وقفة مع رواية «الفيومي» للأستاذ طاهر الزهراني
“الأفكار والعواطف تأتي كالضيف في الجبال، دون دعوةٍ ودون إنذارٍ، لا مجال للاختفاء ولا للتهرب منها ومنه”. رسول حمزاتوف
———————————————-
أتممت اليوم قراءة رواية «الفيومي» للأستاذ طاهر الزهراني. كُتِب على غلافي الرواية أسماء ثلاث دور نشرٍ هي: الاختلاف الجزائريَّة، وضفاف اللبنانيَّة، ومجاز الأردنيَّة. وفي كل خيرٍ كما يقال.
في السطور الآتية بعض النقاط الانطباعيَّة المتواضعة عن هذا العمل -من وجهة نظري- متذوقًا، وقارئًا لا أكثر.
• جعل الراوي من الجبال بعلوها وجمالها وشاعريتها وحريتها وسحريتها وجاذبيتها، وما يكتنفها من عوالم أسطوريّةٍ ثيمةً رئيسةً لروايته. ليس هذا فحسب بل إنَّه جعل الجبل نظيرًا أو مثيلًا أو مكافئًا ومعادلًا موضوعيًّا لبطل الرواية الرئيس عطية. فعطية هذا يعشق الجبال والجبال تعشقه، وأخذ منها وعنها أنفتها وشموخها وعلوَّها وترفعها، وأكثر من ذلك احتضانها، وحمايتها لكلِّ ضعيفٍ وذي حاجةٍ من الحيوانات وغيرها من المخلوقات التي تستجير بحماها، ناهيك عن صبرها وجلادتها، وتحملها قسوة الأيام وتقلبات الليالي، وصقيع الشتاء، وحرارة الصيف، وهبوب الريح، ونزول المطر بغزارةٍ حينًا وندرته في أحيانٍ أخر.
أفلح الجبل في احتضان عطية نفسيًّا وجسديًّا، وحمايته بإذن الله من شرِّ كلِّ ذي شرِ، غير أنَّه لم يستطع حمايته من بني جنسه الإنسان. وأذكر هنا قول الشاعر:
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى
وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ
• يعرف القراء النخبويون في مجال السرد الروائي، وكذلك النقَّاد والكتَّاب أن موضوع روايةٍ كالتي بين أيدينا، هو مظنَّة وقوع كاتبه غالبًا في الحشو والاستطراد، وطغيان أحد الجانبين على الآخر وأعني بهما: جانب السرد، أو جانب التأمل والتمعن في قراءة الأحداث. غير أنَّ كاتبنا قد تلافى كلَّ ذلك بحرفيّةٍ مردُّها معرفته بأسرار الصنعة السرديّة، وتمكنه من أدواتها نتيجة قراءاته المكثَّفة، وخبرته المتمثلة في إصداره أكثر من رواية ومجموعة قصصيّة قبل هذا الإصدار. وقد أشار الناقد الدكتور أحمد صبرة إلى تتبعه روايات طاهر الزهراني، وما طرأ عليها واحدةً بعد الأخرى من تنامٍ في الأداء، ولغةٍ أخَّاذةٍ تستحق أن تكون مادةً للدراسة الأكاديمية.(1)
• يمكن وسم الرواية بالجريئة، وفي هذا الإطار يقول الناقد الدكتور عبد الله الزهراني: “وإن اختلفنا مع الروائي طاهر الزهراني، فإنه رجلٌ مدهشٌ إذ كان جسورًا في الكتابة واقتحام القضايا الصعبة، وهو من الشخصيات التي جاءت لتقول كلمةً حاسمةً في وقت أكثر ما نحتاج فيه إليها(2)“.
• استعان الكاتب بمراجع تاريخيّةٍ أشار لها، ممَّا منح عمله قوةَ ومصداقيَّةً وتأثيرًا. كما يتضح للقارئ جليًّا أن الكاتب أحسن كلَّ شيءٍ كتب عنه، وضمَّنه روايته كأفضل ما تكون الكتابة، ومن ذلك على سبيل المثال كتابته عن الرماية والقنص، وهذا آتٍ من كون الكاتب سأل كثيرًا، وبحث عميقًا، وتقصى بهدوءٍ ورويَّةٍ عنهما إن لم يكن تدرب عليهما، ومارسهما بالفعل. وهذه الخدمة المعرفيّة رفعت من العمل، وزادت من قوته وأثره.
• حسم الراوي أمره، واختار أن يجعل الحوار بين الشخصيات في روايته بلغتهم ولهجتهم المحليّة؛ مما أضفى على العمل مزيدًا من الواقعيّة والبساطة والحميميّة. وضحى في سبيل ذلك بكون بعض قُرّائه في أجزاء أخرى من الوطن، وفي بلدان عربيّة أخرى قد لا يفهمون بعض مفردات ومصطلحات ذلك الحوار. ويعرف أساطين الكتابة الإبداعيّة أنَّ أيّ اختيارٍ يقوم به الكاتب كثيرًا ما يأتي على حساب شيءٍ آخرٍ، وللكاتب الحقُّ كلّه في تقدير أيِّ الخيارين أكثر جدوى ومناسبةً وملاءمةً لعمله.
