11المميز لديناالجمال والديكورالطب والحياة

مرضى السرطان.. عندما يتحدثُ الجسد بلغةِ الألم.

كان اليوم يوم إضراب في المعهد الوطني للأنكولوجيا بعاصمة المملكة المغربية الرباط، إلا أنه على الرغم من ذلك كان المكان دائم الحركة، مرضى، ممرضون وأطباء، بائعي سجائر، ومتسولون، الكل في حركة دائبة.. وهو ما سمح بإجراء مجموعة من المقابلات مع عدد من المرضى المصابين بالداء الخبيث فكان هذا الاستطلاع..

استطلاع: زياد القصابي / المغرب

 مأساة عائشة  

لأول مرة تطأ قدما عائشة 56 عامًا من مدينة القصر الكبير أرضية المعهد الوطني للأنكولوجيا بالرباط، حالتها الاجتماعية جد بسيطة، تصحبها ابنتها التي تحرص على خدمتها على الرغم من الظروف القاسية التي تمر منها، فهي تشتغل فقط خادمة في البيوت، وتتعارك مع الزمان لتوفير الدواء والمؤونة لأمها التي تعاني من ورم خبيث على مستوى عنقها الأيسر، تصرح عائشة لـ”هتون”: “عندي عشر بنات ثلاث منهن يشتغلن في البيوت لمساعدة الأسرة على توفير الطلبات اليومية ومساعدتي كذلك على الشفاء من هذا المرض الخبيث، زوجي عاطل عن العمل، بالإضافة إلى أنه تقدم في السن ولم يعد باستطاعته توفير بعض المال للبيت”.

عائشة التي تنتظرها عملية جراحية بعد أقل من أسبوع لا تخفي قلقها على مصيرها ومصير أسرتها، إلا أنها مع ذلك تملأ المكان بابتسامتها، مؤكدة أنها تؤمن بالقضاء والقدر وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها، فعلى الرغم من حاجتها ومن أميتها فهي متسلحة بالإيمان وتواجه المرض والمعيقاتالعلاج الكيميائي المحيطة به بكل ثقة في النفس، بين الفينة والأخرى توصي ابنتها التي تصحبها بالاهتمام بنفسها وبباقي أخواتها وبالوالد وبالبيت، ثم تستوي وترفع كفيها وعينيها إلى السماء وتدعو الله ليخلصها من المرض.

ربطت على يديها وطمأنتها على حالتها التي هي أحسن حالا من حالات أخرى بالمستشفى، فهي على الأقل قابلة للعلاج كما أن جراحتها حسب ما أكد طبيب جراحة خارجية، ولا تستغرق إلا بضع ساعات، تركتها ولساني رطب بالدعاء لها ولكل نزلاء هذا المستشفى بالشفاء العاجل.

امرأة من أعماق الجنوب

مباركة 45 عامًا، امرأة أخرى قادمة من أعماق الجنوب، وتحديدًا من مدينة “طاطا” تبدو كما لو كانت حاملًا، لكنها في الحقيقة كما أسرت لـ”هتون” “لست حاملا ولم أرزق بأبناء منذ 31 سنة من زواجي وإنما الأمر يتعلق بورم خبيث يوجد ببطني ناتج عن كرتين سرطانيتين”.

تحكي مباركة لـ”هتون” “كنت أتابع العلاج في مدينة طاطا مع أحد أطباء المدينة، فانتبه هذا الأخير إلى وجود كرة واحدة ببطني، فدعاني إلى القيام بعدد من الفحوصات والتحليلات انتهت بالقول إلى عدم وجود أي أثر للسرطان مدعيا أن ذلك الورم خلقي فقط”، تقول مباركة التي لا تتحدث إلا بالأمازيغية مع بعض الكلمات القليلة بالعربية : “من حينها لم أعد أزور ذلك الطبيب، بعدما أكد لي بأن ما بي من ورم في بطني لا يرجع إلى ذلك المرض الخبيث، إلا أنه بعد ذلك ومع مرور الأيام حدث ما لا تحمد عقباه، حيث ازداد حجم الانتفاخ حتى بدت بطني وكأني أحمل جنينًا، ما جعلني أسارع بمعية زوجي إلى طبيب آخر الذي أكد لي إصابتي بداء السرطان، وأكد لي كذلك وجود كرتين هذه المرة وليس كرة واحدة، وبأن الكرة الثانية خرجت من رحم الكرة الأولى، وأن عملية التوالد ستستمر ما لم أعرض حالتي على الفور على أطباء المعهد الوطني للأنكولوجا”.

