إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

قلم أبيض

في طريقي إلى العمل رأيت طفلًا يبحث في حاوية القمامة، اقتربت منه وسألته في دهشة.. ليست الدهشة تمامًا، ولكن أثار فضولي؛ لماذا تبحث هنا، وعن ماذا تبحث، هل تريد مساعدة ؟.

نظر إليّ باستغراب، ولم يرد على سؤالي، بقيت واقفًا، وإذ برجل يخرج من وراء الحاوية كان يخبئ بعض الأشياء، قلت: عذرًا سيدي، هل هذا ابنك؟ قال بكل هدوء: نعم ابني، قلت: ألا تخشى على نفسك وعليه من المرض، خاصة بسبب كورونا؟ قال: بلى، قلت: وكيف تبحث في القمامة؟ قال: أبحث عن رزقي -هنا- وقوتي وقوت أولادي، أجمع الخبز المرمي هنا في الحاوية، وهكذا أكسب قوتي وحسنتي، لعل الله يقبل مني؛ فإنه يحز في نفسي أن أرى الخبز يرمى هكذا وبهذه الكمية، الحيوانات بحاجة إليه؛ ولذلك سأبيعه لمربي الأبقار والأغنام وأكسب بعض الدراهم وبعض الحسنات.

لم أستطع الرد عليه ولا حتى مناقشته في الموضوع، لأن له الحق في كل كلمة قالها، ولكني نصحته أن يعتني بصحته وصحة ابنه ويستعمل الكمامة والقفاز، خاصة ونحن تحت سلطة هذه الجائحة، وفي زمن لا يرحم، لا من الفقر ولا من المرض، فقال الرجل: تقصد كورونا، قلت نعم. ابتسم وقال لي: حاضر سأفعل إن شاء الله.

وشكر لي النصيحة والاهتمام، فقلت له: عفوًا يا عم كانت مني النصيحة وكانت منك الموعظة، بارك الله فيك ورزقك الله من بابه الواسع ودعته والطفل وانصرفت.

وتلك الصورة لم تبرح مخيلتي.

الكاتبة الجزائرية/ مسعودة مصباح

مقالات ذات صلة

‫70 تعليقات

  1. لمست التماسك بين الفقرات والتدرج بها من فقرة إلى أخرى؛ لإيصال الفكرة إلى القارئ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88