وكنت أتمنى لو أن الكاتب أورد في الهوامش تعريفات موجزة لبعض المصطلحات والمفردات الشعبيّة مثل: صِفْر وزِيْرٍ والصدور ونحوها.
• استخدم الراوي لغةً شعريَّةً، وصورًا شاعريّةً تتسم بالبساطة والعمق، ودقة الوصف، وما ذلك إلَّا أثرٌ من ثراء معجمه اللغوي، ووفرة ذخيرته.
• يقول الشاعر والناقد الأدبي الأستاذ سليمان الفايز، عن هذه الرواية: “رواية الفيومي” لطاهر الزهراني، لا أدري أيهما قادني إليها أكثر.. موضوع العودة إلى رحم القرية والتخلص من أدران المدينة والذي يمثل هاجس الانتقال من الصخب إلى الدعة.. أم ذلك البناء المحكم والتصوير الفني الأخاذ والذي افتقدناه منذ زمن بعد أن أصبحت الرواية موضة المثقفين لا المتخصصين”.
• إذا كانت رائعة رسول حمزاتوف: (داغستان بلدي) نصَّبت مبدعها ملكًا للجبال شعرًا، فـ (الفيومي) منحت طاهر الزهراني حيازة الجبال سردًا.
• أتمنى على وزارة الثقافة ممثلةً في هيئة الأدب والنشر والترجمة تكريم هذه الرواية ومثيلاتها المتفردة بما يليق بها.
وأثمن هنا لجماعة فضاءات السرد بأدبي مكة المكرمة احتفاءها بهذه الرواية، وتعريفها بها في ندوةٍ نقديّةٍ أقيمت قبل عامين تقريبًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيفة عكاظ. الأحد 9 ديسمبر 2018.
(2) المرجع السابق.
الكاتب والمترجم/ خلف بن سرحان القرشي
#خلف_سرحان_القرشي
السعودية – الطائف – ص. ب 2503 الرمز البريدي 21944
ايميل: [email protected]
تويتر @qkhalaf
حقا يجب على الوزارة أن تمنحها حقها من الاهتمام والتكريم، كلام منمق وأسلوب رائع، سلمت أناملك أستاذ خلف القرشي
قراءة ناقده جميله من كاتبنا القدير وإبداعاته الجمه
قراءة رائعة أ. خلف
رواية رائعة
سلمت يداك أستاذ خلف
الرواية لكاتب موهب بمعنى الكلمة
قراتها وبجد رائعة وتستحق هذا التقييم
سلمت يداك أستاذ خلف
الرواية متكاملة الأحداث وشيقة
يعطيك العافية الرواية رائعة
رواية ولكنها واقعية جدا
راعى الكاتب ترابط الأفكار داخل الرواية
بارك الله فيك المثال عرض الرواية جيدا
مبدع يكتب عن مبدع آخر في عالم الرواية
مبارك الرواية عليك يا استاذنا
ربما نقرا يوما أن الرواية حازت إحدى الجوائز الأدبية
تحمست كثيرا لقراءة الرواية
تقديم موضوعي للرواية
ننتظر المزيد من ابداعكم
مقال شيق من البداية للنهاية
عنوان مثير للاهتمام
اسم الرواية يوقظ الفضول في النفس
طارق الزهراني كاتب مميز
رواية ملهمة جدا
لغة المقال تتسم بالوضوح
عمل موفق في انتظار المزيد من ابداعكم
دمت موفقا استاذ طارق
المقدمة شيق جدا
مقال يخاطب عقل القارئ
وقفة مع الرواية موفقة
زادك الله من فضله
أحب هذه المقالات الادبية
المقال شجعني على قراءة الرواية
يعطيك الف عافية مقال دقيق
وفق الكاتب في اختيار العمل الأدبي
رواية تستحق المزيد من العرض
نقاط في محلها في تقييم الرواية
نقد بناء لا يبخس الكاتب حقه
الحبكة في الرواية تبدو رائعة
زادك الله من فضله العمل رائع
ليس فيها سوى القليل من التقاط السلبية
تناولت الرواية بعدا آخر للموضوع وفق الكاتب في عرضه
استخدم الكاتب أسلوب ومفردات تخدم فكرته
أحب هذه الموضوعات الأدبية جدا
وفق الكاتب في عرض عناصر الرواية جيدا
مقال مفصل عن الرواية
تقديم وافي للرواية
رواية تستحق المزيد من الثناء عليها
تبارك الله الرواية ممتازة
ممتاز جدا وفقت لكل خير استاذ طارق
كلام مضبوط يعطي الرواية حقها