إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

هواجس الخوف والقلق المدمر

وسط هذا الزخم الهائل من المشكلات والمخاطر التي يشهدها العالم خاصة بعد انتشار وباء كورونا والتفجر الهائل في وسائل المعلومات الحديثة وسهولة نقل ونشر الصور والأخبار والفيديوهات، نجد أنفسنا وسط كم رهيب من الأخبار السيئة التي تتسابق لتقتحم حياتنا وتجعلها أكثر مشقة وحزن، بل وتعيق قدرتنا على التعايش بشكل هاديء وسلمي، وتغتال أيضًا قدرتنا على الإبداع والتفكير المنطقي، وتصيبنا بالغم والهم والعصبية الزائدة والاكتئاب الحاد؛ فتتبدل نظرتنا عن الحياة من النظرة المفعمة بالأمل إلى نظرة سوداوية.

وللأسف، يساعد الإعلام بشكل أو بآخر في نشر الأخبار السيئة؛ لأنه يرى فيها مادة خصبة تلقى اهتمامًا ومتابعة من جموع المتابعين والمشاهدين؛ فيتم إبرازها والتاكيد عليها وملاحقة تداعياتها، ولذا نجد دائمًا أن الأخبار السيئة تتصدر نشرات الأخبار الرئيسية على الفضائيات أو المحطات الإذاعية أو الصفحات الأولى من الصحف والمجلات، وكذلك ما تحتويه العديد من منصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام حول وباء كورونا من إحصائيات مخيفة، أو نصائح عملية، أو كوميديا سوداء.

والعجيب أن معظم المتابعين لتلك الأخبار يعلمون جيدًا أنها السبب فيما يعانونه من مشاكل نفسية وصحية، لكنهم رغم ذلك لا يقلعون عن عادتهم في التصفح المرضي لهذا السيل المستمر من الأخبار عن هذا الوباء. فهل تبادر إلى ذهنك يومًا أن الاستماع إلى الأخبار السيئة قد تضر بصحتك؟

قد تكون فكرت بالفعل في هذا السؤال، بل قد تكون أحسست بتأثيرها النفسي السيء عليك والتي تجعلك أكثر توترًا وحزنًا، ولكنك غير مقتنع بأنه من الممكن أن يتجاوز تأثيرها هذا الحد، ولكن الحقيقة العلمية تؤكد أن تاثيرها يتعدى مراحل تكدير الخاطر والكآبة العابرة بل ستقود إلى أمراض عضوية حادة، وربما خطيرة.

والمعلومة الأكيدة أيضًا أن هناك اتصالًا مباشرًا بين المخ والجهاز العصبي المركزي وجهاز المناعة، وأن الحالة النفسية للإنسان تؤثر بالسلب على الجهاز المناعي لديه؛ فيجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية مثل كورونا، كما أن الحالة النفسية الجيدة تساعد على الشفاء السريع من الأمراض.

نعلم أن إحساسنا بالتوتر والقلق والخوف له مسببات عديدة، خاصة في الوقت الراهن؛ نظرًا لما نمر به من ظروف فرضت علينا هذه الأحاسيس، مثل: الخوف من المرض، والعزلة، ومفارقة الأحباب، والخوف على الأبناء، بالإضافه إلى ضيق ذات اليد، وعدم الإحساس بالأمان، وعوامل الضغط العصبي؛ كل هذا يؤثر على نسبة إفراز الكورتيزون والأدرينالين في الجسم مما يسبب زيادة في استهلاك البروتينات والدهون، واستنفاد مخزون الطاقة من مخازن الجسم المختلفة وتثبيط تكوين الأجسام المضادة وخلايا الالتئام والالتهاب، واحتباس الصوديوم في الخلايا، وتورم الأنسجة في الجسم، وارتفاع نسبة السكر، وارتفاع ضغط الدم، وضيق الشرايين.

والسؤال الثانى الذي يجب الإجابة عليه الآن هو: لماذا نستسلم للخوف والقلق والتوتر ونعرض حياتنا للخطر؟ هل الاستمرار فى الاستماع إلى الأخبار السيئة سيقينا شر الوباء؟ هل القلق المبالغ فيه هو الذي سيبعد عنا شره؟ بالطبع لا.

نعم هناك وباء عالمى، وهو جد خطير، ولكن هناك إجراءات احترازية يجب أن تلتزم بها لنتفادى الإصابة به. وإذا لا قدر الله التزمت بكل هذا وأصبت به فهذا قدر الله لا يد لنا فيه.. فهل بإمكانك رد القضاء؟ بالطبع لا.

ومن هذا المنطلق.. علينا أن نبتعد عن كل ما يؤذينا ونقترب من كل ما يشعرنا بالراحة والطمـأنينة؛ فلا داعي لمتابعة الأخبار السيئة، فالتعرض المكثف لكم هائل من الأخبار والموضوعات السيئة وكل ما يخص الوباء من: عدد الإصابات والوفيات، وطرق العدوى، وأعراض انتشاره قد يتسبب بالتوهم بالمرض والإيحاء بالإعياء.

علينا أن نقلل من متابعة وسائل التواصل الاجتماعى التي أصبحت من أكبر وسائل تصدير الطاقة السلبية في المجتمع، فالخوف لن نجني من ورائه سوى المزيد من الضعف النفسي والجسدي.

علينا أن نتفهم أن الحياة لن تكون كلها أفراح ولا كلها أتراح، فالحياة فيها الحلو والمر، ولا بد أن نتقبلها على جميع أوضاعها.

وعلينا أن نعي أن هذا الكون له رب يرعاه وهو رب العالمين؛ فلا داعي للاستسلام لهواجس الخوف والقلق المدمر، فالأعمار بيد الله، ولكل أجل كتاب.

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??

بقلم الأديبة العربية/ جيهان السنباطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88