إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

كورونا تفضحنا تكنولوجيًّا

لا شكّ أننا أدركنا في عزّ ما نمرُّ به من ظروف صعبة نَجَمَ عنها هذا التباعد الاجتماعي، الذي اضطرت الحكومات بسببه إلى غلق أبواب التعليم الواقعي، وفتح أبواب افتراضية لتلقين ما يمكن تلقينه -أدركنا- حجم افتقارنا لآلية التحكم في التكنولوجيا،  والتي تعني مهارة التطبيق.

لذلك سنواجه المزيد من العراقيل والتحديات التي لن يقوى على مجابهتها إلاّ مجتمع مؤمن بالعلم حقّا.. مجتمع لا يوظّف أفراده هواتفهم الذكية التي تصل قيمتها المالية لكذا مليون، فقط في تحميل الأغاني وألعاب الفيديو والسيلفي والتقاط صور هنا وهناك، أو استخدام واجهته كمرآة لوضع الأحمر والأخضر والأبيض، أو إنشاء غرف دردشة تنتهي بخصومات غالبًا، وانسحاب جماعي، وغيرها من الترّهات والسطحيات التي استُغلّت في تتبع عورات الناس، وفضح ما ستره الله من عيوبهم، وكأن الفاضح كاملٌ خالٍ من كل نقصٍ وعيب. بعيدًا عن استغلالها في البحث العلمي الذي يصرفنا ولو قليلًا عن الجهل المقنّن الذي نمارسه بأشكال عدّة وعلى مستويات مختلفة، أين كان عموديا من أعلى إلى أسفل.

واليوم بات أفقيا من أسفل إلى أسفل، ويمكنكم أن تقوموا بسبر آراء، لتعلموا كم من طلبة الجامعة يملكون بريدًا إلكترونيًّا، وكم من الذين يملكونه ويجهلون طريقة العمل به! بينما يمكنكم أن تقوموا بسبر آراء، لتكتشفوا كم عدد أولئك الذين يملكون حسابًا فيسبوكيًّا، جلّ منشوراتهم تافهة تدلّ على حجم عقولهم، ونظرتهم للحياة، ولا ألومهم في هذا بشكل كامل حتى أكون منصفًا، فالإنسان ابن بيئته.

وما دامت بيئتنا العلمية ومنظومتنا برمتها، لا تشجّع ولا تحفّز وتعتمد سياسة الحشو، وكأنها تقول لك (أنا نمدلك وأنت عوم بحرك) فطبعًا هذا هو الجيل الذي سنحصده ونجنيه بعد بِضعِ سنين،  جهل متجذّر بالتكنولوجيا تاريخه قديمٌ قِدَم التكنولوجيا بحدّ ذاتها.

سنواجه المزيد من التحديات ما دمنا نفتقر إلى آليات التطبيق ورأس مال جامعاتنا ومعاهدنا وثانوياتنا نظري في نظري، حتى أصاب الشلل التكنولوجي السواد الأعظم ممن نطلق عليهم نخبة المجتمع.

رحم الله زمن كورونا، الذي فضح المستور ودلّنا على مكمن عطبنا وعجزنا التكنولوجي، وأخرجنا بمظهر البؤساء المستغيثين، نستنجد بها ولا نجدها عسانا نخرج من الوضع بأقل الأضرار، وإن لم نغنم يكن أضعف الإيمان أن نكون سالمين، لأننا لم نرحب بها وتجاهلناها ساعة يسرنا وفراغ أوقاتنا، وها هي اليوم تتجاهلنا ونحن في أمس الحاجة إليها، بل سيتعطّل مستقبلنا بدونها لأننا لا نتقنها، ولن نتقنها، فسرعان ما ستعود [ريمة إلى عادتها القديمة] فور انتهاء الأزمة.

الكاتب الجزائري/ طارق ثابت

مقالات ذات صلة

‫110 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88