دكتورة سهير الغنام رئيس رابطة المرأة العربية الحرة المقيمة في الإمارات تقدم لكم (حبر وورق)

لم نكُنْ نتوقع أنكَ بهذه القوة أو بتلكَ الحيل، لطالما تخيلكَ البعضُ شيئًا لا وجود له، فكان يتهاونُ في حقك، ولم يأخذ أي إجراء احترازي منكَ، وكأنما كان يقول لستُ أنا من يهتزُ لوجود فيروس ضعيف مثلك إلى أن رأى بعينيه فقدان الجار والصديق والقريب، وأدركَ بل واقتنع أن الموت عندكَ صار لُعبة بين يدي قسوتك.
نعترفُ أن لكَ رهبة، وأن الخوف لدى البعض يملأ أنفاس الصمود، وأننا نحاربُ عدوًا غير ملموس، ولكن له أثر لا يمكن إنكاره، فما أصعب أن تقاتل المجهولَ الذي لا تدرك عنه سوى قشور غير مؤكدة!
نقرُ أنك جعلتنا نغير من روتين يومنا بل من عادات تَربينا عليها. فتوقفنا عن الزيارات العائلية والخروج مع الأصدقاء، وصرنا نتعلم عن بُعد، ونكتفي باللقاءات الافتراضية عبر وسائل التواصل، نعم نجحت في إبعادنا مكانيًا عمن نُحب لكنك لن تنجح أبدًا في محوهم من قلوبنا، تكيفنا معكَ وصرنا نمارس كل أعمالنا بوجودك، بل إننا تعلمنا من المحنة أن الجميع في قاربٍ واحدٍ إما أن ننجو معًا أو يُهلكنا مهملٌ.عرفنا مدى أهمية البحث العلمي وأن الاهتمام بالطعام والشراب ووسائل الرفاهية مجرد كماليات وليست ضرورات، وأن إعمار الأرض هو الهدف الذي خُلقنا من أجله، فرفعنا قدر العلماء والباحثين، ووفرنا لهم كل ما يحتاجون من أجل إبقاء الإنسان في مأمن من الأمراض الفجائية.
أدركنا أهمية التكنولوجيا التي كان يبغضها البعض، ويغضُ الطرفَ عن كل مستحدثاتها، فلولاها ما تعلم الطلاب في بيوتهم، و لصارتْ الأيام متشابهة الأحداث وإن اختلفت في التقويم، فعن طريقها ذهبنا للصفوف الافتراضية وللرحلات والجامعات والدورات وورش العمل بل وقمنا بإنهاء كثير من المعاملات في المؤسسات الحكومية، ولولاها لتجمدتْ سُبل الحياة مخافة الفقد.
تأملنا فتيقنا أن الحياة أبسط من أن نقضيها في خلافات لمجرد اختلاف وجهات النظر، وأن الحُب والقرب شعور قد نُحرم منه في أي وقت إن لم نقدم له باقات التسامح والود، فتنازلنا عن كل ما يُعكر صفو حياتنا، وصرنا نلتمس لمن نحب أكثر من السبعين عذرًا.
شكرًا كورونا؛ لأن بفضل شدتِكَ تأملنا وتعلمنا وتكاتفنا وتوحدنا وتراحمنا، وصرْنا على قلبِ رجلٍ واحدٍ، نتشاركُ الألمَ، ونضمدُ الوجعَ، ونتقاسمُ الفرحةَ، ونستنشقُ الأملَ، ونتغنى بإيجابية أن غدًا أجمل.