أخبار حصرية

خطبة الجمعة من المسجد الحرام

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام أسامة خياط، المسلمين بتقوى الله عز وجل، والاستيقان بالفرج القريب، مشيرًا إلى أن الشدائد والابتلاءات والمحن ما هي إلا خطوةٌ على الطريق إلى تحسين الأحوال، وقفزةٌ إلى رخاء العيش وبلوغ الآمال، مع ما فيها من تمحيص وتكفير للسيئات، ورفع للدرجات.

مكة المكرمة / أحمد سندي

وقال خياط في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم، إن صروف الليالي وتقلُّب الأيامِ، يعقبان المرءَ تبدُّلَ أحوال ونزولَ شدائد وحُلول كُرَب، يتخللها من الغُمومِ والهمومِ مَا يَستَحوِذُ عَلَى صاحِبِها، ويسوؤه في نفسِه وولده، أو جسمه أو صحته وعافيته، أو عِرضِه أو ماله وبلَدِه، فيضيقُ بها صدره، ويلتَمسُ تفريجَها وكشفَ ضرّها، فيذكر قولَ ربِّه الأعلى “وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، وقولَه عزَّ اسمُه “قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ”، فيستَيقِن أنَّه سبحانه المُنجِّي من كلِّ كربٍ، الكاشفُ كلَّ ضُرٍّ، المُغيثُ لكلّ ملهوف، فيتوجَّهُ إليه بالدعاء مُتضرِّعًا مُخلِصًا خاشعًا خاضِعًا مُخبِتًا مُتَحرِّيًا أوقاتَ الإجابة؛ امتثالاً لقولِه عزّ وجلّ: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”، راجيًا أن يُفرِّج كربَه، ويكشف غمَّه، ويُذهِبَ همَّه.

وأوضح أن المرء يتوسَّلُ إلى الله بما كان يَتَوسَّل إليه به نبيُّه -صلى الله عليه وسلم- مِن جوامعِ الدّعاء، كما في الحديثِ الذي أخرجه الترمذيّ في جامعه بإسنادٍ حسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كرَبَه أمرٌ يقول: “يا حيُّ يا قيوم، برحمتك أستغيث”، وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب: “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم”، ومن ذلك المداومة على دعاء نبيِّ الله يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت؛ فقد أخرج الحاكم رحمه الله في مستدركه بإسنادٍ صحيح عن سعدِ بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لم يدعُ بها مسلمٌ في شيءٍ قطّ إلا استجابَ الله له بها”، وذلك مصداقًا لقوله سبحانه “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ”.

وبين الشيخ أسامة خياط، أنه كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الفزع إلى الصلاة عند النوائب، ففي سنن أبي دواد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر صلى” أي: إذا نزل له أمر مهم، أو أصابه هم أو غم، فزع إلى الصلاة لأنها كما قال أهل العلم: حصن المسلم وملجؤه الذي يأوي إليه، والعروة الوثقى التي يعتصم بها، والحبل الممدود بينه وبين ربه، وهي غذاء الروح، وبلسم الجروح، ودواء النفوس، وإغاثة الملهوف، وأمان الخائف، وقوة الضعيف، وسلاح الأعزل.

وأكد أن من أعظم ما يُرجى لتفريج الكُربة ورفع الشدة عند البلاء: القيامُ بحقِّ الله تعالى؛ بالإيمان به، والمُسارَعَة إلى مرضاته، واللجوء إليه، وصدق التوكل عليه، وحسن الثقة به، والإيمان برسولِهِ، واتِّباع سنته، واقتفاء أثره، وتقديم محبته على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، والإكثار من الدعاء، والإلحاح فيه، والاستغفار والصدقة وتلاوة القرآن.

وشدد على أنه يجب الالتزام التام بكافة الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الجهات المختصة، والتعاون معها على ذلك؛ تعاونًا على البر والتقوى، وطاعةً لولاة الأمر، وتحقيقًا للمقاصد الشرعية، وأخذًا بالأسباب الوقائية، وحفاظًا على الأنفس، وحرصًا على ما فيه السلامة من كل داء، والنجاة من كل بلاء، واعتمادًا وتوكلًا في كل ذلك على خالق الأرض والسماء، القائل سبحانه: “وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.

وأشار إلى أن مما يعزي النفوس عند نزول الشدائد، وحلول المحن، ويصرف عنها موجة الألم لفواجعها ونكباتها، الأملَ في فرج الله القريب، والثقة في رحمته وعدله؛ إذ هو -سبحانه – أرحم الراحمين، ومن رحمته لعباده أنه لا يتابع عليهم الشدائدَ، ولا يكرههم بكثرة النوائب، بل يعقب الشدة بالسعة والرخاء، والابتلاء بالرحمة وسابغ النعماء، كما قال -عز وجل- “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”، حيث تكرر اليسر بعد العسر مرتين، ولن يغلب عسرٌ يسرين، وحيثما وُجد العسر على تنوع ألوانه واختلاف دروبه، وُجد إلى جانبه يسرٌ ينفث الكربة، ويجبر القلب، ويواسي الجراح، وينسي الآلام، ويذهب الأحزان، خاصة حين يلجأ المؤمن في شدته وبلائه إلى ربه، ويسأله أن يبدله من بعد شدته رخاءً، ومن مجالب أحزانه، وبواعث همه فرجًا ويسرًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88