سفر وسياحةسير و شخوص

أعجوبة ذي عين.. سيمفونية بلا جوقة ومياه لا تنضب

عندما يمنحك الصوت القادم من بعيد، هدوءًا وسكينة، كلما اقتربت منه ازددت شعورًا بالأمان، يرافقه لحنًا يتردد صداه بين جنبات المكان، ما يلبث أن يدخل حنايا القلب دون استئذان.

إعداد/ عبد الله سليم الزهراني

هكذا هي تعزف لحنًا دون انقطاع، لا يعلو أو يخفت، يتناغم صوتها مع الطير والشجر وحتى الإنسان، تحتضنه كلقاء صدفة لأم بوليدها بعد ألم فراق طال، غالبه شوق ودموع جفت على أثره عيون، سرعان ما صدعت بالجريان وانهمرت مياه عذبة “فالماء أعز مفقود وأهون موجود”

ماء ذي عين، ماء تحتضن قرية وقرية تحتضن عينا، تنام في سكينة ووقار، وتعد متحفًا طبيعيًّا خلابًا، وصرحًا معماريًّا يختزل بين جنباته وعلى سفوح جبل من المرمر الأبيض، بيوتًا أشبه بكنوز لا تقدر بثمن.
مكان على الأرض، وإن استحق لقب قطعة من الجنة، لست ممن ينظم الشعر أو النثر، ولكن جمالها فرض على اللسان طلاقة ربما يحمل في طياته سرًّا.

تقع العين في قرية ذي عين الأثرية عند منحدر طريق عقبة الملك فهد، الرابط بين الباحة والمخواة في تهامة، لا ينقص ماؤها أو يزيد مهما شحت القرية بالأمطار أو نعمت، لغز حير العلماء والباحثين؛ ما دفعهم للبحث حول سر التدفق عبر خمسة قرون بلا توقف، نسجت حولها الأساطير والحكايات، ولعل قصتها قيدها المكان، لكنها ما زالت حرة عبر الأزمان.

وتقول الأسطورة أنّ حاجا يمنيا فقد غدارته (غمد سيف مملوءة بالجواهر والذهب) عندما همَّ بشرب الماء من أحد الآبار، ومنذ ذلك الحين أخذ يتبع جريان الماء من البئر، من قرية إلى قرية، ومن جبل إلى جبل، ومن وادٍ إلى وادٍ، حتى انتهى ترحاله إلى عين صغيرة تنبع من أسفل سفح جبل في تلك القرية، وكان متبصرًا بمواطيء الماء بين الصخور والسفوح، وكأنه يسمع صوت غمده تلك أسفل الصخر، فرآه جماعة من الناس، وسألوه: ما الخطب بلغة ذلك الزمان؟ فأجابهم ان أردتم أن أبصر لكم ماء ها هنا، فهاتوا معاولكم واحفروا معي، شريطة أن أول ما يخرج من الماء فهو لي. وافق القوم، وما إن بدؤوا في نتق الصخر حتى تفجر الماء بقوة واندفع الغمد ليفقأ عين الرجل فما اكترث وأخذ الغمد ومضى، والماء يتبعه، لكن القوم ما إن علموا بسر الغمد حتى تبعوه فقتلوه فتوقف الماء عن الجريان وسمي النبع من ذلك الحين على اسمه (ماء ذي عين).

ونظراً للميزات الطبيعية والزراعية والتاريخية لقرية ذي عين التراثية بمحافظة المخواة في منطقة الباحة، سارعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة إلى اللحاق بترميم وتأهيل وتطوير القرية، وتحويلها إلى مورد ثقافي واجتماعي واقتصادي، يسهم في وزيادة الدخل، وتوفير فرص عمل للمواطنين، إلى جانب الإسهام في تعزيز انتماء المواطن لوطنه والاعتناء بكنوزه الأثرية.

ومهما قلنا عن تلك العين، وحتى إن طوعنا اللغة أحيانًا، وبرعنا في الوصف تاره أخرى، تبقى الصورة أبلغ من الكلام وزيارة عين المكان أبلغ من الاثنين معًا.

لمشاهدة سحر تلك الربوع وعزف ماء لا تضاهية سيمفونيات المبدعين، ربما نتذوق شيئًا من جماله ، ندعوكم لمشاعدة الفيديو أعلاه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ممايسرني ويسعدني اتاحة الفرصة لي بالمشاركة بصحيفتكم الموقرة فيجميع الاقسام المتاحة امل ان اكون عند حسن الظن والله ولي التوفيق

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88