إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

إن أكرمكم عند الله أتقاكم

سنة الأختلاف بين البشر أمر وضعه الله -سبحانه وتعالى- في عباده، فهم مختلفون في اللون والجنس والطباع والعادات والتقاليد والفكر ونمط العيش، وأمور أخرى؛ لذا علينا أيها الأحبة أن نقر بهذا المبدأ الذي يعد من سنن الله في خلقه، وعلينا أن نجعله سلوك حياة، وأن نعترف بأن كل فرد من البشر له كينونته الخاصة وإن اتفق البعض منهم في جوانب منها إلا إن مبدأ الاختلاف يعد الأكثر حراكًا وصدقًا.

ولعل هذا الأمر أو فلنقل سنة الله في خلقه، يجهلها أو يتجاهلها البعض منا، ممن ابتُلِيَ بحب التسلط المطلق أو شبه المطلق وحب الأحادية في تسيير الأمور، وهذا ما جعل هذا الأنموذج لا يدوم بل يزول أو يدمر، فاحتكار المعرفة وبالتالي افتقاد مبدأ الحوار بين الأطياف والمذاهب والأجناس يعد السبيل الوحيد لفهم دواخل الآخرين، وتجاهل ذلك بالتأكيد سيؤدي إلى تنامي حالات الانقسام وانتشار الحروب والقتل بين الناس، ولعل ما نعيشه هذه الأيام في مجتمعاتنا النامية من تسلط فكري ومذهبي وطائفي يوحي لنا بقدوم الكثير من العواصف المشحونة بالعداء والبغضاء وخاصة في ظل وجود المقومات المتاحة لأصحاب تلك النفوس المريضة لنشر سمومهم من خلال أجهزة الإعلام أو برامج التواصل الاجتماعي التي أصبحت متوفرة في كل بيت من هذا العالم الفسيح دفعت بالبعض من أصحاب القلوب المريضة لاستثمار تلك الفرصة لفرض ثمرات فكره، ذلك الفكر الموبوء والمتضخم بالأحقاد والضغائن.

لذا.. علينا أيها الأحبة أن نلتفت لذلك المنزلق الخطير، وألا نعبأ بما يدور حولنا من تلك المكونات الفكرية التي يغذيها وينشرها البعض، وأن نسعى لتحكيم عقولنا وضمائرنا الوسطية بما يتناسب مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يحث على الوسطية في كل شيء، كما في قوله سبحانه وتعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)؛ لذا علينا أن نجعل ذلك سلوك حياة في كل منحى من مناحي حياتنا كي نعيش في مأمن من الوقوع في تلك المنزلقات التي سنواجهها حتمًا أمامنا في كل مسلك نتجه إليه.

وختامًا: يبقى المعيار الذي يقاس به المرء بعيدًا عن لونه أو لغته أو جنسه، ذلك المعيار الذي حدده الله في كتابه العظيم وهو التقوى، والتقوى مكانها القلب، ولا يعلم ما في القلب إلا الله سبحانه. قال تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
أما معايير البشر فهي مختلفة ومتلونة قد تكون ظاهرية أو عاطفية تميل لجنس أو طائفة أو مذهب، مما يترتب عليه الكثير من القضايا الممتدة والمتشعبة عبر الأزمان والتي تفرز الصراعات والحروب والتشرذم بين البشر.

والله من وراء القصد.

بقلم/ د. محمد سالم الغامدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88