إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

قراءة نقدية في قصيدة (نسائم البشر) للشاعرة منى السعيدي

قراءة نقدية قدمها الناقد الكبير أ. يحيى معيدي لقصيدة (نسائم البشر) للشاعرة السعودية منى السعيدي.

نص القصيدة

صَلُّوا بِهَونٍ في الرِّحالِ وكَـــبِّرُوا
واللَّيلُ ناشِئةُ القِــــيامِ فَشَـمِّرُوا

بَكَتِ المآذنُ والحـــنينُ يَضُمُّهَا
جَادَتْ بِدَمْـــعٍ غَارِقٍ تَتَعـَــــذَّرُ

خَمْسٌ تُعَانٍقُ صَــوتَها وحنينَها
للرَّاكـِــعٍين ولاسِــــواهُم أجْدَرُ

السًّاجِدينَ الصَّادقِين وحُلْمُهم
أمنٌ وإيمانٌ يَشــــِعُّ ويَكْــــــبُر

لِلْعُسْـــــرِ يُسْــــرٌ ثُمَّ يُسْــــرٌ تَابِعٌ
حَتْمًا سَيَأْتِي البٍشْرُ وَعْدًا فَاصْبِرُوا

ياربِّ طـُهْرًا للبلاد ِوأهـْـــــــلِها
يَجْلو السَّقامَ فأنْتَ أنْتَ الأقْدَرُ

القراءة النقدية

ما أجمل الشعور الإيماني الذي ينبثق بالتفاعل الوجداني في دائرة الأمل، ويخلق من إبداعه منارات تضج بجمال الحرف فتتشنف الآذان!.

وصلتني أبيات للشاعرة الرائدة/ منى محمد السعيدي، حول إجراء الصلاة بالبيوت، وهو الإجراء الاحتياطي الذي وجهت له حكومتنا حفظها الله.

استهلت الشاعرة نصها بفعل الأمر (صلوا)، وكأنها تشير لعظم هذه الشعيرة في كل مكان وزمان، ثم تقيد ذلك بالتزام التؤدة والسكينة، فتقول: (بِهَون).. نعم، ما أجمل ما أضافته هذه المفردة. وبينت ناتج الإجراء (في الرحال) وهو المقصود، وإتباع ذلك بالتكبير (وكبِّروا).

والتكبير جزء من عموم الصلاة، فكأنها عطفت خاصًّا على عام لتقوية الدلالة المعنوية في البيت، حيث تلازم الفعلين.

الاقتباس القرآني في قولها: “والليل ناشئة القيام” من قوله تعالى في الآية ٩ من سورة المزمل: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّیۡلِ هِیَ أَشَدُّ وَطۡـࣰٔا وَأَقۡوَمُ قِیلًا﴾، ثم التعقيب على ذلك كله بالتشمير وهو حث من نوع آخر.

الاستعارة في قولها: “بكت المآذن”، ثم بيان حالها بالجملة الحالية “والحنين يضمها”، وعندما يجتمع البكاء والحنين فهو باعث حزني قوي جدًّا، والدليل على ذلك هو ما جعلها تبين حال تلك المآذن بقولها: “جادت بدمع”.

وما نوع هذا الدمع؟

إنه الدمع الغارق المسترسل، ثم إضفاء صفة أخرى ملازمة لتلك الأحداث بل ناتجة عنها، وهي: التعذر.

ثم تذكر الشاعرة فروض الصلوات ومعانقتها اليومية لتلك المآذن، وذكر أصحابها وتخصيص وصفهم بالركوع والسجود والصدق وأنهم هم أصحابها وليس غيرهم، مما جعلهم يحلمون بالأمن والإيمان ويعيشونه منهج حياة.

والتنويه والرجوع للحدث الذي حتم ذلك الإجراء وهو (العسر)
وأنه سيعقبه يسر ويسر، مقتبسة من الآية الكريمة ﴿فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ یُسۡرًا﴾، والتأكيد على ذلك بأنه وعد للصابرين.

وتختم الشاعرة بدعاء الله عز وجل بأن يطهر البلاد وأهلها بقولها: “طُهْرًا للبلاد ِوأهْلِها” ليجلو السقام الحاصل وكأنها تشير للوباء المنتشر، ثم تبين حال الإنسان الضعيف وأنه لا يملك دفع الضر عن نفسه، حيث قالت في دعائها: “فأنت أنت الأقدر”
وكررت الضمير (أنت) للتأكيد.

– وُفِّقت الشاعرة في نصها، حيث اختارت ألفاظًا مناسبة، واقتبست من آيات قرآنية؛ لأن النص تجليات ابتهالية تضرعية وهو ما جعله كذلك.

– جمل النص خبرية ما عدا القليل جاء إنشائيًّا (صلّوا، كبّروا، شمّروا، يارب، …).

– عاطفة الشاعرة صادقة؛ لأنها رسمت الموقف بنص يسير حمل معانٍ بديعة دلالية وصادقة.

– اختارت البحر الكامل، وقافية الراء. وفي نظري حرف (الراء) أضفى إيقاعًا مناسبًا؛ لأنه حرف تكرير صفة ودلالة.

وأخيرًا أهنئ الشاعرة.

الناقد/ يحيى معيدي

مقالات ذات صلة

‫73 تعليقات

  1. ياربِّ طـُهْرًا للبلاد ِوأهـْـــــــلِها
    يَجْلو السَّقامَ فأنْتَ أنْتَ الأقْدَرُ

  2. صَلُّوا بِهَونٍ في الرِّحالِ وكَـــبِّرُوا
    واللَّيلُ ناشِئةُ القِــــيامِ فَشَـمِّرُوا

  3. السًّاجِدينَ الصَّادقِين وحُلْمُهم
    أمنٌ وإيمانٌ يَشــــِعُّ ويَكْــــــبُر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88