نتيجة بحث الصور عن مرضى السرطان.. عندما يتحدث الجسد بلغة الألم

تكبدت مباركة صحبة زوجها مشقة السفر من مدينة طاطا التي تبعد بحوالي مئات الكيلومترات عن مدينة الرباط حيث يوجد المستشفى الخاص بأمراض السرطان، واكترت محلا بمدينة سلا المجاورة للرباط لتتبع دورات العلاج وحتى تكون قريبة من طبيبها الخاص، غير أن حاجتها المتزايدة للمال ستضطرها مرغمة للتوقف عن العلاج، فزوجها يعمل فقط بائعا متجولا في الأسواق، و”لولا بعض المال الذي كان حصل عليه عندما كان يعمل أيضا بائعا بالديار الإيطالية لما استطعنا القدوم إلى هذا المستشفى” تردف مباركة بصوت يمتزج فيه الأسى بالحزن.

وما كادت تنتهي من كلامها حتى خرج زوجها من مكتب الطبيب واتخذ مكانًا بجانبها وهو يقلب كومة من الأوراق، سألته عن تاريخ العملية؟ فأجابها : “لم أعرف بعد فاليوم يوم إضراب، فقلت أية عملية؟ فقال بعد أن تبادلنا التحية: “إنها عبارة عن آلة يستعملها المريض مرتين في الأسبوع تعمل على إزالة الماء الذي بجانب الكرتين المتواجدين ببطن زوجتي للحد من النشاطات المتزايدة للداء الخبيث، ثمنها يصل إلى أزيد من ألف درهم، ناهيك عن الاستعمال الضروري لعدد من الأدوية والمسكنات التي تكون مصاحبة لهذه العملية والتي يصل ثمن الواحدة منها إلى أزيد من ألف وخمسمائة درهم”.

وأضاف قائلا لـ”هتون” “استهلكت مبلغ 20.000 ألف درهم على التنقل وتأدية بعض الحاجيات الأخرى مثل الأكل والكراء.. خلال ثلاثة أشهر فقط”.

أثمنة مرتفعة وتكاليف باهضة تتجاوز كل الحدود ولا يمكن لأسر مثل أسرة مباركة البسيطة مسايرتها أو حتى توفير جزء منها، لكنها مرغمة كما آخرين على الانتظار وتتبع العلاج، فالهموم والالآم عندما يتعلق الأمر بالسرطان تتساوى ويشترك فيها الجميع.

نتيجة بحث الصور عن ورم في الدماغورم في الدماغ

من مدينة بني ملال (جنوب الرباط) جاءت فاطمة 48 عامًا، صحبة أوراقها هذا الصباح بعد أن عرجت على مستشفى مدينة الدارالبيضاء، إلا أن مجيئها تزامن مع الإضراب الذي تخوضه شغيلة المستشفى، ما جعلها رغم المرض والخوف والألم مضطرة للعودة إلى بيتها في نفس اليوم تصرح لـ”هتون” “كنت أحس بصداع رهيب في رأسي، زرت الفقهاء والأولياء و”السادات” فلم أتمكن من الشفاء، ثم زرت طبيبًا في عيادة خاصة فطلب مني إجراء مجموعة من التحاليل والفحوصات كانت نتيجتها أني مصابة بورم في الدماغ، وبالتالي تمت إحالتي على هذا المستشفى”.

أما لالة نزهة 61 عامًا القادمة من منطقة المغرب الشرقي وبالضبط من مدينة وجدة فتقول أنها لم تكن تعرف أن هناك عددًا كبيرًا من الناس مصابون بهذا الداء حتى حضرت إلى المعهد الوطني للأنكولوجيا بالعاصمة الرباط، حيث تتابع علاج سرطان الثدي بالأدوية، “بين الفينة والأخرى أحس بألم شديد في ثديي وفي صدري يجبرني على تناول أقراص يكلفني ثمنها 3500 درهم”، وتضيف “أثمنة الأدوية نيران ملتهبة لا يقدر عليها إلا الأثرياء من ذوي الدخل المرتفع وبالأحرى نزهة القادمة من وسط الأحياء الفقيرة، تضاف لها مصاريف السكن والتغذية والتنقل في مدينة الرباط المعروفة بارتفاع تكلفة العيش فيها بالمقارنة مع باقي المدن الأخرى!!!”.

 

**************************************

النوافذ

* مع مرور الأيام حدث ما لا تحمد عقباه، حيث ازداد حجم الانتفاخ حتى بدت بطني وكأني أحمل جنينا، ما جعلني أسارع بمعية زوجي إلى طبيب آخر الذي أكد لي إصابتي بداء السرطان.

 * عندي عشر بنات ثلاث منهن يشتغلن في البيوت لمساعدة الأسرة على توفير الطلبات اليومية ومساعدتي كذلك على الشفاء من هذا المرض الخبيث، زوجي عاطل عن العمل، بالإضافة إلى أنه تقدم في السن..

 

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. يارب أنت الشافي هب لنا والمرضى المسلمين الشفاء العاجل واجعل مرضهم في ميزان حسناتهم ، ونشكر الأخ الفاضل أ/ زياد ،على حسن اختيار الموضوع .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88