سيدة المتناقضات

تاهت في زحمة ركام الأحداث، غير آبهة بأى طريق، مستسلمة مُسَلِّمة، لم تبحث عن مخرج لديها؛ اعتقادًا بأن الجميع متشابه لا فرق في تيه أو درب سلامة.

أخاذة.. ليست بتلك الجاهلة أو الحمقاء مبصرة، ترى الأشياء كما هي، لها فلسفتها الخاصة لا ينازعها فيها أحد.

تقول للشمس: إشرقي كما يحلو لك فأنا الدفء، أنا شعلة الضوء، أنا وقود الحياة.

تتحدث بصمت قاتل، وتصرخ بهمس لا يُسمع، وتحلل الأحداث كما لو كانت شاهدًا على العصر القادم.

تفقدها وأنت إلى جوارها، وتعانقها دون أن تلمسها، قطعة سحاب تحمل بُشرى وعذاب.

ليست كما تراها دائمًا، لها طقوس ترعبك وتُرغّبك وتجعلك فضوليًّا إلى درجة الخيبة والحيرة.

حينما أسألها: تأخرتي كثيرًا؟ تقول: نعم؛ لكي أصل في الوقت المحدد. هي فقط تعلم ما تعني.

تُحدثها فتصغي، وتفاجئك بأنها ترد على الجميع في الوقت ذاته.

ليست فريدة بل متفردة، واحدة متفرقة تمثل مجموعة في روح.

فلسفتها: الصمت حكمة، والصبر انتظار فرصة، والهروب التفاف للإيقاع بك متى أرادت.

الوقار احتقار.. لا معنى له في مواقف تستحق النطق، ولو لم تقل غير أين أضع النقاط فحروفها كلمات وجمل مفيدة.

تأخذك إلى أقصى خيال قد تتصوره ثم تنزلك في أقرب محطة دون أن تبدي لك مبررًا واحدًا.

ليست شتاءً دائمًا، أو ربيعًا عابرًا، هي كل ذلك، تعطيك شيئًا، وتأخذ منك كل الأشياء.

سيدي العاقل، سيدتي الأكثر تعقلًا.. الشمس حينما تشرق ويتسلل ضوؤها، هذا حدث عام في وقت خاص يتكرر دون أن نلتفت له، فماذا سيحدث إن تغير أو حدث عكس ما جرت به العادة؟

لا تجعل من نفسك قاضيًا يحكم فيما لم يُستفتَ فيه، أو طبيبًا يحمل مشرطًا لا يعلم أين يضعه؛ فيجرح نفسه ويدمي أطرافه جهلًا، بغية إحسان ليس له أهل.

لا ترعَ طفلًا يكبرك بسنوات فتموت مكلومًا، تنازع أى ريح أتت بكم، وأي مكان جمع النقيضين أحلاهما يهيل التراب على رأسه ويمسح قدميه، وينظر إلى تلك البقعة المتسخة على ردائه الأبيض بعين الاشمئزاز، وكأنها حدث طارئ لم يكن يتوقعه.

إذا جُن جنونك فليس السائل أكثر علمًا من المسؤول.

دعها؛ فليست لك، هي لأحدهم هناك.. هناك.

ومضة:

أنت أسوأ مما يجب عليك أن تظهر به، تلك هى سياسة المبصرين بعيون لا ترى أحدًا.

بقلم الكاتب/ عائض الأحمد