إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عن الموت وفلسفة الحياة

يظل الموت لغزًا محيرًا، لكنه في ظني ليس مصيبة ولا كارثة سوى على من يحبون الميت الذي لم يعد يشعر بشيء، ولم يعد له أي علاقة بالحياة بكل ما فيها من زخم وصراعات شتى، يفقد أي إحساس بالزمن والوقت أو بما حوله من حراك حياتي نعيشه، لكنه ربما يكون خلاصًا لكل أؤلئك الذين يعانون من الألم أو المرض أو صعوبات الحياة وويلاتها الشديدة التي لا تعرف العدل بين بني البشر والتي ربما يولد بها إنسان وفي فمه ملعقة من ذهب، ويعيش إلى أن يموت وهو في برج عاجي ويمتلك من الثروة وربما السلطة ما يجعله قادرًا على السيطرة على البشر بما وهبته الحياة من فرص قلما تتحقق لغيرة، في حين يعيش آخرين وهم الأغلبية مطحونين يعانون مشاكل الحياة وربما العوز والفقر والحاجة لكنهم أيضا متباينين في هذا الأمر فيما بينهم، فمنهم متوسطي الحال، أو أعلى أو أقل، ومنهم من هدَّه الفقر والحاجة وضيق العيش وأودى بحياته، أو قد يموت جوعًا، كما يحدث في جنوب أفريقيا، من مجاعات وويلات الجوع والفقر والفاقة، ومعاناتهم مع الكوارث الطبيعية، فتجد الحياة هي أيضا ضدهم إلى جانب الظروف القاسية -من كل جهة، كما يقال- وهذا ما يجعل إنسانًا يتساءل: لماذا قدر لي أن أعيش هذه العيشة؟، لماذا قدر لي أن أتواجد في هذا الزمن دون غيره؟، ما الذي يحدث بالضبط ولماذا نحن هنا نعاني؟. خاصة وأنه لم يراد لك أن تختار اسمك، أو لونك، أو جنسك، أو جنسيتك، وحتى ديانتك.

الموت يا سادتي وسيلة للخلاص عند كثيرين، ممن يعانون الآلام والويلات، وأعرف عن نفسي أن عيني لم تدمع يومًا على (إنسان مات) مطلقًا، مهما كان غاليًا وقريبًا، وآخرهم والدي العزيز، الذي عانى في أيامه الأخيرة من كبت وإحباط شديد، وفقد شديد للشهية، ساعد على ذلك كبر السن -حيث كان في التسعين من العمر- وأصبح في لحظة من اللحظات مثل الأطفال تماما؛ تنظر إليه فتذهل لكونه غير قادر على استقبال (لقمة) الأكل أو شربة الماء، لكن نحمد الله أنه مات وهو في كامل صحته، لم يتعب من مرض أو خلافه ولم يُتعب من حوله -وهذه ميزة أو نعمة كبيرة- كما يحلو للبعض أن يصفها.

تساؤلات الموت أو فلسفته، هي تماما مثل فلسفة الحياة التي تحيطك بتساؤلات وجودية ليس لها إجابة، وسوف يظل كل إنسان يسير في هذه الحياة دون أن يدري ما الذي سوف يحصل له ولمن حوله غدًا وهو لا يدري متى يواجهه الموت أو هو يواجه الموت.

في ظني.. أن يموت الإنسان شيء طبيعي ونهاية منطقية لكل من يعيش الحياة، لكن أن يظل يعيش ويعاني المرض أو الألم، هذا ما يحزنني كثيرًا، خاصة أولئك الأطفال الذين يعانون المجاعات، أو الأمراض المستعصية، أو ويلات الحروب والدمار، ومثلهم الطاعنون في السن حين يحدث لهم مثل ذلك، هو ما يحزنك ويبكيك حقا.

بقلم المفكر والأديب العربي/ خالد الخضري

مقالات ذات صلة

‫73 تعليقات

  1. سوف يظل الموت محيرا لكل علماء الكون ومهما وصلنا للعلم لكن مازلنا لانعرف شيء عن كيفية الموت سبحان الله تعالي

    1. كيفية الموت من الامور الغيبة التي لانستطبع الوصول اليها فنسلم بدلك ونترك امرها الى الله

  2. أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُرَّ عليه بجِنَازَةٍ، فَقالَ: مُسْتَرِيحٌ ومُسْتَرَاحٌ منه. قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما المُسْتَرِيحُ والمُسْتَرَاحُ منه؟ قالَ: العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنْيَا وأَذَاهَا إلى رَحْمَةِ اللَّهِ، والعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ منه العِبَادُ والبِلَادُ، والشَّجَرُ والدَّوَابُّ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88