إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

مفهوم تغيير المنكر

ورد في الحديث الشريف: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)

مفهوم تغيير المنكر:

يقول الكاتب الياباني “جونجي كينوشيتا” هناك جرائم لا نتحمل مسؤوليتها مباشرة، أي لا نشارك فيها، ولكن لا بد أن نُحمل مسؤوليتها. وأعتقد أن هذا القول يصب في طبيعة مفهومنا الثقافي كحاضنة اجتماعية بوعيها النمطي لكيفية تغيير المنكر بالقوة وليس بالقدرة والكفاءة وأحقية القانون، ونعلم أنه قد يكون هناك منكرًا بالغ القسوة يمارس ضد المستضعفين ويحوله الفرد العربي بتقديسه لقوة المغالبة إلى فضيلة، وهذا حاصل من خلال الإعجاب بشخصيات ذات نمط مستبد تعتمد القوة في قهر الإنسان وسحقه عوضًا عن قوة التغيير الإيجابية بإعادة التأهيل والبناء؛ ولذلك نجد بلداننا العربية هي الأدنى تصنيفًا بين دول العالم في مسألة حقوق الإنسان، وبالطبع هذا حال لا يدعو للافتخار، والإسلام منه براء.

كدلالة على تمسكنا بالقيم نردد دائمًا (الحق أحق أن يتبع) وورد عن الإمام (علي): “إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، اعرف الحق تعرف أهله واعرف الباطل تعرف أهله”. ويقول المسلمون في الدعاء المأثور (اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه).

غير أن الوضوح في التفرقة بين الحق والباطل كمطلب أساسي ومعيار في الحكم على الأشياء ليس في مقدرة الجميع. نتيجة الخلل المعرفي وسوء الفهم أحيانًا، عدا عن ضعف الإدراك واتباع بعض الناس هوى النفس الغالب؛ لذا لا يحق لكل من هب ودب أن ينصب نفسه مسؤولًا أو مدعي يأخذ على عاتقه مهمة التدخل لتغيير ما يحسبه باطلًا.

هي مسؤولية الدولة ومؤسساتها، لا مهمة أفراد وجماعات أحادية الفكر تقتحم من آن لآخر أماكن الفعاليات والحفلات وتشيع الفوضى، كما يحدث ونعاني منه في السابق. في ظني أن رفع الظلم وتحقيق العدالة يجب أن تعد من أولويات فضيلة تغيير المنكر الغائبة في عالمنا الإسلامي.. ولكن هذا يكون من خلال مؤسسات المجتمع المدني وبطرق نظامية واعية تنشد صلاح وسلامة المجتمع. فمسألة تغيير المنكر إذا ما استثنينا النصيحة لا يجب أن تكون عملًا فرديًّا بالمطلق ولا توكل للمتنطع المتشدد، ولكن هي مهمة علماء الاجتماع وخبراء تربية ورجال فكر لهم رؤية وقدرة على تغيير المفهوم الثقافي للمجتمع نحو الأفضل.

نعم قد يقدم البعض على منكر مثل تعاطي المخدرات، ربما نصادف مثل هذا في حياتنا اليومية ولكن يحتاج التدخل لحكمة ومراعاة تقويم هذا الشخص.

روى لي مسن: أن أحد وجهاء حارة من حارات المدينة في السبعينات الميلادية كان يأخذ بيد شارب الخمر المترنح في الطريق بعيدًا عن أعين العسس ويحتجزه في إحدى الغرف في داره إلى الصباح.
ما أجمل هذا الفعل الذي يغلب جانب الستر على فضح الشخص وكشف عيوبه أمام الملأ.

بقلم/ عوض نايف

مقالات ذات صلة

‫56 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88