إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

أنا

حين ألفظها، أبدو في شك من أمري؛ هل (أنا) هو (أنا)، أو (هم)، أو (نحن)؟ لست متأكدًا. ربما أشبعتنا الثقافة أن (النحن) الجماعية هي (أنا).. لم يعد من اليسير حسم الفروقات في ظِلال كهف ناسه ترى ولا ترى!.

بين هذا التردد تبقى لحظة (الأنا) هي البقاء حين يتألم الجسد، وحين تقصر طموحات نحن إلى طريق عسرٍ، كإبل مئة لا تجد فيها راحلة.. حينها نعود للذات نبحث مجدها، وعن سطوة (النحن) الكامنة في إنّيتنا. نعم (أنا) هي الحضور والتحقق، (أنا) نغمة انبثاق صوت جلل يرفض إلا تحقق وإلا استحقاق، يرفض الرفض، يحتج على الإخماد، ذات تريد وتفكر وتشعر وتحتاج وتحكم وجودها.

(أنا) هي وجودي يتموضع هنا والآن، سموًّا يبدأ ببزوغ الروح في الجسد عنوة، لينبثق إرادة وحرية واختيارًا.

إنها (أنا) الثائرة تقْدُمُ من مجهول الرحم، لتعي صرختها، حركة وفكرًا يتلوى ريحًا تهبط لتصعد، تتواجد إشعاعًا نازلًا أو صاعدًا، لا يرده انعكاس.

بعيدًا عن كل مؤثرات الطبيعة والثقافة والتنشئة، هذا هو (أنا).. صرخة هي اختيار لا يرده راد أو لا راد له أو كذا هو ينتظر أن يكون.

(أنا) فعل وفاعل، منفعلٌ يعي ذاته وواقعه وربه، ليتموضع في الكون ناشطًا، قارئًا، ناقدًا، متفكرًا، حرًّا، يشق فجره وفجر أجياله، (كلمة وحركة في المكان والزمان)، يهديه صوت في صوته، هو نداء الله؛ الكرامة والاعتزاز بأنك أيها الإنسان عظيم من جهة خلقك الأول؛ (نفخة الله الباقية في ذاتك) ومن جهة طبيعتك حرًّا مستقلًّا جائرًا لذاتك، تتأبى عن القيد والتقييد إلا ما تنهاك الفطرة ووصايا الله. إنه نهي لا يحد من صوتك بل هو نهي في صميم مزيد الدفع، والرفع عن ذل الأرض، ومربوبات الأرض، لتبقى (الأنا) سامية متسامية تصرخ حداء الكلمة والخلق، تأكيداً لذات ربما تزيغ بحريتها، لكنها حريتها، ومن طبيعة الحُر أن يروم الرُشد حين تجفل عن روحه الطيبة ظِلال الأرواح الشريرة، أرواح الخوف وزوال الذاكرة الإلهية بأنك أيها الإنسان نفختي.

(أنا)، إرادة تتوثب، تريد أن تتحقق أولًا، وحركة عمل قصدي لا يقف ثانيًا، وعلاقة اتصال وبناء مع إنسان الأرض ثالثًا، ووصايا كتاب وألواح هادية ثالثًا. ولدت لأكون (أنا) لا أنت أو أنتم أو هو أو هي.

(أنا) ليست خارج نطاق الصوت، بل هي صوت يتحدى ذاته وكل الذوات.. يحتجّ ليكون.

الكاتب والباحث/ سالم بن عبد الله القرشي

[email protected]
حساب تويتر ‏Mansa2099@

مقالات ذات صلة

‫63 تعليقات

  1. (أنا) هي وجودي يتموضع هنا والآن، سموًّا يبدأ ببزوغ الروح في الجسد عنوة، لينبثق إرادة وحرية واختيارًا.

  2. أنا) فعل وفاعل، منفعلٌ يعي ذاته وواقعه وربه، ليتموضع في الكون ناشطًا، قارئًا، ناقدًا، متفكرًا، حرًّا، يشق فجره وفجر أجياله،

  3. بعيدًا عن كل مؤثرات الطبيعة والثقافة والتنشئة، هذا هو (أنا).. صرخة هي اختيار لا يرده راد أو لا راد له أو كذا هو ينتظر أن يكون.

  4. والرفع عن ذل الأرض، ومربوبات الأرض، لتبقى (الأنا) سامية متسامية تصرخ حداء الكلمة والخلق،

  5. الثائرة تقْدُمُ من مجهول الرحم، لتعي صرختها، حركة وفكرًا يتلوى ريحًا تهبط لتصعد، تتواجد إشعاعًا نازلًا أو صاعدًا، لا يرده انعكاس.

  6. عبارات تستحق التمعم فيها ….(أنا) فعل وفاعل، منفعلٌ يعي ذاته وواقعه وربه، ليتموضع في الكون ناشطًا، قارئًا، ناقدًا، متفكرًا، حرًّا، يشق فجره وفجر أجياله، (كلمة وحركة في المكان والزمان)،

  7. مرورك يضفي جمالا على حروفي ياصاحبة اطيب قلب
    عطر روحك بين ثنايا كلماتك
    تشرق ايامي بمرورك

  8. صاحب الحرف المتألق
    و ملك القلم الذهبي الرائع.
    تحية معطرة بالورد أهديها إليكِ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88