إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

في الكتابة الإبداعيّة 2/2

بسم الله الرحمن الرحيم
قرائي الأعزاء /
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. طابت أوقاتكم بالخير والعافية والتوفيق.

إليكم الجزء الثاني والأخير من مقالتي عن (الكتابة الإبداعيِّة)، التي نشر الجزء الأول منها الأسبوع الماضي، وهذا رابطه لمن يرغب الاطلاع عليه:

في الكتابة الإبداعيّة 1/2


والمقالة عبارةٌ عن محاضرةٍ قدمتها بجمعية الثقافة والفنون بالرياض يوم الاثنين الموافق 9 جمادى الآخرة 1441 الموافق 3 فبراير 2019.
********************************
نصائح للنقَّاد وللكتّاب المبتدئين في التعاطي مع النقد:

النقد الأدبي إبداعٌ مستقلٌ في حدِّ ذاته، كما أنَّه من أقوى العوامل المساعدة والمُوَجِّهَةِ والمًعِينَةِ للكاتب المبتدئ والمتقدم على حدِّ سواء، ولكنَّ هذه الميزة والأهميَّة تضيع أحيانًا وتفقد بوصلتها. ولتلافي ذلك أقترح:

• على الناقد أن يسلط مصابيحَ إضاءةٍ قويّةٍ على جوانب الإيجاب والجمال في النصوص الإبداعيَّة التي يتناولها لا سيما للكتّاب المبتدئين، وفي المقابل يسلط ضوء شمعةٍ صغيرةٍ على جوانب السلب والضعف. وعندما أقول ضوء شمعةٍ لا أقصد أن يبحث عن المثالب والعيوب بشمعةٍ، وإنَّما لا يمنحها من تركيزه إلا القليل، فيكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. وهذا أمرٌ معروفٌ في جوانب التربيّة والتعليم.

• للأمير عبد الرحمن بن سعود رحمه الله مقولةٌ واقعيةٌ جدًّا وهي: (الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضيةٌ واحدةٌ، بل يفسد ألف قضيةٍ)، والنقد الأدبيُّ ليس استثناءً من هذه القاعدة؛ لذا فعلى الناقد أن يكون أبًّا وأخًّا أكبر ومربيًّا نبيلًا لمن ينقد أعمالهم لا سيما من الشبَّان والفتيات في أول سلم حرفة الكتابة. ولا يعني هذا بحالٍ من الأحوال أن يخون أمانة النقد، ويغالط الحقيقة، ويمتدح الرديء. إنَّها شعرةُ دقيقةُ مثل شعرة معاوية تفصل بين أن تكون ناقدًا إنسانًا باقتدارٍ، وملتزمًا في الوقت نفسه بأمانة النقد وما يقتضيه المنهج العلمي، وهذه حكم من أوتيها فقد أوتي حظًّا عظيمًا.

وعلى الكاتب ألّا يتأثر بالنقد ويحبط منه مهما بلغ من قسوةٍ ومصادرةٍ، وعليه أن يعلم أنَّ الناقد إنسانٌ مثله قد يصيب وقد يخطئ، كما عليه أن يعلم أنَّ ما يقوله الناقد ليس قرآنًا منزلًا، وأنَّه أحيانًا ليس إلا وجهات نظرٍ تصيب وتخطئ والدليل على ذلك هو اختلاف النقاد حول العمل الواحد، وتنوع زوايا نظرهم للمادة المنقودة.

وقديمًا أثنى القصيبي -رحمه الله تعالى- وكذلك الدكتور الغذامي وغيرهما على رواية (بنات الرياض) لرجاء الصانع، وأشادا بها كثيرًا، وفي المقابل صادرها نقادٌ آخرون جملةً وتفصيلًا.

على الكاتب المبتدئ ألّا يكون حساسًا كثيرًا تجاه النقد وألّا يأخذه بشخصانيةٍ، كما ينبغي أن يستثمر ما فيه من جوانب إيجابٍ في تحسين عمله، وأن يتيقن أنَّه ليس ملزمًا بكل ما يقوله النقَّادُ ويقترحونه.

