إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

مرآة العقل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد…

ظواهر الأشياء وبواطنها، من سنن الله التي سنها، فما من شيء إلا وله ظاهر وباطن، قال الله عن ذاته العلية: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن).

وها هي الأرض ذات ظاهر وباطن، وجوهر الإنسان ومظهره، والحياة دنياها وأخراها، وداخل المنزل وخارجه، وغير ذلك تمامًا، كذلك هذا في ذاته ظاهر والحديث هنا عن الباطن.

إنَّ حُسن ورُواء وروعة وبهاء الظاهر تزيد وتنقص وتقِل وتكثر حسبما يكون عليه الباطن، فالأرض كلما طابت تربتها وكثُرَ ماؤها داخلها دلَّ ظاهرها عليها ومن ثمَّ تسابق الناس إليها. قال الله تعالى: ﴿… فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج﴾ ، والإنسان كلما زكت نفسه وصَلُحَ قلبه وصفت سريرته أورثه ذلك نورًا، فأشرق وجهه وبرقت أساريره، وفي الحديث ﴿إنَّ في الجسد مضغة إذا صلُحت صلُح الجسد كله﴾، وصلاح الحياة الدنيا وهناؤها وسعادتها وصفاؤها وجودًا وعدمًا، قِلةً وكثرة، إنما يكون بمقدار التعلق بالحياة الآخرة، بدليل (ومن يعمل من الصالحات من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة) وقوله تعالى: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا﴾، وما إن ترى شيئًا منزلاً مثلاً، فيعجبك ويبهرك خارجه إلا وتتيقن أن ذلك يعكس داخله.

بناءً عليه يصح القول: بأن الظاهر مرآة الباطن.

العقل تمامًا كسابقه، ظواهره تدل على باطنه، فمتى أردت الوصول إلى تحديد مستوى أيٍّ من العقول، كل ما عليك القيام به هو التأمل قليلاً في المحصول: أفكاره وآراؤه، تصرفاته وأفعاله، وشيئًا يسيرًا مما يقول. عند نهاية هذا التأمل ستصل إلى حاصل دِقّتُهُ تساوي ٨٠٠ بيكسل يخبرك أنّ من أمامك مجنون أم عاقل؛ هذا متعلق بشأن غيرك وهذا ما أعنيه بالدرجة الثانية هنا، وما أقصده بالدرجة الأولى هو أنت.. ما شأنك؟

إنّ إدراكك لما تقوله من كلمات، وتقوم به من تصرفات، وتحمله من أفكار، جدير بالعناية كعناية المؤمن بالعبادات، لسبب أنّ ما تهدف الوصول إليه أو تحذر الوقوع فيه يرتبط بها ارتباط المعرفة بالمعلومات، فالكلمة والتصرف والفكرة لا تمضي وحدها بل تجُرُ إلى فشل أو تقود إلى النجاحات، والحقيقة أنّ إيراد أمثلة تدل على أهمية وخطورة ذلك يحتاج إلى الكثير من المقالات،
لكن حقُّك عليَّ واحد، لكل واحدٍ منها آمُل أن تصِلَ بهن إلى الغايات.

أما الأقوال فقد امتنع أحدُ أبناء الابتدائية العودة للمدرسة البتّة بعد أن جانب التوفيق استاذه وقتما سأله عن سبب تأخره عن الدرس، وبنظرات يملؤها الغضب.. أأنت فاشل؟ فأجابه بصوتٍ متحشرج غير مسموع أوصلت شقيقي العليل للمشفى وأنا للتو واصل، وأجاب من رقد على السرير الأبيض وهو ابن العشرين عن سبب سرعته ماذا رغبت أن تدرك؟ فأجاب: لم أكن لأدرك شيئًا غير أني كنت أقود سيارتي بالطريقة التي تعلمتها من والدي.

على الرغم من عِظمِ مُصاب هؤلاء إلا أنَّ مصاب الثالث أعظم..
برأيك كم خسر من أمضى حياته يؤمن بفكرة عدم البعث، وعليها مات؟

هل بقي له من شيء؟ أم أنَّ كلَّ شيءٍ قد فات؟

والحمد لله رب العالمين

بقلم/ زياد بن عبد اللطيف الفوزان

مقالات ذات صلة

‫37 تعليقات

  1. ما إن ترى شيئًا منزلاً مثلاً، فيعجبك ويبهرك خارجه إلا وتتيقن أن ذلك يعكس داخله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88