في حياةِ كلٍّ منا حائطٌ كبير فيه خاناتٌ معينة تُوهبُ لأفرادٍ معينين.. كلُّ فردٍ له خانة تحيطُ بمساحتهِ وتليقُ بمكانته، فالخاناتُ الكبيرة تُمنحُ لمن لهم حقُّ البرِ والرحم، وتتضاءلُ الخاناتُ بتقلصِ الحقوقِ الواجبةِ لأحدهِم.
إن وهبتَ خانةً كبيرة لعنصرٍ ضئيل، ضاع في رحابتها وأفسدَ الخانةَ، وربما تجاوزَ فأفسدَ خاناتٍ مجاورة.
وإن وهبْتَ خانةً صغيرة لمن يستحق أكبرَ منها، لربما تعسرت حريتهُ فيها وقد تُطبقُ عليه أضلاعها اختناقًا وضيقًا.
إعطاءُ خانةِ الوالدين للأصدقاء، عقوقٌ وهدر لحقوقهما وإسبالُ سِيادةٍ للصديق لا تحق له.
أن تجعلي صاحبةً تسرق خانةَ شريكِ الحياة، سيجعلهُ ذلك في حالةِ حرمان دائمة.
أن تَهبَ زوجتكَ خاناتِ أهلكَ مجتمعين وتحشرهم في خانتها، ظلمٌ وهضمٌ لحقوقهم.
أن تمنحَ الغريبَ خانة القريبِ وذي الرحم، تكون بهذا قد فرَّطتَ في صِلاتكَ، ولربما ندمتَ على منحِ من لا تعرف ما لا يستحق.
ذو اللبِّ لا يقضي أيامه ناسكًا في محرابِ صداقاته مهملاً من قد يكونون سببًا في رضا الله عليه.
فاقدُ الحكمةِ يفسدُ حياتَه بعدم قدرتهِ على إشغالِ الفراغِ المناسب بالعنصرِ الملائم، كلعبةِ لغزِ القطعِ الصغيرة.. لكل قطعةٍ مكانُها وإلا فسد الشكلُ وانهارَ البناء.
ربطُ الخانةِ بعنصرها فنٌ يجيدهُ من يضعون الناس في منازلهم؛ فيُسعِدون و يَسْعَدون.
بقلم/ د. فاطمة عاشور