وعلى الكاتب المبتدئ أن يتوقع الرفض والمصادرة من بعض النقَّاد، ومن دور النشر والطباعة لأعماله الأولى، وليعلم أنَّ هذا أمرٌ وقع لعمالقة الكتَّاب والأدباء وبعضهم نال جائزة نوبل والبوكر فيما بعد. وليتذكر حادثةً طريفةً حدثت مع الفنان المصري عبد الحليم حافظ، فقد استمعت لجنة تقييم للأصوات في الإذاعة المصريّة لصوته أكثر من مرَّةٍ ولم تجزه مطربًا يغني عبر الإذاعة.

المثابرة والجلد والإصرار أمورٌ لا بد منها لأي كاتبٍ مبتدئ.

الخلاصة عليك أخي الكاتب المبتدئ شابًا أو فتاةً أن تؤمن بنفسك، وتثق في قدراتك، وتحرص على تطويرها وصقلها وتنميتها مستفيدًا من أخطائك وأخطاء غيرك ممن سبقك، وقبل ذلك وأثناءه وبعده عليك أن تثق بالله سبحانه وتعالى، وتستمد منه العون والسداد، وتتفاءل بالخير لتجده.

ومضات سريعةٌ للكتاَّب المبتدئين:

اكتشف النوع الذي تكمن موهبتك فيه أكثر: واجعله خيارك الرئيس في كتاباتك الأولى على الأقل. ومثال ذلك إذا كنت مبدعًا في الشعر فلا تكتب في الرواية لأن الزمن زمن الرواية ولأنَّها الأكثر طلبًا وانتشارًا في السوق. شعرٌ متقنٌ خيرٌ من روايةٍ متوسطة المستوى أو رديئة، والعكس صحيحٌ.

تجنب المُشتتات: أثناء عملية الكتابة قد تنشغل باتصالاتٍ وإيميلاتٍ وإشعاراتٍ ومشاويرَ ونحو ذلك. ابتعد عن كلِّ ما يشتت انتباهك ويصرف تفكيرك عمَّا أنت بصدده. اجعل للكتابة وقتًا خاصًا بها تتفرغ لها فيه بالكليَّةِ. أبلغ من حولك بذلك لكيلا يقاطعوك. بوسعك أن تضع على باب غرفتك عبارة (ممنوع الإزعاج) أو (يرجى عدم المقاطعة) ونحو من ذلك.

اصمت الناقد في أعماقك أثناء عملية الكتابة: فقط أكتب وواصل الكتابة. واعلم أنَّ هناك متسعٌ من الوقت لاحقًا للتدقيق والمراجعة.

اكتب لنفسك: لمتعتك الخاصة ابتداءً. اجعل من الكتابة بغيَّة إسعاد نفسك أهمَّ أسبابك في أن تصبح كاتبًا. يقلق كثيرٌ من الكتَّاب من آراء الآخرين في نتاجهم. تأكد أنَّك لن تكتب أبدًا شيئًا يحبه الجميع، سيظل هناك شخصٌ ما ينتقد عملك، لذا فالأمر المهم أن تُحِبَّ ما تكتب، وتسعد بمشاركة آخرين فيه؛ لذا لا تشغل بالك بما يقوله عن عملك أفراد عائلتك وأصدقائك، ودعك من أفكار الوكلاء والناشرين والمراجعين، وركِّز فقط على كتابة ما يثير اهتماماتك، وابذل قصارى جهدك من أجل تجويده.

