إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

شهريار .. الحلقة (10)

وتستمر حكاية شهريار في حلقاتها.. فكانت  هذه الحلقات حسب روابطها 

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/221670/” ]الحلقة الأولى اضغط هنا [/button]  [button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/222703/” ]الحلقة الثانية اضغط هنا [/button]  [button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/224188/#comments” ]الحلقة الثالثة اضغط هنا [/button]

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/225698/?mobile_switch=mobile” ]الحلقة الرابعة اضغط هنا [/button] [button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/226332/” ] الحلقة الخامسة اضغط هنا[/button] [button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/227654/” ] الحلقة السادسة اضغط هنا[/button]

[button color=”red” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/229059/” ] الحلقة السابعة اضغط هنا[/button]

[button color=”blue” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/230563/” ] الحلقة الثامنة اضغط هنا[/button]

[button color=”green” size=”medium” link=”https://www.alhtoon.com/231679/” ]  الحلقة التاسعة اضغط هنا[/button]

عدت لشهريار في الشقَّة في اليوم التالي. لم أطل الحديث معه. سألته عن الخطاب الذي طلبه المارد.

– هل وقعت الخطاب؟

– نعم.

وناولني إيِّاه، أخذته من فوري. أردت الذهاب إلى سفح الجبل الذي يمكنني منه استدعاء المارد لِيُحْضِر شهرزاد، ولكني تذكرت تنبيه زوجتي لي بألَّا أحضرها إلا وهي بمعيَّتي. ذهبت إليها مسرعًا، وأخبرتها بالأمر. لم تتوان، وارتدت حجابها على عجلٍ، وحملت حقيبة يدها الكبيرة، واتجهنا بالسيارة صوب الجبل.

استدعيت المارد بمجرد وصولي، جاءني سريعًا، ناولته الورقة، وقلت له:

– هذا خطابٌ موقعٌ من شهريار يسمح لك فيه بإحضار زوجته شهرزاد.

– أمرك سيدي.

مرَّت نصف ساعةٍ، وإذا به يعود مصطحبًا معه شهرزاد. فيا للحظة! رأيتها ملكة جمالٍ بحقٍّ وحقيقٍ. بدت لي في الثلاثين من عمرها. ممشوقة القوام فارعة الطول لا نقص فيها ولا زيادة. قدّها كأنه غصن البان، لكنَّها مكتنزة قليلًا، ذات وجه قمري يضئ ببياض بشرتها ونقائها، وحمرة خدَّيها. لاح لي من بعيد شَعْرُهَا الأدهم حالك السواد، طويلًا كثيفًا متموجًا براقًا صافيًا يَنْسَدلُ فوق كتفيها. ذكرني بمقطع من أغنيةٍ يقول فيها المطرب: “والشَّعْر من طُوْلُه، الطفل بِيطوله”. أقبلت حاثَّة الخطى باتجاهنا خَفيفَةً رشيقةً كَأَنَهَا فَرَاَشةٌ تَمْرَحُ في حَديقةٍ. بهرني جمال وتناسق أعضاء جسمها الذي أتى مكملاً لحسن وجهها. ومع اقترابها اتضحت لي عيناها اللوزيَّتَانِ بِهِمَا كُلُ الأَلْوَانِ، حوراوان دعجاوان واسعتان كعيون المها شديدتا البياض والسواد، كبيرتا المقلتين رمشهما طويلٌ كثيفٌ، سميكتا الحواجب. وعندما اقتربت منا أكثر رفعت يدها محييةً دون أن تنبس بكلمةٍ. اقترابها منا أكثر مكنني من رؤية أنفها عن كثبٍ فقد كان نحيلًا صغيرًا مستقيمًا متناسقًا في مظهره مقدمته مرفوعةٌ من الأمام. أمَّا فمها فسبحان المُصَوِرُ. كانت لافتةٍ في مشيتها، تتهادى مقتصدةً في تتابع خطاها، واثقة الخطى. جليَّة الحياء والخجل. في وجهها شامةٌ صغيرةٌ سوداء ناعمةٌ زادته بهاءً وحلاوةً.

استوقفني بجانب حسنها الفتان، وجمالها البارع جمال ملابسها أيضًا، فقد كانت مرتديةً ملاءةً فضفاضةً فسفورية اللون، طويلةً تغطي جسمها، باستثناء الرأس والوجه وشعرها الغجري الطويل ومن تحت تلك الملاءة هناك قميصٌ مشقوقٌ من عند الرقبة. ويعلو رأسها برنسٌ مرصعٌ بالجواهر، ومحلى بسلسلةٍ ذهبيّةٍ مطعمةٍ بالأحجار الكريمة. ولفت نظري أنَّ ثمّة كتابات رقيقةٌ مطرزةٌ على جانبي ملاءتها وكميّها. لم أستطع تحديد اللغة التي كتبت بها.

