إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

تعظيم سلام لكورونا

استطاع فيروس صغير لا يُرى بالعين المجردة أن يثير الرعب والهلع فى جميع أنحاء العالم، بعد أن تزايدت حالات الإصابة به إلى 1,2مليون إصابة عالميًّا ودفع انتشاره المتسارع -بين المواطنين- الحكومات إلى اتخاذ بعض الإجراءات لمواجهته؛ فأُغلقت المدارس والجامعات، ومُنعت التجمعات في الأماكن العامة والمقاهي والأسواق، وأُغلقت الحدود بينها وبين الدول الأخرى، وتوقفت حركة الطيران، وفُرض حظر التجوال الكلى أو الجزئي. كل هذا بهدف احتوائه والسيطرة عليه ومع ذلك ما زال الخطر قائم وما زال خارج السيطرة.

مجرد فيروس أزعج العالم وسلب منه الراحة والأمان والاستقرار، سبحان الله فقد استطاع هذا الكائن المتناهي الصغر أن يسقط جبروت الإنسان، وأثبت بالدليل أن الإنسان بكل جبروته أضعف المخلوقات على وجه الأرض. هذا الإنسان الذي ظن أنه قادر على كل شيء؛ فقتل وسرق ونهب ونصب، الإنسان الذي ظلم واغتصب وافترى واستقوى على الضعيف، الإنسان الذي خُيل إليه أنه يمتلك مفاتيح العالم بأمر منه، يحركه يمينًا ويسارًا كيف يشاء، أصبح لا شيء أمام جبروت جرثومة
-مجرد فيروس- لكنه أصبح الشغل الشاغل لكل العالم، أخباره تتصدر الصفحات الأولى فى الصحف والمجلات وتستحوذ على اهتمام النشرات الإخبارية، والموضوع الأكثر تناولًا في كل البرامج الحوارية في محطات الإذاعة والتليفزيون، حتى إنه لم يترك مساحة لأي موضوع آخر.

مجرد فيروس.. لكنه استطاع الاستحواذ على تفكير واهتمام العالم فلم يعد هناك وقت للتفكير في إشعال الفتن أو الحروب أو القيام بعمليات إرهابية أو حتى تعارض في وجهات النظر. الجميع اجتمع على كلمة واحدة وهدف واحد لمواجهة عدو واحد والقضاء عليه.

مجرد فيروس استطاع أن يلم شمل العائلة بعد سنوات من التفتت والشتات بسبب إدمان بعض العادات السيئة المستحدثة، كتفضيل مواقع التواصل الاجتماعي على التواصل الفعلي مع الأسرة والذي تسبب فى عدد لا حصر له من المشاكل الاجتماعية والنفسية للمواطنين، كذلك إدمان الجلوس على المقاهي بدلًا من الجلوس في المنزل مع أفراد العائلة، وإدمان التسوق في المولات والسهر في البارات، والتسكع في الشوارع بلا هدف، والتحرش بالنساء، واغتصاب الأطفال، والانتحار، والعديد من الظواهر التي انتشرت في السنوات الماضية. كل هذا اختفى منذ ظهور كورونا ولم يعد موجودًا.. لم يعد يفكر الإنسان حاليًا سوى في شيء واحد هو: كيف يتقي شر هذا الجندي الشرس الذي كُلّف بأمر من الله ليعطي للبشر درسًا يعيدهم إلى الطريق المستقيم.

مجرد فيروس جعل الناس تعود إلى كتاب الله، تقرؤه وترتله، وتفهم معانيه، وتبحث عن الدلائل في بعض الآيات التي تتحدث عن حال البشر وما يتعرضون له في هذا الوقت من بلاء جعلهم يتقربون إلى الله بـ (الصلاة، والصوم، والتسبيح، والتكبير، والصدقات، والدعاء) ليس فقط في البلاد العربية الإسلامية، بل في البلاد الغربية أيضًا ذات الديانات المختلفة.

مجرد فيروس جعلنا نعرف من هم أهل العطاء ومن هم الجشعين البخلاء.. من يخاف على بلده ويحاول أن يقدم لها المساعدات التي تجعلها قادرة على مواجهه هذا الوباء ومن يخاف على نفسه وماله فقط، من هم أصحاب القلوب الرحيمة ومن لا يعلمون عن الرحمة سوى حروفها.

فتعظيم سلام لكورونا.. وليتنا نتعظ من هذا البلاء.

☘️??☘️??☘️??☘️??☘️??

بقلم الأديبة العربية/ جيهان السنباطي

مقالات ذات صلة

‫82 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88