إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

شهريار.. الحلقة (14)

وتستمر حكاية شهريار في حلقاتها.. فكانت  هذه الحلقات حسب روابطها 

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/221670/” ]الحلقة الأولى اضغط هنا [/button]  [button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/222703/” ]الحلقة الثانية اضغط هنا [/button]  [button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/224188/#comments” ]الحلقة الثالثة اضغط هنا [/button]

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/225698/?mobile_switch=mobile” ]الحلقة الرابعة اضغط هنا [/button] [button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/226332/” ] الحلقة الخامسة اضغط هنا[/button] [button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/227654/” ] الحلقة السادسة اضغط هنا[/button]

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/229059/” ] الحلقة السابعة اضغط هنا[/button]

[button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/230563/” ] الحلقة الثامنة اضغط هنا[/button]

[button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/231679/” ]  الحلقة التاسعة اضغط هنا[/button]

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/232981/” ]  الحلقة العاشرة اضغط هنا[/button]

[button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/234167/” ]  الحلقة الحادية عشرة اضغط هنا [/button]

[button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/236279/” ]  الحلقة الثانية عشرة اضغط هنا [/button]

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/237467/” ]  الحلقة الثالثة عشرة اضغط هنا [/button]

 

ظلَّ الجوال يرن حتى بعد خروجي من المصعد، وضعت الأغراض جانبًا، أخرجت الجوال وكانت المفاجأة، ظهر اسم المتصل على الشاشة: “واحدٌ يحسبني خطابةً”!

– السلام عليكم أستاذ

استغربت كيف يقول لي: “أستاذ”، وأنا أخبرته كاذبًا بأنني مجرد مستخدم يعمل في مدرسةٍ للبنات.

– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. حيَّاك الله.

– أرغب في مقابلتك أستاذ ممكن؟

ممكن. ولم لا؟ الله يحييك شرفني في البيت.

– لا.. لا. ما ينفع أقابلك بالبيت، ما رأيك في أن نلتقي في مقهى ستار بوكس، بشارع الأربعين، عازمك على فنجان قهوةٍ اليوم عصرًا.

“ستار بوكس.. مرَّةً واحدةً. لم يسبق لي الذهاب إلى هذا المقهى الشهير إلا مرتين في حياتي مدعوًّا من بعض الأصدقاء، أسعاره المرتفعة ليست لـــ “الغلابة” من أمثالي”.

هذا ما جال ببالي حينها. أجبته:

الله يكرمك. مشغولٌ أنا اليوم. لنجعل اللقاء بعد غدٍ بمشيئة الله.

– على خير.. لا تنسَ أستاذ

خالد.. اسمي خالد – أبو ناصر.

– لا تنسَ أستاذ خالد.. الساعة الخامسة موعدنا، تمام أستاذ؟

كان ينبر على كلمة “أستاذ” بشكلٍ لافتٍ، وكأنَّه لم يكن هناك قط من أطلق عليه لقب “أستاذٍ” غيري! شعرت أنَّه يريد أن يوحي لي بشيءٍ ما؛ انتابني قلقٌ أو يكون قد اكتشف كذبة أم ناصر وكذبتي عليه بشأن وظيفتي، أم أنَّه يناديني بلقب “أستاذ” تملقًا لأجدَّ في البحث عن امرأةٍ له يتزوجها؟

باستخدام واحدةٍ من تقنيات البرمجة اللغويَّة العصبيَّة التي تعلمتها وتدربت عليها، تجاوزت هذا القلق مؤقتًا على الأقل، فليس هذا أوانه.
غادرني العامل بعد أن وضع ما بيده من أغراضٍ بجانب باب شقّة شهريار.

طرقت الباب. جاءني صوت شهريار.

– من الطارق؟

افتح يا شهريار.. أبو ناصر.

