إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

الإسلام أم العقل؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد…

إنّ من كمال العقل أنه يقضي بأن الإسلام يأتي بالمرتبة الأولى من بين النعم ثم يضع نفسه ثانيًا، هذا التسلسل الذي يقتضيه العقل يدل على كماله وعدله، فلم يحابي أو يجامل حتى نفسه ويضع ترتيبه أولًا.

والحق أنّ هذا التصرف الكامل ليس بمستغربٍ على العقل، فما ميّزه عن غيره سوى إمكاناته الباهرة وتصرفاته الصائبة، بل إنّ هذا التسلسل تقتضيه العقول باختلاف مستوياتها، فلو خَيّرتَ أقلَّهم عقلًا بين الإسلام فقط أو بقية النعم بدونه فحتمًا سيختار ما يدُور في ذهنك الآن.

نعم.. الإسلام، أما قال الله تعالى ﴿… ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ…﴾ [المائدة ٣]

وليس الحديث هنا عن تفاضلِ الإسلام والعقل، وأيهما أحق بالتقديم على الآخر. ولا أُخفي سرًّا إن قلت بأني انتصر للقول بِتلازمهما معًا؛ فلا ثمرة من إسلام مع نقص عقل ولا نجاة لصاحب عقلٍ بدون الإسلام، ولو أُعطيَ الإنسان العقل فلن يَحِيدَ عن اختيار الإسلام دينًا ولئن هُديَ للإسلام فلا يُعقل بأن يُخالفه في شيء -إذا استثنينا فاقد العقل (المجنون)-.

إلا أنَّ هناك ثمة أمر أعيا العقل تحليله، وفكِّ شفرته، والإجابةِ على سؤاله، وهو أن تجِدَ مسلمًا يُخالف إسلامه أو عكسه تُشكِّكُكَ أفعاله بإسلامه نتيجة رجاحةِ عقله.

ولستُ بصدد الحديث عن الثاني، ولكني أوجه قلمي تجاه الأول (المسلم الذي يخالف إسلامه) أنا على يقين كيقيني بمستوى عقلية القارئ الكريم بأنه لا أحد ينكر وجود عامل يُضِيعُ الأمانة، وولد يعقُ والده، ووالد يظلِمُ ولده، وزوج يسلِبُ حق زوجه، وجارٍ يؤذي جاره، وأخ يظُنُّ سوءًا بأخيه، ومسلم يقدَحُ ذِمة آخر، وكفيل يمُد يده على مكفوله. وليست هذه فحسب.. فهناك أيضًا وارثًا يتعامل مع ورثه بحتميةِ تجدده، ومُتنفّذًا يملِكُ بُلوغ الثراء والجاه والتمكّن عن طريقي الحلال والحرام فيدع الأول بمحض اختياره ويختار الثاني بكامل إرادته، ومُنْعمًا عليه بما لا أحد إلا ويتمناه فيتجاهله ويقضي وقته يلطم على فقدان نِعمة يكاد يتساوى حضورها وعدمها.

وليس تقليلًا من بشاعة أمر هذه المخالفات إلا أنَّ هناك غيرها أسوء حالًا وأعمق أثرًا.. أَهدِفُ لأن تتذكَّرَها دونما أذكُرَها، ورَغمَ ذلك إلا أنه لا يختلفُ عاقلان أنَّ كُل هذه وتلك إنما تدل على واحدٍ لا ثاني له وهو: (اضمحلالُ المستوى العقلي لدى هؤلاء) وهنا تحديدًا يأتي السؤالُ المقصود:

لو خُيّرْتَ بأن يكون الذي معك مسلم يخالف إسلامه، أو عاقل تأمن معه بسبب عقله من تلك المخالفات ولو على حساب إسلامه، أيهما ستختار؟

إن أجبت بمسلم يُخالفُ إسلامه فستعاني درجةً أوصف ما توصف به أنها كواقعنا تمامًا، وإن أجبت بعاقل تأمن معه بسبب عقله ولو على حساب إسلامه فستضطر لتقديم العقل على الإسلام، وهنا تُناقِض ما قررناه إبتداءً بكل ما يحمله الاختصار من معنى.

ما أريد إثباته تحديدًا: بيان منزلة العقلِ بدقة وأنَّه يستحيل أن تستقيم الحياة دون اجتماع الإسلام والعقل معًا في الإنسان، وأنَّ هيئة المسلم غرير العقل كهيئة الزرع شحيح الماء.

و الحمد لله رب العالمين.

بقلم/ زياد بن عبد اللطيف الفوزان

مقالات ذات صلة

‫16 تعليقات

  1. فعلا النعمه الاولى هي الاسلام عشان في ناس كتير عاقلة وكمان بارعه من ناحية العقل لكن غير مسلمين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88