قد تسأل نفسك “من الذي أكتب هذا من أجله؟” قد تقرر أنك تكتب قطعة لأصدقائك أو لقريب لك متوفى، وربما تخصص روايتك للأجيال القادمة (لأحفادك وأحفاد الأحفاد)، قد ترغب في مشاركة خبراتك وأفراحك وآلامك مع أشخاص في سنك أو في وضعك الحالي، قد يكون الوكلاء والناشرون في ذهنك عندما تكتب، ولربَّما كنت تستهدف جمهورًا عالميًّا كبيرًا. بغض النظر عمن تعتقد أنك تكتب من أجله، إنَّ مجرد التفكير في الأمر ربَّما يكون معيقًا؛ أنت تكتب لنفسك أولًا.. ضع في اعتبارك دائمًا هذه الحقيقة. يقول الكاتب والناقد سيريل كونولي: “من الأفضل أن تكتب لنفسك من أن تكتب لجمهورٍ عريضٍ (أنت) لست من بينهم”. اكتب دائمًا بشكلٍ أفضل عن هواجسك الخاصة والأمور التي تهمك. ذكر العديد من الكتاب المشهورين إنهم كتبوا كُتُبَهُم لأنها من النوع الذي كانوا يودون قراءته بأنفسهم، ولكنهم لم يجدوه في المكتبات. اتبع هذا النهج، واكتب نوع الكتابة الذي تستمتع به.

اكتب مُسوَّدَةً تعقبها مُسوَّدَةً: تذكر أن مسوَّدة عملك ليست سوى البداية فقط، إنَّها بمثابَّة إنتاج الصلصال الذي منه تنطلق في تشكيل وِعَائِك. لا ترض أبدًا بما كتبته في المرَّة الأولى؛ ادفع نفسك قدمًا لتثري وتطور عملك.

تذكر أنَّ الكتابة تكمن في إعادة الكتابة. كَشَفَ استطلاعٌ موجزٌ للمؤلفين أنَّه في المتوسط، تتمُّ إعادة كتابة الروايةٍ المنشورةٍ عشرين مرّةٍ.

كلَّما قمت بإعادة الكتابة، كلما كان عملك أسهل في القراءة. يمكنك معرفة أيِّ جزءٍ من الكتابة أعيد تحريره، عندما تجده يقرأ بسلاسةٍ وسهولةٍ، كما لو أنَّه لم يبذل في سبيل ذلك أيُّ جهدٍ على الإطلاق. هيئ نفسك لرحلةٍ طويلةٍ.

تعلم من الآخرين: أنت لا تتعلم فقط من قراءة ومراقبة العالم من حولك رغم أهمية ذلك للكاتب. يمكنك البحث بنشاطٍ في الأحداث والأماكن والأشخاص الذين لا يمكنك وصفهم أو الكتابة عنهم بطريقةٍ أخرى. وعلى سبيل المثال، فعندما تكتب مشهدًا في روايتك، يتضمن طبيبًا، تحدث إلى أحد الأطباء، اقرأ كتبًا طبيَّةً، قم بمقابلة أشخاصٍ عانوا من مثل ذلك النوع من الأمراض أو الحوادث التي تكتب عنها لتعرف عن كثبٍ وجهة نظرهم حيالها. يمكنك أن تتعلم أيضًا من كتَّابٍ مبتدئين آخرين،  استمع إلى نتاجهم، ولاحظ الأخطاء التي ارتكبتها أنت أيضًا، ركِّز على الجوانب التي تحقق التواصل الجيِّد مع القارئ، وتلك التي لا تحققه.

• اكتشف طرائقَ من خلالها تستطيع صياغة عملك، احذف الأجزاء التي لا تخلق انطباعًا حقيقيًّا، استبعد المشاهد أو الأشعار التي تستغرق فترةً طويلةً جدًّا، ولا تنس تقديم المعلومات المهمَّة التي فقدت، تعلم أيضًا من المؤلفين المنشورة أعمالهم، انتقل إلى القراءات، واقرأ المقالات التي تناولت عمل الكاتب، استمع إلى مقابلاتٍ مع المؤلفين على شاشات التلفزيون أو الراديو، أو تواجد في المهرجانات الأدبيّة.

