إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

درر تربوية

نكمل استخراج الدرر من سورة الحجرات.

بعد أن أمرنا الله تعالى بالتثبت، يخبرنا جل شأنه بأنه ليكن معلوم لديكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين أظهركم، وهو الرسول الكريم، البار، الراشد، الذي يريد بكم الخير وينصح لكم، وتريدون لأنفسكم من الشر والمضرة، ما لا يوافقكم الرسول عليه، ولو يطيعكم في كثير من الأمر لشق عليكم وأعنتكم، ولكن الرسول يرشدكم، والله تعالى يحبب إليكم الإيمان، ويزينه في قلوبكم، بما أودع الله في قلوبكم من محبة الحق وإيثاره، وبما ينصب على الحق من الشواهد، والأدلة الدالة على صحته، وقبول القلوب والفطرة له، وبما يفعله تعالى بكم، من توفيقه للإنابة إليه، ويُكَرّه إليكم الكفر والفسوق، أي: الذنوب الكبار، والعصيان: هي ما دون ذلك من الذنوب، بما أودع في قلوبكم من كراهة الشر، وعدم إرادة فعله، وبما نصبه من الأدلة والشواهد على فساده، وعدم قبول الفطرة له، وبما يجعله الله من الكراهة في القلوب له ، فأولئك الذين زين الله الإيمان في قلوبهم، وحببه إليهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، هُمُ الرَّاشِدُونَ، أي: الذين صلحت علومهم وأعمالهم، واستقاموا على الدين القويم، والصراط المستقيم.

وضدهم الغاوون، الذين حبب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكره إليهم الإيمان، والذنب ذنبهم، فإنهم لما فسقوا طبع الله على قلوبهم، ولما {زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} ولما لم يؤمنوا بالحق لما جاءهم أول مرة، قلب الله أفئدتهم.

وقوله تعالى: {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} أي: ذلك الخير الذي حصل لهم، هو بفضل الله عليهم وإحسانه، لا بحولهم وقوتهم.

{وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي: عليم بمن يشكر النعمة، فيوفقه لها، ممن لا يشكرها، ولا تليق به، فيضع فضله، حيث تقتضيه حكمته.
ثم يأتي أمر الله بالإصلاح بين المتخاصمين، بالحسنى والعدل، فقد يكون هناك صلح لكن دون عدل وهذا لا يرضاه الله؛ لذا لا بد من أن يتم الإصلاح بين المتخاصمين بالعدل والحق، ويعطى كل ذي حق حقه، فيجب أن لا يراعى أحدهما لقرابة، أو وطن، أو غير ذلك من المقاصد والأغراض التي توجب العدول عن العدل. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي: العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات التي تولوها، حتى إنه قد يدخل في ذلك عدل الرجل في أهله وعياله.

وهذه الآيات الكريمة تمنحنا ثمارًا هي كما يلي:

أن يتم الخضوع لأمر الله ورسوله، وإن خالف الهوى فالخير فيما يريده الله ويقضيه.

كما أن حب الطاعة فضل من الله؛ لذا علينا بالدعاء بأن يزين الله الإيمان في قلوبنا ويكرهنا في المعاصي.

ومن المهم أن تقوم الدنيا على العدل، وإيفاء الحق حتى في الصلح بين الناس، فالحمية والواسطة مرفوضة في هذه المسائل، ولا بد أن يتجرد الإنسان من أنانيته وانتصاره لأحبته ليحكم بالحق، وكم من حقوق ضاعت بسبب ذلك.

نسأل الله العدل والحق.

نكمل غدًا الدرر.. بإذن الله تعالى.

بقلم/ د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

‫49 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88