وبينما أمعن النظر في هذا الحسن الفائق، والجمال المتجاوز، تنامى إلى مسمعي صوت أم ناصر مدويًّا بكل حدَّهٍ:

– اتق الله.. غض بصرك.

– هاه.. ماذا؟ طيب طيب.

وبمجرد أن نهرتني زوجتي، ابتعدت متجهًا نحو المارد الذي نسيته في خضم تلك الدهشة والإعجاب بجمال شهرزاد الأخاذ. وفي الوقت نفسه أسرعت زوجتي لترحب بشهرزاد وتمسكها من يدها، وتسير بها نحو السيارة.

وصلت إلى المارد شكرته على صنيعه بإحضار شهرزاد

وقال لي:

– هما الآن عندك، فلا تستدعني ثانيةً إلَّا لضرورة ملحَّةٍ، لأنَّي سأكون مشغولًا الأيام القادمة، حيث لدينا قريبًا احتفالات وتتويج من قبل الملك لكلِّ ماردٍ منّا بأوسمةٍ من الريش على جهودنا طيلة العام الفارط. وأبلغني رجال البلاط بأنِّي واحدٌ من المكرمين، وسيقلدونني عدَّة أوسمةٍ، وبعدها أمنح إجازةٍ من العمل بضعة أيامٍ أخر. هكذا هو العرف لدينا سيدي.

طار وتركني في مكاني أفكر في كيف تكون احتفالاتهم.. هل هي مثل احتفالاتنا الشيقة، وهل تشبه احتفالات مهرجانات أعياد رأس السنة والميلاد، وتوزيع جوائز الأوسكار؟ أو أنَّها شبيهة باحتفالات افتتاح مباريات كأس العالم لكرة القدم، وختامها؟

استيقظت فجأةً من استغراقي بالتفكير على صوت بوق السيارة؛ أمُّ ناصرٍ تستعجلني.

سرت واتجهت نحو السيارة، لم أر شهرزاد؛ صحت:

– أين شهرزاد؟

خشيت أن يكون المارد أخذها معه بالخطأ.

وركضت مبتعدًا عن السيارة قليلًا أبحث عنها، بينما كانت زوجتي تركض خلفي صارخةً: يا ابن الحلال اهدأ، ارجع، شهرزاد هنا.
توقفت.. عدت إلى زوجتي:

– أين هي؟

في السيارة.

أمسكتني من يدي، وسرنا معًا نحو السيارة، نظرت بداخلها. لم أر شهرزاد فيها:

– أين هي؟

اقتادتني زوجتي إلى صندوق السيارة الخلفي، ورفعت بابه، وهي تقول:

– هاهي. طلبت منها الجلوس هنا.

صرخت غاضبًا:

– كيف تفعلين هذا بأميرةٍ، وزوجة ملك من الملوك؟ أجننتِ؟

– أجل تريد الناس يروننا وهي معنا من خلال زجاج سيارتك الذي رفضت تظليله.

– لا حول ولا قوة إلَّا بالله. يا بنت الحلال هذا أمرٌ معيبٌ بحق ضيفةٍ.

وأضفت بصيغة الأمر:

– احضريها تجلس في المقعد الخلفي.

اقتربت من صندوق السيارة، ومددت يدي لأمسك بيد شهرزاد وأخرجها، لكن زوجتي أبعدت يدي الممتدة، ودفعتني بعيدًا، ومدَّت يدها، وأخرجتها من صندوق السيارة.

ظلَّت شهرزاد ملتزمة الصمت. غير أنَّ نظراتها لي حينًا، ولزوجتي حينًا آخر تنم عن دهشةٍ وعجبٍ واستغرابٍ.
فوجئت بزوجتي تستل من حقيبة يدها الكبيرة عباءةً سوداء، ونقابًا، وتلبسهما شهرزاد فوق كلِّ ملابسها؛ كنت على وشك أن أقول لها: “لقد خنقت المرأة”. لكنني لم أجرؤ.

أخذت زوجتي بيد شهرزاد، وفتحت لها باب السيارة لتجلسها في المقعد الخلفي، وجلست بجانبها وقالت لي:

– تحرك، لنذهب بها حالًا إلى زوجها، لقد تأخرنا.

سألتها:

– ولماذا تركبين بجانبها؟ لماذا لا تأتين في المقعد الأمامي بجانبي؟

– أخشى أن ترمي بالعباءة والنقاب، أو تخلعهما.

– حسبي الله ونعم الوكيل. يا الله من غيرة الحريم عندما تجيء في غير وقتها.

ركبت السيارة، وأنا ممتعضٌ كثيرًا من تصرفات أمِّ ناصرٍ.

وسرت متجهًا نحو الشقَّة التي بها شهريار.

وطوال الطريق كانت أمُّ ناصر تحاول جاهدةً التحدث مع شهرزاد غير أنَّها كانت تتبسم في صمتٍ، دون أن تتكلم.