دَرِّبْ أذنيك تسمعان كتابةً جيِّدةً: بوسعك أن تميّز جيّد الشعر ورديئه، وكذلك النثر عندما تقرأهما بصوتٍ عالٍ. الشعر والنثر المتميزان عندما يُقرآن يمنحان مستمعهما صوتًا جيِّدًا. للكتابة إيقاعُها الجميل متى ما كانت جميلةً والعكس صحيحٌ أيضًا. في بعض الأحيان، عندما تكتب، فإنك تدرك أنَّك بحاجةٍ إلى كلمةٍ مكوَّنةٍ من مقطعين بدلاً من ثلاثة مقاطع، أو أن الجملة يجب أن تكون أطول، أو تحتاج إلى التوقف عند هذا الحدِّ. اقرأ عملك بصوتٍ عالٍ واستمع إليه بتركيزٍ؛ ستشعر عندما ينتقل لسانك فوق الكلمات بأنَّ تلك الجملة طويلةٌ جدًا أو قصيرةٌ أو ينقصها شيءٌ ما، أو تبدو خاطئةً، اقرأ الشعر، حتى لو لم تكتبه؛ في الشعر تعتبر أصوات الكلمات -الإيقاع والقافية- حاسمةً، ركز على الطريقة التي يستخدم الكتَّاب المجيدون الكلمات والجناس ويمزجون بين الجمل القصيرة والطويلة ومتى يطرحون الأسئلة ومتى يجيبون عليها، جرب قراءة كتابٍ هادئ سهل، ولو كانت مقتبسة من كتاب للأطفال.. قارن كيف حقق المؤلف الإيقاع والبنية والعاطفة في كتاباته.

اجعل كتابتك إيحائية: ابتعد عن المباشرة. لغة الوعظ والإرشاد المباشر لا تناسب الكتابة الإبداعيّة بحالٍ من الأحوال.

العب بالكلمات: تحفل العربيَّة بثراء معجمها اللغويِّ فهو زاخرٌ بملايين الكلمات رئيسةً ومشتقةً. وبعض الكتَّاب يحصرون أنفسهم في استخدام كلماتٍ محدودةٍ يكررونها في جلِّ أعمالهم، وأحيانًا يكررونها في العمل الواحد عدَّة مراتٍ دونما مسوغٍ لذلك عدا الفقر اللغوي. ينبغي للكاتب إثراء كتابته من معجم العربية الكبير الواسع دونما تكلفٍ أو تظاهرٍ أو تعمدٍ في اختيار الشاذِ والغريبِ والوعرِ من الألفاظ، وقليلِ الاستخدام أو نادرِه أو ما لا يستطيع القارئ العادي فهمَه إلا بالرجوع للقواميس والمعاجم.

اجعل الأفعال أقوى: يعد استخدام الأفعال القوية أحد أسرع الطرق لتنشيط النص المكتوب. بعض الكتاب كسولٌ لذا تجده يستخدم فعلًا واضحًا مثل “ذهب” مكتفيًا به في معظم كتاباته، بينما بوسعه استخدام أفعالٍ أكثر قوةً وتحديدًا اعتمادًا على الطريقة التي ذهب بها الشخص: هل ذهب للتجول، أم ذهب مسرعًا أم متعرجًا أم متعثرًا أم قفزًا أم مستقلًّا سيارةً أم راكبًا؟ وغير ذلك كثير.

قلل من استخدام المبني للمجهول: متى ما وسعك استخدام المبني للمعلوم، فلا تستخدم المبني للمجهول، فعندما تكتب جملة “الرجل سرق المحفظة” فهي أقوى من قولك: “سُرقت المحفظة” أو حتى من: “سُرقت المحفظة من قبل رجلٍ”.

استبعد الصفات والظروف غير الضرورية: كما هو معلومٌ فإنَّ الأحوال والصفات تستخدم لتوفير المزيد من المعلومات حول الفعل، أو لوصف الفعل نفسه. ويعدُّ حذف الصفات تقويةٌ للفعل نفسه متى ما تسنى ذلك. فكِّر في الطريقة التي يمكنك بها توصيل ما تريد قوله دون استخدام الكثير من الصفات والظروف الزمانيّة والمكانيّة والأحوال.

