إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الإعلام الجزائري.. والمسار إلى الأمام

الإعلام الجزائري والمسار إلى الأمام

الحديث عن تاريخ وواقع الصحافة في الجزائر، هو حديث طويل شائق ذو شجون عن بطولات شهداء الكلمة، وعن تضحيات جسيمة قدّمها بإخلاص وتفانٍ، رجال عاهدوا الله قبل عباده على أن لا صوت يعلو فوق صوت الحقيقة، مثلما فعل إخوانهم في ثورة الفاتح من نوفمبر، هو حديث عن حرب ضروس دارت رحاها بين فريقين وحّدهما الوطن وفرقتها المبادئ والقيم، ففريق في الجنة وفريق في السّعير، وكلّ حزب بما لديهم فرحون.

الحديث عن اليوم العالمي لحرية الصحافة ومنها إلى الإعلام في الجزائر، هو حديث عن أسماء ثقيلة وأقلام صنعت تاريخها بلا زيف أو مساحيق، هو حديث عن” إسمعيل يفصح” الذي اغتيل في عز شبابه، وبعد أيام قليلة من زفافه، و “طاهر جاعوط (جاووت)” الشاعر والروائي والصحفي، صاحب المقولة الشهيرة “إذا تكلمت تموت وإذا سكت تموت، إذن تكلّم ومت” كذلك هو حديث عن (خوجة رشيد، بن عودة حسان، رابح تواتي، رشيدة حمادي) وغيرهم الكثير ممن لم أعرفهم عن قرب ولم أجالسهم، ولكني تعرّفت عليهم من خلال مسيرتهم في الصحافة، والجهر بالحقيقة، وإعلاء رايتها رغم كل المخاطر .

الحديث عن اليوم العالمي لحرية الصحافة في الجزائر، هو حديث عن قوانين الإعلام من أول قانون سنة (1982) مرورًا بقانون 1990 الذي فتح الباب على مصراعيه أمام التعددية الإعلامية و السياسية، فشهدت الساحة ميلاد عشرات الصحف وقتها، وصولًا إلى قانون الإعلام سنة 2012، وقوفًا عند قانون 2014 المتعلق بالنشاط السمعي البصري، ثم 2016.. وكلها مراحل حتّمتها الظروف والوقائع والتطورات الحاصلة، التي استوجبت تداركًا سريعًا وتحركًا رسميًّا للنهوض بهذا القطاع، الشريان النابض لكل دولة ومجتمع.

كذلك هو حديث عن ما يسمى بـ “البطاقة الوطنية للصحفي المهني (المحترف)” أي الذي يُثبت فعلًا أن لا مهنة له غير الصحافة، وأنها مصدر كسبه ورزقه، في ظل منحها لغير مستحقيها، وفي زمن أصبح فيه الإعلام مهنة من لا مهنة له في الجزائر، وأصبح فيه الكثير من ممتهني مهنة المتاعب، لا يفرقون بين الحرية وإثارة البلبلة واحترام الحريات، والبعد عن البزنسة والتدليس وتغليف الحقائق بمساحيق مثيرة للشفقة.

الإعلام في الجزائر، وبعد خطوات قضى فيها نحبه أكثر من مرة، ها هو اليوم يحاول تدارك عثراته وخيباته وسقطاته المميتة، مع أنه لا يزال يسجّل الكثير منها وهو يسعى ويغالب نفسه بغية النأي بها عن السقوط في الزلل، والارتباك الذي تسببه دائمًا بعض الشبهات التي إن اتقاها فقد برئ لنفسه وعرضه، كتمويل مؤسساته بالمال الفاسد وانتساب غير أهله له، فنسبوا إليه أفكارًا ليست من رحمه ولا من صلب مجتمع طالما حافظ على وحدته وتماسكه ورباطة جأشه، أمام المحن الداخلية والخارجية، والزلازل والعواصف الفكرية الثقافية، التي تعمل عمل معاول الهدم، لا لبِنات البناء.

فالإعلام الجزائري إن لم يخلّص نفسه من تلك المعضلات، وإن لم يسلّم نفسه إلى الشرفاء من أهل الاختصاص،ليسيروا به قُدُمًا نحو ضفة آمنة، قصد بناء دولة قوية بمؤسساتها، سيبقى يرزح في ظلماتٍ بعضها فوق بعض، وتبقى هي الأخرى -الدولة- تنبض بقلب أعرج ملوّث، تطوف حوله الأمراض الخبيثة، التي لا يقوى على إزاحتها واستئصالها إلا إعلام قوي، نزيه شريف، يراعي في مسيرته أخلاقيات المهنة، التي يحدد الضمير الصحفي جزءًا كبيرًا، الذي إن زال أو غُشِي عليه فقل على إعلامنا “سلام” وكبّر على جزائرنا الجديدة أربع تكبيرات.

ولأن الهروب إلى الأمام لا يجب أن يكون في هذه المرحلة تحديدًا، من مراحل إعادة البناء، خاصة وأن الإعلام جزء لا يتجزأ من المحن والامتحانات التي تمرّ بها البلاد، فمن الضروري جدًّا العضّ بالنواجذ على قوانينه والنظر إليها نظرة الفاحص المتأمل، لإعادة توجيه مساره، وجعله يصبّ في خدمة الارتقاء بالفرد، ولمجتمع، والدولة على حدٍّ سواء.

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫72 تعليقات

  1. فمن الضروري جدًّا العضّ بالنواجذ على قوانين الإعلام والنظر إليها نظرة الفاحص المتأمل، لإعادة توجيه مساره

  2. ان كان لحرووفي جمااااال
    فهووو سيكون اكثر جماااالا
    بتوااااجدك الرااااقي
    هنااااا

  3. سعيد بكم و بتواجدكم البهي.
    للتواصل معي عبر الفايس بوك تجدونه باسم ( الكاتب طارق ثابت)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88