إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

نُصرة أم تشويه للإسلام

صحيح كلنا ضد سب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأي طريقة كانت، ويعد سبه وإهانته فعلًا مشينًا ومنحطًّا وحقودًا، ولكن.. أن نقتل أو نذبح من قام بفعل الإساءة، فأعتقد أننا صببنا الزيت على النار، وفتحنا الباب على مصراعيه أمام من يُكنُّون العداء للإسلام والمسلمين، ليعتدوا عليهما أكثر، وستنبئنا وسائل الإعلام بذلك قريبًا.

الرسول محمد عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم، غني عن المدافعة عنه، بارتكاب حماقات وجرائم مماثلة للتي يرتكبها في حقه بعض السفلة المتطرفين، على شاكلة ما قام به مدرّس التاريخ في منطقة (كونفلان سان أونورين)، وهو يعرض رسمًا كاريكاتوريا لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، ولا شيء يبرر تصرفه البغيض أو يفسره، سوى أنه حاقد متطرف جاهل بحقيقته، وقد سبقه الكثير ممن هم على شاكلته، قبل وقت قصير، وعمدوا إلى حرق نسخة من المصحف الشريف (كلام الله المنزه عن الخطأ)، فضلًا عن الهجومات التي تعرض لها المسلمون هنا وهناك، في مناطق متفرقة من أوروبا وغيرها؛ أودت بحياتهم داخل المساجد.

وكلها تصرفات استفزازية، لا مسوِّغ لها إلاّ أن قطع رأس المُدرِّسِ من طرف شخص، أخذته الحمية على الإسلام و المسلمين، لا يعتبر -حسبي- ردّ فعل متزن البتة، كونه قد عمّق الخلاف أكثر مما سبق، بينما توجد سبل أخرى تثبت مدى حبنا الراسخ لرسول الله محمد، وغيْرتنا على الدين الذي جاء به.

لو تمعنا جيدًا ومحَّصنا الأحداث تمحيصًا، لوجدنا أن الإسلام يُدكُّ في عُقر داره، من طرف المسلمين أنفسهم، والأمثلة لا تعد ولا تحصى وما من داعٍ لذكرها أو تعدادها، لأن ما نعيشه من منكر وفساد وتحطيم لقيَمِه، لهو الدليل الأكبر الذي سيُدينُنا، ولربما طأطأنا رؤوسنا خجلًا منه واستحياءً، بل شفقة على أنفسنا التي توغلت وغالت في ارتكاب ما يثبت، أن الإسلام بات غريبًا في داره وبين أهله، فكيف به في أرضٍ غير أرضه؟!.

الإسلام أكبر بكثير من أن نضعه بين كفّيْن، أولاهما تريد وضعه والنيل منه من خلال القدح ومحاولة النيل من شخصية سيد الخلق محمد –صلى الله عليه وسلم- وهذا تطرف وتعدٍّ صارخ، وثانيهما تريد رفعه والدفاع عنه، ولكن بجرم يزيده تشويهًا، ويزيد عدوه إصرارًا على إنهاكه، وشل توسعه وحركته، التي أعتبرها كالروح في الجسد لا تخرج إلا بإذن بارئها، وكذلك هو الإسلام، روح في جسد العالم، ومحاولات النيل منه المتأرجحة؛ لا تعدو أن تكون محاولات فاشلة، رغم ما تلحقه به من أذى.

وقد أتيت بهذا المقال، ليس لفسحة إعلامية تراءت لي من خلالها، معالم هذا الدين فجأة، بل لتوضيح أمر بعينه، وأن التطرف يظل تطرفًا، مهما كانت دوافعه ومسبباته.

هبْ أني في مجلس، علمي كان أو غيره، وسمعت أحدهم يسبُّك علنًا، ويقدح في عرضك، ويتفنن في ذمك والنيل من شرفك، وأنت أحب الناس إلى قلبي، وفي لحظة من اللحظات التي يكون فيها الشيطان أقرب فيها إلينا من أنفسنا، أقتله وألوذ بالفرار، ظنًّا مني أني دافعت عن شرف وسمعة أحب مخلوق عندي في هذه الحياة الدنيا، ألا أكون بذلك قد عالجت الخطأ بخطأ أشنع وأفظع؟.

هل حرية التعبير تقتضي السب والشتم والسخرية من الآخر؟

لو سلّمنا فرضًا، أن المُدرّس الفرنسي المذبوح، كان يُعلم تلامذته معاني حرية التعبير، وإبداء الرأي، بحسب ما قاله الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ووسائل إعلام مختلفة، وذلك بعرض رسوم كاريكاتورية لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فهل توقفت حرية التعبير بالنسبة إلى هذا المدرس، في السخرية من شخص الرسول محمد؟ ألم يكن بمقدوره الإتيان بأمثلة أخرى بعيدة كل البعد، عن المساس بشخص الرسول بعينه؟ ألا يُعد هذا التصرف، من قبيل زرع عداءٍ داخل الجيل الصاعد تجاه الإسلام، بدل تنشئتهم على احترام الآخر مهما كانت ديانته؟.

الخلل واضح وجلي من الأساس، وإن كان الشاب الشيشاني صاحب الـ (18) عاما، تعامل مع الموقف من مبدأ (واحدة بواحدة والبادئ أظلم) أي: كما أعطيت لنفسك حق  الاستهزاء والسخرية من شخص الرسول، فقد أعطيتُ لنفسي حق الرد عليك بقتلك، فهذا الرد سيزيد من تصعيد المشكل، الذي كان سيتوقف عند النقطة الأولى، ويدين فقط المدرس، ويقيم الحجة عليه.

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫69 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88