اكتب في أزمنةٍ مختلفةٍ (ماضٍ – مضارعٍ – مستقبلٍ): تتناب كثيرٌ من الكتّاب المبتدئين تساؤلات عن الزمن الذي ينبغي عليهم استخدامه في كتابتهم: هل هو الماضي، أم الحاضر، أم المستقبل.. والأفضل استخدام أكثر من صيغةٍ زمانيّةٍ متى ما سمح النص بذلك.
وينبغي التنبه من أنَّ الزمن المختار في الكتابة ليس هو الزمن الحقيقي، الزمن الحقيقي هو الزمن الذي يقرأ فيه القارئ النص المكتوب، ولكن إذا استخدم الكاتب زمن الحاضر فيتهيأ للقارئ ولو لوهلةٍ أنَّ الأحداث تحدث الآن. ويمكن أن يكون الزمن الحاضر مفيدًا أيضًا عند كتابة قصةٍ أو روايةٍ تقوم فيها بالتبديل بين إطارين زمنيين مختلفين، وغالبًا ما يكون الزمن الحالي (المضارع) مثاليًّا للشعر، ولكن قد يكون من الصعب التعامل معه في سردٍ طويل، إذ يبدو غير منطقيٍّ.

تجنب مصيدة الصيغ الجاهزة / (الكليشات): تجنب الصيغ الجاهزة وأعني بها العبارات المهترئة، وهي عبارة عن خطاب فقدت فعاليته بسبب الإفراط في الاستخدام؛ أيَّ أنَّه استهلك أكثر مما ينبغي ومن ذلك بعض الأمثال والاصطلاحات ومنها قولنا:
(أكل عليه الدهر وشرب) و (على قدمٍ وساقٍ)، وإذا كنت تستخدم هذه الصيغ / الكليشيهات كثيرًا فإن كتابتك ستبدو مملَّةً وغير مثيرةٍ. وعلى الرغم من ذلك فقليلها مثل الملح للطعام يمكنك استخدامها في حدودٍ دنيا يقتضيها النص أحيانًا. العيب يكمن في امتلاء النص بها، ولكن عندما يستخدمها الكاتب بوعي لأنَّه يجد فيها اختصارًا يساعده في نقل ما يعنيه فلا ضير في ذلك، بل قد تكون نقطةً إيجابيةً للنص، ويمكنك استبدال بعض الصيغ الجاهزة لاحقًا بصورٍ بيانيةٍ أكثر جمالًا وتأثيرًا.

أدِّ تمارين الكتابة: وأنت في مرحلة تعلم الكتابة، فإن إكمال بعض تمارين الكتابة مثل كتابة مقطوعات شعريّةٍ أو نثريّةٍ – قطع قصيرة لتنقلك وتساعدك في تجربة الأفكار والتقنيات المختلفة – يعد فكرةً رائعةً. جرب تمارين كتابةٍ مختلفةٍ ومتنوعةٍ ومنها أن تضع النهاية لنصٍ سرديٍّ تعطى بدايته؛ ولهذا أعود وأكرر القول في أنَّ حضور دورات في الكتابة الإبداعيّة أمرٌ مفيدٌ جدًّا؛ حيث يوفر لك المدرب الكثير من التمارين لإكمالها، وقد تضطر إلى قراءة عملك لمجموعة متدربين مثلك، وبالتالي تستنير بما قد يتوفر لديهم من رؤى وأفكارٍ واقتراحاتٍ تساعدك في تطوير مهاراتك في الكتابة. تشبه تمارين الكتابة تعلم عزف النوتة في الموسيقي؛ غالبًا ما يقول المطربون والموسيقيون أنَّهم يمقتون تعلم النوتة الموسيقيّة لكن متى ما اتقنوها أحبوها لأنَّها تمكنهم من إنتاج الأصوات التي يتمنون تأليفها، الأصوات الأكثر حميمية ودفئًا واكتمالًا.