فتح لي الباب مرحبًا، رأيته مبتهجًا مسرورًا، ساعدني في حمل الأغراض إلى الداخل. وهناك رأيت شهرزاد، كانت تشع بهاءً وجمالًا. لقد رأيتُ ثمَّ رأيتُ فتنةً ساحرةً وحسنًا عظيمًا لم أر مثليهما في حياتي قط. تراءى لي أن بهاء وجهها يشع في كلِّ زوايا الشقّة.

قلت لها: “صباح الخير شهرزاد”

ردَّت تحيتي بأحسن منها؛ بابتسامةٍ صامتةٍ مع إيماءةٍ أنثويّةٍ حرفيَّةٍ.

بدت لي ملامح وجهيهما المُسْتَبْشِرَيْنِ مثل ملامح وجهي عروسين يوم صباحيتهما. أمَّا أنا فقد “بدا لي أن أعُودَ إلى التّصَابي”، كما قال أبو الفضل بن الأحنف.

شرعت في مدِّ سفرة الطعام؛ ساعداني في ذلك؛ كانت شهرزاد توزع الأصناف على السفرة بأناقة ومهارة ربَّة بيتٍ محترفةٍ تؤمن بمقولة: “العين تأكل قبل الفم”!

وجَّه لي شهريار كثيرًا من عبارات الشكر، بينما منحتني شهرزاد شكرها بطريقتها الفريدة؛ بابتساماتها العذبة بين حينٍ وآخرٍ.

شرعنا الثلاثة نتناول إفطارنا.. شعرت بأني وفقت في فكرة إتيانهما بإفطارٍ، أكلا بشرهٍ يدل على جوعهما، وبدا لي أن قرص الملَّة والسمن والعسل والجبن البلدي قد أعجبهما كثيرًا، وهذا ما أسعدني وأسرَّني.

وأنا أتناول معهما الطعام، كنت أسترق النظرات بين الفينة والفينة إلى وجه شهرزاد حريصًا -على خلاف ما أشتهي- ألَّا أمعن النظر حياءً وحرجًا من شهريار. صعب عليَّ تحديد أسرار الحسن في هذا الوجه الذي أبدعه خالقه سبحانه أيّما إبداعٍ. حاولت عبثًا لوهلةٍ مقارنتها ببعض حسناوات السينما العالمية، لا سيما الإيطاليات منهنَّ أمثال: مونيكا بيلوتشي، أورنيلا موتي، ودانييلا بيانكي وغيرهنَّ، لكنَّها لم تكن تشبه أيًّا منهن. فمن قال أنَّ النساء سواسيةٌ؟، ومن قال إن شهرزاد تشبه أيًّا منهنَّ؟

تذكرت مقولةً لإبراهيم نصر الله يقول فيها عن نابولي المدينة الإيطالية المشهورة بحسن وجمال نسائها عمومًا: “إنَّها بلا ريب مدينة النساء الجميلات، نقطة لقاء الشمال بالجنوب التي يُعَمِدُّهَا البحر الأبيض. واحة الجمال المقدَّسة. ولو صدف أن فقدت السينما أجمل جميلاتها في ظاهرةٍ غامضةٍ فإن نابولي تستطيع التعويض عن غيابهن في ساعةٍ واحدةٍ”.

وقلت في نفسي: “ماذا عساك قائلٌ يا ولد نصر الله لو رأيت شهرزاد”! نقطة التقاء جمال العالم كلِّه، ومحور تلاحم الأزمنة عبر التاريخ! ليس الأماكن والأزمنة فقط بل حضارات الإنسانيّة المختلفة. وليس أدَّلُ على ذلك من أنَّ حضارات الفرس والعرب والهند وغيرها جميعها تدَّعي وصلًا بشهرزاد، وما ذلك إلَّا لجمالها وذكائها وحكمتها الخالدة.

أثناء الإفطار ظللت أصر عليهما أن يأكلا بأريحيةٍ وحريّة ويعتبران نفسيهما في بيتهما، وألَّا يتحرجا. وأخذت أساعدهما في تقطيع ما يحتاج من الطعام إلى تقطيعٍ حَرِيصًا على أن يكون ذلك بما أستطيعه من أناقةٍ ولياقةٍ تليق بملكين، رغم افتقادي لمثل هذه المهارات التي يُدَرَّبُ عليها عادةً جرسونات المطاعم الضخمة والفنادق الراقية.

