إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

وصايا وثمار

بالأمس بدأنا وصايا لقمان الحكيم، وها نحن نتمها اليوم:

الوصية السابعة:

لا تصعر خدك للناس: أي لا تعرض عن الناس استكبارًا. والأصعر: المعرض بوجهه كبرًا، وفي الحديث: (كل صعار ملعون) أي كل ذي أبهة وكبر.

ومعنى الآية: ولا تمل خدك للناس كبرًا عليهم وإعجابًا بنفسك واحتقارًا لهم، وقيل: هو أن تلوي شدقك إذا ذكر الرجل عندك كأنك تحتقره، فالمعنى: أقبل عليهم متواضعًا مؤنسًا مستأنسًا، وإذا حدثك أصغرهم فاصغ إليه حتى يكمل حديثه. وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.

الوصية الثامنة:

لا تمش متباهيا فرحا بنفسك بخيلاء وتكبر، لأن الله لا يحب المختالين المتكبرين. وقارون المتكبر نهايته معروفة بل إن الكبر هو ما أخرج إبليس من الجنة وطرده من رحمة الله.

الوصية التاسعة:

قوله تعالى: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ [19]
أي تواضع في مشيك إذا مشيت، ولا تستكبر، ولا تستعجل، ولكن اتئد.
وقيل: أمره بالتواضع في مشيه، ومنهم من قال: أمره بترك السرعة فيه.

الوصية العاشرة:

(وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) قيل: أمره بالاقتصاد في صوته.
وقيل معناها: اخفض من صوتك.

واختلف أهل التأويل في قوله : ( إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) فقال بعضهم: معناه: إن أقبح الأصوات، وقيل أشد الأصوات وقيل أشرها.
فصوت الحمير أوّله زفير، وآخره شهيق؛ ولذا أمر ابنه بالاقتصاد في صوته. وقيل لو كان رفع الصوت خيرا ما جعله للحمير.

هذه هي الوصايا التي أجمل بها لقمان لابنه، كيف يصلح علاقته بربه توحيدًا وتعظيمًا، ثم كيف يوقر والديه ويبرهما في غير معصية الله، وكيف يوقن الإنسان عن قناعة بإحاطة علم الله بكل شيء، ومن ثم جاءت التوجيهات القيمة التي تحدد تعامل الإنسان مع الناس بتواضع ولين وتهذيب، بل حتى طريقة المشي يجب أن تهذب؛ فالخيلاء يكسب الإنسان هالة من كبر يرفضها المولى تعالى، وتكرر هذا المنع من المشي المختال في سورة الإسراء. ومن كمال التصرف الحسن عدم السير بسرعة وفخر بل يستحسن التؤدة، ومن الرقي والأدب عدم رفع الصوت و إزعاج الآخرين به.

ما أروع هذا القرآن العظيم، في نظمه ومعانيه، و ما أجملها من وصايا؛ لو ربينا عليها أبناءنا لحرصنا على الحفاظ على أربعة أركان:

١- صحة وسلامة عقيدتهم.

٢- بر الوالدين وقواعده.

٣- معرفة الله واستشعار قدرته.

٤- سلوكيات مهمة تشمل بدورها: التواضع، ومعرفة حقيقة الذات، والرقي حتى في إبداء الصوت فحرية الآخرين والحفاظ على اللياقة العامة مكفولة في هذه الوصايا.

وهذه هي اللياقة التي يتشدق بها الغرب المتحضر، فها هو القرآن ينوه بضرورة احترام الآداب العامة.

ليتنا كلنا لقمان؛ لنوصي بما أوصى ونزيد و نربي أبناءنا على كل جميل من خلق.

بقلم/ د. فاطمة عاشور

مقالات ذات صلة

‫90 تعليقات

  1. قارون المتكبر نهايته معروفة بل إن الكبر هو ما أخرج إبليس من الجنة وطرده من رحمة الله.

  2. مهما افعل . ومهما احاول .ومهما أعطي
    فلا أملك قلماً كقلمك ولااملك فكرا كف*** ولاابداعا كابداعك
    إنك تملك قلماً و فكرا وابداعا نادراً ماوجد مثله
    كم انا سعيدا انك هنا وبيننا في الروقان..
    تحياتي لك..

  3. نص جميل جداً وخيال وألهام رائع نَسجتَ منه هذهِ الكلمات
    التي وصفت فيها آلام الشوق واللهفة بأنوعها الحزينة والمؤلمة
    أثبت أنك رائع بهذا النص الجميل..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88