على أكتاف الوجع
ويسقط عاليًا من شرفة الأحلام وشهقة الحب؛ لتتدحرج أنفاسه العليلة في تلاوين الظلام، وسكون الأوهام.
لوحده استيقظ من غفوة الأحلام؛ و استرسل في لهفته بحثًا عن حبها وسط الركام؛ ركام الخوف، والقهر، والعذاب.
ثم استدار لنفسه فإذ به خاليا، وحيدًا، باردًا وسط السواد، ينشد النور، وبريق حب لم يكتمل، ولم ينضج بعد من ثغرها.
لم يعاتب القدر ولم يسلم أمره للخديعة، بل ظل شامخًا، رافعًا أنفه في أعماق حزنه، لا يعرف الهزيمة حتى وهو مهزوم، إنه بطل يقتل نفسه فداء الوطن ولأجلها.
لكنه اليوم يداف في وحدة قاتلة؛ بين أربع جدران باردة، وفارغة من الرحمة، لا يفقه كيف يدفأ قلبه البارد أيضًا من صقيع الأوهام.
هو يشجي ولا يبكي، أو يطارح الوجع ويختفي في جلبابه، أو لعله ينازل آلامه بصبر يتجدد بين الفينة والأخرى، لكن هل يدوم على هذه الحال؟ فدوام الحال من المحال كما يقال.
أم أنه سينهار ذات صباح ليصرخ: “أطلقوا سراحي لأجلها”؟
الحب يفعل المستحيلات، فهو يجدد الأسمال البالية، ويجبر الزجاج المنكسر، ويرقع شظاياه فتعود كما كانت.
والحب أيضا يصنع التاريخ، والمجد والبطولة، ويحرر العبيد والعقول والحقول بإرادة عجيبة وقوية، سرها الإيمان بمن نحب وبما نحب.
كما أنه روح الكون ولولاه لما عاشت به الكائنات بضع ثوانٍ، إنه كائن رائع؛ لا بد أن نغذيه بعقولنا وعلمنا وعملنا.
لكن.. هل ينتصر حب الوطن على حب المرأة أم أنهما يتعادلان، نصرًا أو هزيمة.
فعلى طاولة الشطرنج يلتقي اثنان أحدهما سيغلب صاحبه، إما بحذاقته وذكائه، أو بحيلته ومكره ودهائه، أما الثاني فهو مهزوم ربما لعدم حرصه على الفوز، أو ربما لاستخفافه بقدرات مباريه، أو ربما لا يهمه إن فاز أو خسر.
لكنه أمام جبروت الموت لا يفقه للعب شيئًا بل لا يجد له مكانا، فليس له محل من الإعراب، فبين خوف وهلع وثورة وجدانه، وطوفان حبه ولفحات الهوى، وصمت الجدران وانتظار النهار، تتجلى بطولته وحصافته ورصانته.
إنه يبارز الليل وظنونه، والوجع ولسعاته، والحب وطرقاته، فبمن يحتمي؟ وهل يخسر أم يفوز بجولات اللعب؟
عادة ما يفوز باللعب أصحاب الأعصاب الباردة، فبكل برودتهم يوقدون فتيل فوزهم. وهل هو في ساحة اللعب أو المغامرة؟.
نعم قد أصبح كذلك بعدما سلب حكم الإعدام توازنه.
يقف تارة ثم ينتفض جالسًا، يرفع يديه الخاويتين من الدفء ليناجي ربه: “يا رب أنا العبد الضعيف وأنت قوتي، لا حول لي ولا قوة إلا بك؛ مدني بعون ومدد منك، وفرج كربتي يا مفرج الكروب”.
ثم يلتوي على نفسه ليفتح بابا للذاكرة الخرساء لتنطق أخيرًا، بحلوها وبمرها، لتقول له: “أنت الفائز والبطل فعمرك كله بطولة قد دونت اسمك في التاريخ فامضِ إلى حيث تريد فالله معك”.
إنه يعيد شريط حياته على عجل ليقف في المناطق الصامتة، ليسأل: “هل هذه هي حياتي تضحية وبطولة فحسب، وأين نصيبي منها؟، فأنا لم أتجاوز الثلاثين عامًا، ولم أتزوج بفتاتي التي أحببت، ولم أنجب أطفالًا ليحملوا اسمي. هل أموت فجأة دون أن أترك ذكرى من لحمي ودمي؟.
فأي بطولة تنتظرني من الإعدام ووطني لم يتحرر بعد.. وما ذنب خطيبة انتظرت عرسها لخمس سنوات ثم تدفن حبيبها لتعيش جرداء قاحلة من السعادة تجر أذيال الحياة إلى الموت لا غير،
اللعنة.. اللعنة، كيف أصبر يا رب. هو ميت لا محالة، فهل يخمد نيران حبه المشجب وشوقه الملتهب في صدر ملّ النصب من عشقها المتمرد ليفي بعهده للوطن ويستشهد ويقفز إلى أعلى درجات الشرف؟؛ عله يصغي إلى حبها ليحاول إنقاذ رأسه قبل أن يستأصلوه من جذوره.
إنه لا يدري ماذا يصنع في خلوته برفقة السجان، بيد أنه إنسان، رغم جبروته في ساحات النزال وانتصاره في مصارعة العدو، وصبره لسنوات تحت وطأة الحرب، يحافظ على هدوئه، ولن يهدأ ما دام يؤمن بقضيته وقضايا وطنه المستدمر.