استوقفني أن شهرزاد تتناول بين حينٍ وآخرٍ شرائح من الجبن البلدي بالشوكة، وتدنيها من فم شهريار ليأكلها، وفي المقابل لاحظته أحيانًا يقطع لها بالسكين قطعًا من القرص البلدي، ويتناولها بالشوكة أيضًا، ويضعها في فم شهرزاد.

بعد انتهائنا من الطعام، اتصلت بعامل الشقق، طالبًا منه أن يحضر لنا ترمس شاي طائفي (تلقيمه)، وبجانبه شيئًا من النعناع.

وصل الشاي.. ارتشفناه بمتعةٍ ونحن مسترخون، حدَّثتهما عن مدينتنا الساحرة، وبعض المعالم السياحية والتاريخيّة فيها. تنبهت أنَّي أتحدث للتاريخ عن قليلٍ من أثره، ليس إلَّا.

أخبرتهما قبل مغادرتي أنَّي سأحضر الطبيب عصرًا ليرى شهرزاد.

سُرَّ شهريار كثيرًا بهذا الخبر؛ شكرني كثيرًا. استأذنتهما، فزَّا ناهضين من مكانيهما في لحظةٍ واحدةٍ مشيعاني نحو الباب. خرجت وكان بودي لو بقيت هناك أكثر وأكثر؛ كانت ساعةً من ساعات السعادة الهاربة التي قلَّما ما يجود الزمان بمثلها، والتي تتسرب سريعًا كالماء من بين أصابع يدٍ مفتوحةٍ. رنَّ في أذني قول الأمير الشاعر دايم السيف:

“من بادي الوقت هذا طبع الأيام

عذبات الأيام ما تمـدي لياليهـا

 إلى صفا لك زمانك علِّ يا ظامـي

اشرب قبل لا يحوس الطَّين صافيها”

 

عدت إلى البيت.. سألتني أم ناصر:

– هل ذهبت لشهريار وشهرزاد؟

كذبت وقلت: لا.. لم أذهب.
رمقتني بنظرةٍ مكذبٍ، لم أكترث، سألتني:

– وماذا بشأن علاجها؟

تواصلت مع طبيب صديقٍ لي. وسيأتي عصرًا لرؤيتها.

– رجلي على رجلك

لا حول ولا قوة إلَّا بالله.

– ماذا تقول؟

لا.. لا شيء. كيف رجلك على رجلي. أريد أن آتي بالطبيب من المستشفى أولًا، ثمَّ أخذه إليهما بالشقّة، وبعد أن يكشف عليها، ويصف لها الدواء، سأعيده إلى المستشفى. لا أرى ضرورةً لذهابك معي.

– بلى.. رجلي على رجلك. قلت لك!

يا بنت الناس.. أنتِ كم رِجْلًا لك؟ ولو كانت بعدد أرجل أم أربعة وأربعين! كلما قلت لك.. ذاهبٌ إلى مشوار، قلتِ لي “رجلي على رجلك”. حسبي الله ونعم الوكيل.

– هذا ما عندي.

أمري لله. سآخذك معي.

– هل أجهز لك الغداء؟

لا.. ليس لي به رغبةٌ الآن. أريد أن أنام.

