إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الشعوب الحيّة لا تستسلم

لا يأس مع الأزمة الاقتصادية، إذا ما استيقن العراقيون أنّ شعوبًا خرجت من أقسى الشدائد الطاحنة إلى إنجازات جديدة عززت فيها حضورها وقوّتها، بعدما كانت على شفير خطر وجودي، فيما الأزمة المالية، سوف تضطر النخب الاقتصادية إلى ابتكار الحلول، وتعزيز جدية المؤسسات الحكومية والوزارات في ترشيد الإنفاق، وتزيد من بصيرة المواطن في استيعاب المشكلة باعتبارها وطنية، تحتاج إلى تكافل الجميع.

النظرة إلى تاريخ الأزمات، يُفصح عن قدرة الشعوب على تكييف نفسها مع ظروف الضائقة، واختراع الحلول اللازمة، بدلا من الرضوخ للخيبة، وإتاحة فرص الانهيار.

هناك أزمة تتضخم في الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، تضطر أصحاب الحلول إلى ابتكار المفتاح لمعالجة الشدائد التي يجب أن تُدار بشكل جيد، وهو ما يطلق عليه فن إدارة الأزمات الذي يتصدى للتهديدات المحتملة وإيجاد أفضل الطرق لتجنبها.

غالبًا ما تكون الأزمة حدثًا مفاجئًا، أو نتيجة غير مرتقبة لأحداث نمطية، وفي كلتا الحالتين، تستلزم قرارات سريعة وحازمة، تستند إلى أنظمة رصد معززة بإشارات الإنذار المبكر، يُعتمد عليها في تعزيز الحقائق، لا الشائعات التي تزيد من فتيل الهيجان الإعلامي الناجم عن تقارير غير دقيقة.

أمريكا في العام 1871، مرّت بأزمة اقتصادية خانقة، تشرّد خلالها الملايين من سكانها بسبب البطالة والجوع، واضطر الآلاف إلى الهجرة للخارج.

سنوات الكساد العظيم العام 1929، وهو إحدى أكبر وأخطر الأزمات الاقتصادية التي شهدها العالم في العصر الحديث، واستمر لأكثر من 10 سنوات، تسبّب في آثار مدمرة على الدول الغنية والفقيرة على السواء، وأصبحت مرجعًا بالغ الأهمية لخبراء الاقتصاد.

هولندا وبلجيكا والنرويج العام 1973، اضطرتا إلى استخدام “الدواب” كوسيلة للتنقل بعد الحظر النفطي العربي لها، لمساندتها إسرائيل.

أزمة الكساد الكبير على ألمانيا العام 1933 تسبّبت في صعود النازيين إلى سدة الحكم.

في 1997، اندلعت أزمة الأسواق المالية الأسيوية وامتدت إلى (كوريا الجنوبية، واليابان، وإندونيسيا وتايلند،وماليزيا، والفلبين، ولاوس، وهونغ كونغ، والصين، وتايوان، وسنغافورة، وبروناي، وفيتنام).

ووقفت روسيا على حافة هاوية اقتصادية عميقة العام 1998، عجزت فيها الحكومة عن سداد الديون الخارجية المتراكمة، وأتخمت الديون الخارجية، وانهارت أسعار النفط والخامات، فيما بلغت الديون المستحقة للعمال الروس ما يقرب من 12.5 مليار دولار.

وأدى ظهور ڤيروس كورونا إلى أزمة اقتصادية خطيرة بلغت مدياتها القصوى في “الاثنين الأسود” إثر انهيار بورصات العالم إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية 2008.

وقبل ذلك، مبكرًا في التاريخ، عصفت أزمة الائتمان، العام 1772 ببريطانيا، وانتشرت في عموم أوروبا، على الرغم من أنّ لندن تمكنت من خلق ثروة هائلة من خلال ممتلكاتها الاستعمارية وتجارتها.

الانهيارات المالية المتلاحقة عبر التاريخ، ولّدت تفكيرًا وإصلاحًا جديدين، وبدا واضحًا أن التقوّض المصرفي العام 2008 في الولايات المتحدة، كان له علاقة وطيدة بالصراعات السياسية، وتدخّل واشنطن في الكثير من النزاعات في العالم، بحسب الانتقادات التي وُجّهت إلى السياسة الأمريكية.

العراق، الذي لم يدخل مرحلة أزمة اقتصادية خانقة، أمامه الفرصة السانحة للاستفادة من تجارب الازمات العالمية السابقة، عبر تدخل الدولة في نشاط السوق، وإيجاد توازن بين العرض والطلب في السوق، وتحقيق العدالة الاجتماعية في سلم رواتب جديد، يضمن الأمن الاقتصادي لكل فرد في المجتمع، وترشيد الانفاق الحكومي، وتنوير الفرد في الاستهلاك المفيد، وإنماء الصناعة المحلية، وتقليل الاستيراد.

أحد ممرات عبور الازمات الاقتصادية، هو الاقتداء بالتجربة الاوربية والأمريكية في تخفيف وطأة الازمة على الطبقات الفقيرة، في رعاية العاطلين، والشروع في الإصلاح الصناعي والزراعي، واخضاع القطاعات الإنتاجية المهمة الى تخطيط استراتيجي للتوسيع والتطوير، والتحول من دولة ريعية الى إنتاجية، يكون فيها الفرد المنتج، هو الرأسمال لا برميل النفط.

الكاتب العراقي/ عدنان أبوزيد

مقالات ذات صلة

‫70 تعليقات

  1. نهج جدا راقي بان يكون الإنسان هو راس مال الدوله وليس فقط برميل النفط… كلام سديد يا كاتبنا العريق..

  2. لابد من وضع تخطيط واطار عاملة التعامل الصحيح لأزمة بشكل سليم وتجنب الطبقة الفقيرة من التأثير المباشر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88