حكاية تدين صحوة
تألمنا لحظة العناق وانتهينا إلى لحظة نفاق. لم ندر لحظة التدين الأولى من محبوبتنا؟ وكم المهر المطلوب؟ فقط حججنا لها في الصفوف نلبي معبودًا لا نرمقه.. لأجله كتبنا الخوف والبكاء وقلق الأرواح، مع أب وأم وأخ يخاف علينا التدين الجديد، والصحو الجديد؛ ثوبًا قصيرًا أولًا، ثم ترك المعازف ولزوم العبادات وملازمة الإخوة في الله. سياسةً في في قالب تنفلات.
كل شيء غائم لكنها رعود وبروق اللحظة، وجوع الجوف، وفراغ المكان والزمان.
انتهت القصة.. وفقنا من سكرة الجُرعة إلى لحظة انتباه فيها من أفاق والكثير لم يُفق بعد.
ليست فكرة التدين ووجودها بؤس نندم تلبسه، فكل الكائن البشري مقدِّس بالطبع، لكنها صيرورة لم تحمل جنينًا في رحم ريحها.
اليوم أحكي شواهد تجربة أراها تملأ أنامل وأقدام رفاق الطريق. أروي بعض جوفها في نقاط:
1- التأدب الساكن: تعبير مؤدب لسلوك رفاقٍ يُحسنون الانصراف دون الحضور. تغيب في رجولتهم جل الرجولات؛ فلا حق لصديق وعشرة، ولا وصلٌ متخلق أو جميل عِشرة، لا معرفة لفضل كبير أو رحم أو جار، لا جود نفس أو سؤال أدب أو تبشش أناقة. يعرفون ما تعرفه بداوة اللحظة ووحشية التصحر والجفاء. غابت رجولة المواقف وتدين الوفاء وأخلاق التحضر وحضرت أجساد ملتحية متقزمة الأخلاق إلا لمشابه، أما الأصول وأعراف الذوق الاجتماعي فدونها تاريخ من الكسر والحذف، اكتمل بنسيان المجتمع لسلومه وأعرافه الجميلة، لندخل اليوم نفق الفردية والذاتوية.
2- التعالم: لا ينطلق اللسان فصاحة حب، أو بيانٍ وعلم، لكن الحال ينطق زُمُوم ذات تسخرُ في صمت، ذاتٌ تمتلئ ولا ترى في غيرها غير كبوات الوصل مع الله، ومع ذواتهم التي لم تعد القِبلة القديمة.
يقرؤون المشافهة نصوصًا هي الانتماء، وأفكارًا مشتركة بثها شيوخ الهدى قبل عشرات السنين!.
3- الولاء لشيء غامض: لم أعلم يوم الشراكة لأي مشروع أثور، ولا اليوم أعرف لهم رب، كل شيء غامض، سوى الأجساد مرتبكة حامية تُتمتم بتعويذات ومقولات لا نرى منها كتابًا منشورًا، ولا قولًا يُبين معبودًا، ولا مشروعًا يحمل صيرورةً تنضح وضوحًا. إنهم في جهاد في غير عدو، لكنهم اليوم يُحبون الأرض والمال والنساء ووالديهم (فقط)، وربما ذواتهم.
4- السياسة في الحارة: معالم تجديدية في سلوكهم البارد الساكن، نلحظها في نماذج ولاء نضحت بعد امتلاء الحسابات البنكية برواتب وظائف نالوها في تخصصات مقتوها زمنًا ويتفاخرون بها اليوم مكانًا وحالًا. لهم حركة تقريب وإبعاد وتأييد وتسفيه، تخضع لميزان قوى الطبيعة والتدافع والبقاء للأقوى. سِلمًا لمن سالم مصالحهم، وراعى نفوسهم الطاهرة، وفتكًت وتآمرًا لمن زاحم محبيهم وتطلعاتهم وشغاف قلوبهم.
5- الذاكرة لا تعمل: كانت مُحملة بكل شيء ترومه الأمة والرفاق من مجدٍ مؤمل وطريق شاقٍ لا يقطعه غير الصُحبة وبركة مشائخ الهُدى. فجأةً ومع الأسف لم تعد الذاكرة تستدعي شيئًا، بل أصابها داء الشيخوخة. ربما تم حشوها بمأثورات جاهزة، وفتاوى مُعلبة حتى عطبت من ثِقل.