تعلم من المحاكاة: كثيرًا ما يخشى الكتّاب الجدد بشكل مبالغٍ فيه من التأثر بأعمال كتّابٍ آخرين؛ ونتيجة لذلك يرفضون قراءة نتاجهم البديع شعرًا أو نثرًا.. وهذا وضعٌ مؤسفٌ للغاية. لقد تأثر كثير من الكتَّاب في بداية كتاباتهم بكتابات (العقاد، وطه حسين، والمازني، ونزار قباني، والقصيبي، … وغيرهم) ولم يعب ذلك أعمالهم التي صدرت فيما بعد وكان لهم فيها بصماتهم الخاصّة بهم. يمكنك تعلم قدر كبير من خلال تقليد تقنيات الكتَّاب الكبار ابتداءً.. ومن الغريب أن الناس يطبقون هذا المبدأ على الأشكال الفنية الأخرى، ولكن نادرًا ما يطبقونه في فن الكتابة، فنحن نرى أحيانًا بعض طلاب الفنون قابعين في معارض فنيّةٍ عالميّةٍ ينسخون أعمالًا لفنانين كبار في كراسات رسم؛ إنَّهم يفعلون ذلك لمعرفة كيفية تكوين صورٍ رائعةٍ، ومعرفة كيفية التعامل مع المنظور، واستخدام اللون، وخلق تأثيرات خاصةٍ باستخدام القلم أو الحبر. ويتم تشجيع الفنانين على رسم وإنشاء سجلات قصاصات والتفكير فيها. وأرى أنَّ الكاتب المبتدئ يمكنه أن يستفيد من المحاكاة كثيرًا في أولى خطواته التدريبية في عالم الكتابة.

دقق عملك لغويًّا: الأخطاء اللغوَّية تسيء للعمل وتحرج مؤلفه؛ إن لم يكن بوسعك تدقيق ومراجعة العمل لغويًّا بنفسك، أسند المهمة لصديقٍ أو لمحررٍ أو مدققٍ متخصصٍ ولو بمقابلٍ.. والنت توفر هذه الخدمة ولكن الحذر مطلوبٌ خشية أن يُسرق العمل.

أخيرًا.. ما لم تكن شغوفًا بالكتابة، عاشقًا لها، مستعدًّا لأن تمنحها الوقت الكافي وتضحي في سبيلها بكثيرٍ من وقت متعتك وتسليتك في جوانب حياتيّة مختلفةٍ، فنصيحتي إليك اتركها. وتمثل قول الشاعر العربي:
إذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شيئًا فدَعْهُ … وجاوِزْهُ إلى مَا تَستَطِيعُ

لأن الكتابة ببساطةٍ ما لم تمنحها كُلَّكَ لن تَمْنَحكَ بَعْضهَا.
*****************************************
المراجع:

1. كتاب (الكتابة الإبداعية للمبتدئين) لمؤلفته: ماجي هامند.
2. كتاب (إذا أردت أن تكتب) لمؤلفته بيرندا أولند.
2. كتاب (أسس تعليم الكتابة الإبداعيّة) لمؤلفه الدكتور: رعد مصطفى خصاونة.
3. موقع موسوعة ويكيبيديا على النت باللغتين العربية والإنجليزية.
4. موقع (موضوع) على النت.
5. كتاب (في الكتابة … مذكرات الحرفة) لمؤلفه: ستيفين كنج.
_______________________________________

الكاتب والمترجم/ خلف بن سرحان القرشي

#خلف_سرحان_القرشي

السعودية – الطائف – ص. ب 2503  الرمز البريدي 21944

ايميل:  [email protected]

تويتر @qkhalaf

مقالات ذات صلة

‫65 تعليقات

  1. ولاابداعا كابداعك
    إنك تملك قلماً و فكرا وابداعا نادراً ماوجد مثله
    كم انا سعيدا انك هنا وبيننا في الروقان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88