلام اختصر و لخص الكثير و الكثير

    اتفق معك تماما

    الله يعطيك العافيه

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88