فكرت في أنَّ حاجز اللغة قد يكون هو السبب، ولكني تذكرت أن شهريار يتحدث العربية الفصحى بطلاقةٍ. عندها أيقنت أنَّ ثمّة سرٌ وراء هذا الأمر، ما يكون يا ترى؟

وضربت تفكيري أسئلةٌ محيرةٌ:

“أين ذهب صوت هذه المرأة التي اشتهرت بالحكي، والتي واصلت حكيها لشهريار ألف ليلةٍ وليلةٍ؟ أيكون قد نفد؟ أتكون بعد تعبها من الحكي، قررت أن تتوقف لترتاح فترةً من الزمن، وعندما أرادت استئناف الحديث كانت قد نسيته؟”. أو تكون قد زهدت فيه؟ لعلَّها ضاقت ذرعًا بالكلام، وكرهته.

شعرت بتعاطفٍ معها، بدأت ألقي باللائمة على زوجها فهو من اضطرها للحديث المطوَّل ليلةً تلو أخرى، ومن يدري فلعل حبالها الصوتيَّة، أو أعصابها المسؤولة عن عملية إنتاج الأصوات قد أُرهقت وتلفت؟
وبينما نحن في الطريق أوقفتني دورية تفتيش، وطلب مني رجل المرور الأوراق الثبوتية لي وللسيارة. ثم سألني:
– كيف سيارتك خصوصي، وتحمل فيها ركابًا؟
ارتبكت، وتلجلجت في الحديث، وقلت:
– هاتان المرأتين ليستا راكبتين.

– كيف؟ يعني من أهلك، وراكبتان بالمقعد الخلفي. كيف تجي هاذي؟

– لا.. لا، الأمر ليس كذلك. أنا أفهمك الحقيقة.

وهنا فتحت أمُّ ناصرٍ زجاج النافذة، وقالت موجهةً حديثها للضابط:

– يا حضرة الضابط نحن معلماتٌ، ونعمل في مدرسة القرية التي تقع خلف هذا الوادي، وتعطلت سيارة سائقنا، وهذا الرجل ابن الحلال يعمل حارسًا بالمدرسة التي نعمل بها، وطلبنا منه يوصلنا لبيوتنا، وما قصر.. جزاه الله كل خير.

وهنا نظر رجل المرور لي، وهو بين المصدِّق والمكذب لرواية أمِّ ناصر.

ونقل نظره إلى شهرزاد، وسأل أمَّ ناصر:

– وهاذي اللي جنبك زميلةً لك؟

– نعم.. زميلتي، تعمل في نفس المدرسة.

وهنا قال رجل المرور:

– خيرًا إن شاء الله، الله يستر عليكم.

وبينما أنا على وشك استئناف قيادة السيارة، رمقني بنظرةٍ، وغمز لي بعينه، وأشار لي بيده أن أنزل من السيارة.

يُتبع في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى، إن أذن الله لنا بالبقاء واللقاء.

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??

الكاتب والمترجم/ خلف بن سرحان القرشي

#خلف_سرحان_القرشي 

السعودية – الطائف – ص. ب 2503  الرمز البريدي 21944

ايميل:  [email protected]

تويتر @qkhalaf

مقالات ذات صلة

‫113 تعليقات

  1. واخيرا أحضرت صاحبة الجمال والليالي الحسان صاحبة الصولجان والمكانة والحسن .. كم كنت انتظرها من الف ليلة وليلة .. بل كم بت من ليلة على تلك على الاحلام الوردية متوسدا ذراعي وأوزع الزفرات والآهات ..
    لقد تعلقتها قصة وتعلقتها سرد في الماضي والحاضر ..
    ولكنها في ذلك الزمان لها مشهد ومنظر وتصور في مخيلتي صور وصورة قد يكون للغلاف دور وقد يكون للإيحاء والعقل الباطن دور.
    شكرا أبا سعد لحضوركما الوارف.

  2. مسلسلات رايعه من قصتك اخي العزيز فكل حلقه منها تشدنا للاخرى مبدع بكل ماتعنيه الكلمه

  3. هل قرأت ام ناصر ما خططت..لماذا تميل لحشو بعض الكلمات والتي هي عامّية أو أقرب لها،رغم قناعتي بقدرتك على استبدالها بما هو اجزل..تبقى رائع .و سلم فكرك و قلمك..

  4. في وجهة نظري المتواضعة يجب عليك يا أستاذ خلف أنت تجعل من هذه السلسلة كتابا ينشر ويباع، فهي حقا تستحق، سلمت أناملك.

  5. سلمت ابا سعد .. لاشك ان تحويل القصة الى عمل درامي اجتاحته حمى المتغيرات ..عمل مبدع على الرغم من جماله الا انه يحتاج جهد كبير …عموما المسرح السعودي في انتظار بصمات الابداع من امثالكم وفقكم الله

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88