إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

القتل والعقل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد…

ورد في مسند الإمام أحمد ما نصّه:

( إن بين يدي الساعة الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل، قالوا: أكثر مما نقتل؛ إنا نقتل في العام الواحد أكثر من سبعين ألفًا، قال: إنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضًا، قالوا: ومعنا عقولنا يومئذ، قال: إنه لينزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان).

المتأمل في الحديث أدنى درجات التأمل والإمعان يظهر له جليًّا، معنيان:

الأول: أن وجود القتل أمر حتمي فهو كوجود المشترين والباعة، أما تقاتُل الإخوة فشرط من أشراط الساعة.

الثاني: أنّ تقاتُل الإخوة يُعد أحد أصول زوال العقل.

لا شك أن القتل ترفضه النفوس والفِطر السوية، لكن الحكمة الإلهية اقتضت بأن يكون أحد الخصائص الحياتية، فالله تعالى جعل لوجود القتل حِكم وغايات أثرها أبلغ من حِكم وغايات عدمه، وليس هو بالذات فله إخوة وأخوات، مثل: (الظلم، والكذب، والسرقات)، فأوجده منذ زمنٍ طويل، أعني به زمن قابيل وهابيل.

الفكرة هنا عن علاقة القتل بالعقل، صحيح أن القتل غير مقبول لكنه يبقى في دائرة المعقول، فله أسباب ما إن تحضر يتعيّن حضوره على أولي الألباب.

لما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة أن معنى الهرج: القتل، لم يفهموا منه ذات القتل فهو شيء من واقِعِهم المُعاش، وبما أنه وقع في زمنهم فوقوعه في زمنِ ما بعدهم آكد، لكنهم فهموا أن المراد عدده فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن المسألة أبعد من مسألة العدد فهو في قتل بعضهم لبعض، هنا استعظم الصحابة الأمر والتبس عليهم فلم يجدوا سببًا يتناسبُ مع ذلك إلا زوال العقل؛ فاستفهموا “ومعنا عقولنا يومئذ؟”، فأكّد لهم النبي صلى الله عليه وسلم صحة ما توصلت له أفهامهم بأنه يُنزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان.

من هذا يتبين أن العقول في زمنٍ من الأزمنة يصِلُ بها الاضمحلال إلى استساغة قتل المسلم أخيه، دون أن يعرف القاتل لم قَتَل ولا المقتول لماذا قُتِل كما ورد في حديث آخر.

السؤال هنا: ماهو الزمان المقصود في الحديث؟

لا خلاف أنه لا يمكن تحديد ذلك بدقة، لكن حينما تكون في زمن تصبح فيه كلمة قتل من الثقافة، وتُتَداول كثيرًا بين الزملاء وفي الاستراحة، ولا تخلو منها أوراق الصحافة، ويُعدُ ذكره في القصائد من الفصاحة، وتعُجُّ بقضاياه مجالس القُضاة والساسة، وتطلب بسببه الملايين من باب المساعدة، وليس الأمر إلى هنا فقط بل قاصِمُ الظهر أن تسمع من يعتقد ذلك ديانة.

ختامًا: إن لم يكن زمانُك هو المقصود، فزمان من يا تُرى الموعود؟

وبالمناسبة، تأمّل في الألعاب التي يكون الطفل فيها مشدود.

والحمد لله رب العالمين

بقلم/ زياد بن عبد اللطيف الفوزان

مقالات ذات صلة

‫50 تعليقات

  1. الكلمة مفزعة وما يحدث الآن مروع جدا، ولا يفسره إلا غياب عقل حتى وإلم يشخص مرتكبه بالجنون، عافانا الله وإياكم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88