استيقظت عصرًا.. أديت صلاة العصر على عجلٍ. طلبت منها الإسراع إن كانت ما زالت مصرَّةً على مرافقتي. أجابت: نعم

خرجنا معًا باتجاه المستشفى. بعد الرابعة بعشر دقائق تقريبًا كنا أمام المستشفى. اتصلت بالدكتور محمود، طلبت منه النزول. ومن حسن حظي أنَّه طلب مني الصعود إليه لتوقيع ورقةٍ روتينيّةٍ تثبت خروجه معي، ونحن نازلان بالمصعد معه أخبرته ألَّا يخبر زوجتي أم ناصر بأنَّني قد زرته هذا الصباح، وأنّني استخدمت اسمها لتجاوز إشكالية الكشف على امرأةٍ ليس لديها هويَّةٌ؛ ضحكت في سريٍّ من سخرية زماننا وعجائب الأقدار التي منحت ورقةً صغيرةً بحجم أصابع اليد الواحدة هويّةً تخول لحاملها حقوقًا كثيرةً، بينما شهرزاد تلكم المرأة العظيمة التي منحت التاريخ هويَّته بلا هويّةٍ!

ولجنا الشقّة.. سلمت أم ناصر عليهما. تغيرت ملامح وجهها عندما رأت شهرزاد تبتسم متبرجةً لي وللطبيب، غير أنَّها التزمت الصمت، وحاولت جاهدًا أن أكبح جماح نفسي من النظر إلى شهرزاد.

كشف عليها الطبيب بسماعته، وباستخدام الشوكة الرنانة، لم يبدو أنَّها كانت قادرةً على سماع شيءٍ. بعد أن أتمَّ الكشف سأله شهريار:

– قل لي بربك أيُّها الحكيم. ماذا بها؟

لا شيء.. ستكون بخيرٍ إن شاء الله.

والتفت إليَّ الطبيب قائلًا: “ليس لديها أيُّ سببٍ عضويٍّ ظاهرٍ يمنعها من الكلام”

– عجيب.. وما السبب إذن يا دكتور؟

تحتاج لفحصٍ من قبل طبيب نفسيٍّ.

– وهل تظن بأنَّ الحالة مستعصيةٌ؟

رغم أنَّه ليس تخصصي لكنِّي أستبعد ذلك. مرت علينا حالاتٍ كثيرةٍ كهذه، وشفيت بأمر الله.

وأضاف:

مبدئيًا هذه وصفةٌ ببعض المنشطات، وحقن فيتامين (ب). وعليكم أن تأخذوها غدًا إلى زميلنا الدكتور إبراهيم استشاري الأمراض النفسيّة والعصبيّة، أو تأتوا به إليها.

غادرنا الشقَّة.. طلبت مني زوجتي أن أوصلها أولًا لأن لديها صديقاتٌ سيزرنها، وتريد أن تسبقهن لتجهيز الضيافة.

أوصلتها البيت.. وفي طريق عودتي بالدكتور محمود إلى المستشفى فاجأني بقوله:
_____________

(يتبع في الحلقة القادمة إن أذن الله لنا بالبقاء واللقاء).

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??

الكاتب والمترجم/ خلف بن سرحان القرشي

#خلف_سرحان_القرشي 

السعودية – الطائف – ص. ب 2503  الرمز البريدي 21944

ايميل:  qkhalaf2@hotmail.com

تويتر @qkhalaf

مقالات ذات صلة

‫75 تعليقات

  1. ياويل ويلي من الفجر جالسة انتظر وبالاخير
    بنتظر الى يوم الثلاثاء الجاي
    الشرطي وش يبغا؟
    والدكتور وش بيقول ؟
    عطونا كل ثلاثاء حلقتين والا ثلاث
    كنه مساسل تركي لكنكم تقطعونه

  2. ( حاولت عبثًا لوهلةٍ مقارنتها ببعض حسناوات السينما العالمية، لا سيما الإيطاليات منهنَّ أمثال: مونيكا بيلوتشي، أورنيلا موتي، ودانييلا بيانكي وغيرهنَّ، لكنَّها لم تكن تشبه أيًّا منهن. فمن قال أنَّ النساء سواسيةٌ؟، ومن قال إن شهرزاد تشبه أيًّا منهنَّ؟)

    رائع أيها الأديب
    لك كل التحايا
    ????

  3. عجيب تناسق الاحداث ..
    من أين لك هذه الموهبة المدفونة ؟
    المفروض من زمااااان وأنت تكتب روايات .
    استمر يامبدع

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88