لن يهدأ.. حتمًا سينهار في وجه الظلم ليعلن الحرب ضد السجان و من وراءه؛ فهو مظلوم كإخوانه ومن حقه أن يدافع عن كيانه، وعن حريته، وعن كرامته، وعنها مادام حيًّا.
ويأتيه الضعف راكضًا في عتمة الصبر، ليلقي به في قفص الاتهام وهو السجين المرغم على الوحدة القاتلة بين جدران لا تسمعه إذا تحدث إليها ولا تحس به إن خارت قواه.
ولأنه لم يجدها بقربه، انتفض باكيًا دون أن يسمع أحدٌ، ليصرخ ببقايا صوته المبحوح: “آه يا عمري المتراكض صوب الحلم؛ لا حلم بعد اليوم، أُعدمت وانتهت حياتي قبل أن تبدأ، وهذا القلب العاشق لا حبيب له بعد اليوم؛ غدا ينفذ حكم الإعدام فلا كلام ولا سلام، ولا حتى مجرد سلام من رفيقة الأحلام، من الجزء النابض في روحي…”
محمولًا على أكتاف الوجع
صوتي بالكاد يُسمع
ووجهي أرهقه الدمع
أكاد أقع
من علو الآهات
وشساعة القمع
أكاد أقع
أتوسد إرادتي المتورمة
قد اخترقها مدفع
يحمل الموت إليّ
بصوت مفجع
يأتيني مباغتًا
يقول لي الموت اركع
يسحبني من مسافات الحياة
لرحيل مزمع
يغتال صفحاتي العذارى
ويخر ظس القصيد المتوجع
ويغتصب أفراحي إن وجدت
ويبكم حبي الساطع
لوطني آه لو يسمع.
الكاتبة الجزائرية/ د. فتيحة رحمون
عنوان رائع للمقال
الله اكبر علي الكلام
مقال اكثر من ممتاز أستاذة
بارك الله فيكي
احسنتي الكتابه والنشر
ابدعتي تحياتي لكي
كلام رائع جدا
بالتوفيق والتقدم دائما ان شاء الله
قمة في الاداء
ابيات شعريه سحرية جميل
ألاحظ نجاح الشاعرة في توصيل المعنى من خلال وضوح الفكرة
جميل وروعه ممتاز
صدقت القول
ما اجمل واروع هذه الابيات الشعريه
اتفق معك في كل كلمة
اللغة ميسورة وسهلة التراكيب ومحببة لأذن القاري والسامع
بالتوفيق دائما أستاذة
جهد مشكور يسلموا
حياك الله ورعاك دائما
جمعت الشاعرة بين أنواع الصور البيانية والأساليب المباشرة
جهد مشكور
كلام مضبوط جدا
أصبت القول يا استاذنا
تبارك الله
جهد مشكور يسلموا
موفقين دوما
دقة في التعبير، وجمال في التصوير، وروعة في الوصف
التراكيب قوية، والعبارات مبنية على بعضها البعض.
وازنت الكاتبة بين عمق الفكرة وجمال الأسلوب
أجادت الكاتبة توظيف عنصر التشويق، وأسلوبها يتميز بالأناقة والوضوح
نجحت الكاتبة في توليد المعاني (انطلاقًا من المعنى الأم ثم تفصيله بمعانٍ تابعة منه)
جددت الشاعرة في الكلمات الموحية لذات المعنى
نجحت الكاتبة في الموازنة بين النغم والقافية والتنويع بينهما دون خلل أو تكرار
قرأت للكاتبة عدة نصوص فوجدته يحرص على تنوع المواضيع، وجمال المفردات وحسن انتقائها
بارك الله فيك
كلام جميل
سلمت من كل سوء
وفق الكاتب في عرض الفكرة
أصبت القول موفقة
لا اتفق معك في الرأي
يسلموا كاتبتنا المميزة
الأسلوب جزل قوي، واللغة فصيحة أصيلة
هناك بعد الصور البيانية لم أفهمها جيدًا، لكن الشاعرة أسرتني بجماليات أسلوبها وروعة تعابيرها
يعطيك الف عافية
أجادت استعمال الصور، وتزيين النص بالمحسنات خدمة للموضوع
وازنت الشاعرة بين عمق الفكرة، وجمال العبارة
تبارك الله
دمت موفقا
زادك الله من فضله
يسلموا أستاذتنا الغالية
برافو عليك شيء روعه
نتفق معكي في هذا الكلام
انتي كاتبة متالقه دائما مميزة في مقالاتيك
ننتظر منك المزيد والاداء الراقي
احسنتي قولا شيء جميل وعظيم
موفقه باذن الله ومزيد من التقدم
من نجاح الي نجاح
ما اروعكم في هذا الكلام دمتم فخرا
عمل مميز وأسلوب راقي في الكتابة
انتي مبدعة في جميع مقالاتيك
الله عليكي روعة ما شاء الله
اداء روعة ومميز وراقي
باذن الله نري منيك المزيد من النجاحات والتقدم
كاتبة ممتازة ومقالات في غاية الروعه
شيء عظيم فعلا
مزيد من التقدم الي الامام للوصول الي القمة
تألق واضح وكلمات معبرة
انتي تقدمي اروع الكلمات والاليات
كلام يهز المشاعر والاحاسيس
ننتظر المزيد وبالتوفيق ان شاء الله
اروع الابيات الشعريه الساحرة والشيقه