أعلم أن العقل لم يتم إعداده للفهم والنقد، لكنني أتعجب من ذاكرة كان يحسن بها أن تستدعي مواقف الصِحاب وجمالات مخزونات معارف، أين ذهب ما فيها؟ ولماذا لا تلوكه الذاكرة لتنثر بعض ما فيه؟ فلربما زانت منهم بعض سلوكات.
ليس كل هذا جناية رفاق (صحو الغيم)، بل إن الفاعل المكاني والزماني والثقافي والاجتماعي والسياسي بعث في الوجود وجودّا، ومع البروق رعودًا ومطرًا وإنباتًا غيّر مسار التاريخ، لكني أعود فأقول: “لم تكن مطاياكم تحمل صنائع، ولم يكن في الإبل الكثيرة راحلة”.
إن الأمل في التنوع والاختلاف أن يبعث حركة تنفح الوجود قولًا بالعمل، لتأسيس أعراف التأنق اللطيف، تواضعًا للبعيد والقريب، حقًّا لجار ورحم، وزهدًا في الجمع والبلع مما يؤذي الناس ويُشعل في النفوس حقدًا، وحسدًا، وسوء خلاق.
الكاتب/ سالم بن عبد الله القرشي
salemqurashi@gmail.com
حساب تويتر Mansa2099@
اتفق معك في كل كلمة
سلمت يداك
عنوان مثير للاهتمام
مقال ممتاز يسلموا
عمل موفق سلمت يداك
لا اتفق معك في الرأي
لافض فوك مقال ممتاز
إن الأمل في التنوع والاختلاف أن يبعث حركة تنفح الوجود قولًا بالعمل يسلموا
امتازت المقالة بسهولتها وبساطتها، وبأنّها تورد مختصر
جيد جدا
الموضوع المطروح دون تفاصيل أو تعقيدات.
لمست التماسك بين الفقرات والتدرج بها من فقرة إلى أخرى؛ لإيصال الفكرة إلى القارئ.
لغة مكتوبة بشكل واضح بحيث لا يحصل لبس في الفهم عند القارئ.
نجح الكاتب في توصيل الفكرة من خلال وضوح العبارات وسهولة التراكيب.
راعى الكاتب ارتباط الأفكار في المقال بشكل وثيق، ولكن كنت أتمنى مزيدًا من التفصيل.
استهلال رائع في المقدمة
وفقت لكل خير
يعطيك الف عافية
جذبني أسلوب المقال من البداية إلى النهاية.
بارك الله فيك
يعطيك الف عافية يا أستاذنا
مقدمة رائعة
صدقت القول
بارك الله فيك
تسلسل الأفكار في المقال موفق
عمل موفق سلمت يداك
كل شيء غائم لكنها رعود وبروق اللحظة، وجوع الجوف، وفراغ المكان والزمان. بالضبط
يسلموا مقال جد جميل
حفظك الله كلام مضبوط
كانت بداية موفقة ومقدمة شائقة للغاية.
أسلوبه سهل واضح يفهمه كل قارئ.
أسلوب يمتلئ بالصور الفنية، دون تكرار أو مبالغة.
تبارك الله مقال رائع
دمت موفقا كاتبنا العزيز
أصبت القول مقال ممتاز جدا
استخدم البراهين العقلية والتسلسل المنطقي للأفكار في كل الفقرات.
وظف الحجج والأدلّة القوية في الإقناع.
وفقت لكل خير
ابتعد الكاتب عن التكرار في توصيل الأفكار.
نجح الكاتب في التعبير عن وجهة نظره دون مبالغة.
بارك الله فيك
جهد مشكور وفقت لكل خير
وفق الكاتب في عرض وجهة نظره
سدد الله خطاك
عمل جد موفق
سلمت يداك
لا اتفق معك في الرأي
ماشاء الله كاتب موهوب
الكلمات معبرة جدا
ليس كل هذا جناية رفاق (صحو الغيم)، بل إن الفاعل المكاني والزماني والثقافي والاجتماعي والسياسي بعث في الوجود وجودّا
أصبت القول
إن الأمل في التنوع والاختلاف أن يبعث حركة تنفح الوجود قولًا بالعمل، لتأسيس أعراف التأنق اللطيف، تواضعًا للبعيد والقريب، حقًّا لجار ورحم، وزهدًا في الجمع والبلع مما يؤذي الناس ويُشعل في النفوس حقدًا، وحسدًا، وسوء خلاق.
أوجزت وأصبت.
بورك قلمك وحرفك الأنيق
إنها ليست جناية الصحوة لكنها نتاج ما تراكم من أخطاء
ممتاز جدا، أبدعت توصيف الوضع
زاوية مميزة كالعادة