إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الخبيث والطيب

يقول تعالى في سورة المائدة ﴿قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (١٠٠).

في تفسير القرطبي ذكر أن: الخبيث والطيب: هما الحلال والحرام. وقال السدي: المؤمن والكافر. وقيل: المطيع والعاصي. وقيل: الرديء والجيد، وهذا على ضرب المثال.

والصحيح أن اللفظ عام في جميع الأمور، يتصور في: المكاسب، والأعمال، والناس، والمعارف من العلوم، وغيرها؛ فالخبيث من هذا كله لا يفلح ولا ينجب، ولا تحسن له عاقبة وإن كثر، والطيب وإن قل نافع جميل العاقبة.

فكل خير مهما كان قليلًا فهو خير من فساد مهما كان كثيرا.
فالقليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار ، كما جاء في الحديث: “ما قل وكفى، خير مما كثر وألهى”.

وروي عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أنه قال: يا رسول الله، ادع الله أن يرزقني مالًا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه”.

وصاحب العقل السديد والحكمة الرشيدة يعلم هذه الحقيقة، فلا يظل يطلب من الله زيادة تلو الزيادة في الأموال والزينة، بل يطلب الستر والرضا. والحصيف من يتق الله ويعرف ذلك ويعمل به فيكون له الفلاح في الدارين.

وكم يحتاج إنسان هذا العصر أن يعي هذا الدرس، خاصة في ظل سيطرة المارد المادي على كل مناحي الحياة، وزادت النزعة الاستهلاكية المقيتة؛ فعبد الناس المال والمظاهر وابتعدوا عن الجوهر وتحسين الذات.

هذه الآية الكريمة تسقينا ترياقا يشفينا من الانبهار بالكثرة، ومن وجوه الكثرة، الشهرة التي أفسدت عقول الناس، خاصة في مرحلة المراهقة والشباب، وصارت الزمرة الكثيرة العدد هي الصائبة وإن كانت غير ذلك، فقط من أجل السطوة واتباع الهوى وعبادة الرفقة والمتعة أحيانا.

نسأل الله رشدًا يجعلنا نميز الخبيث من الطيب، ونتبع الطيب ونتمثل به.

بقلم/ د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

‫37 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88