إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

عصر الانحطاط والدولة العثمانية

هناك من يمجِّد الدولة العثمانية من باب التعاطف الديني، على أنها دافعت عن الدين الإسلامي، ولكن دخولها للجزيرة العربية لم يكن إلا وبالاً وشرًّا على العرب المسلمين، وللأسف فقد اتخذت هذه الدولة من الدين شعارًا، لا غاية سامية؛ لأنها قتلت المسلمين، بل كانت تدفع المكافآت لجنودها إذا قتلوا عربيًّا مسلمًا، ومن المحزن ِأيضًا أن يهدم أولئك العثمانيون المدن والقرى ويسبُون النساء والغلمان، ليبيعوهم في الأسواق، فضلًا عن التنكيل بالعلماء والأمراء من قبل جنود الأتراك، وانتشار السلب والنهب، ومن لا يصدِّق ذلك فليراجع تاريخ الجبرتي، وكتاب (دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب سلفية لا وهابية) لأحمد الحصين.

ولعل ما فعله تاجر الدخان محمد علي باشا خير دليل على ذلك، إذ كان يدفع ستة دولارات لكل من يأتي برأس وهابي على حد زعمه، إلى أن وصل عدد القتلى إلى خمسة آلاف من أهل التوحيد في أثناء حصار الدرعية الذي استمر لمدة ستة أشهر، قطع عنهم الماء والكلأ حتى خرج الأمير عبد الله بن سعود وسلَّم نفسه شريطة أن تُحقن دماء المسلمين؛ حيث كان أمير الدرعية آنذاك، وعاهده على ذلك محمد علي، ولكنه ما لبث أن غدر به ودمَّر الدرعية على من فيها، وهو لم يصل إلى الدرعية إلا بعد أن مرَّ بالحجاز والجنوب، وفعل ما فعله هو وجنوده من فواحش وإزهاق الأرواح البريئة وتخريب البلاد.

أين كان هؤلاء عن الإسلام؟ هل هذه أخلاق المسلمين؟

لقد كان وجودهم بيننا سببًا من أسباب تأخُّر التنمية العلمية والاقتصادية والاجتماعية.

وعندما استعاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -طيب الله ثراه- حكم آبائه وأجداده ووحّد الجزيرة العربية، واستتب الأمن والاستقرار على يديه -رحمه الله-؛ بدأ ينتشر التعليم الذي هو باب المعرفة والبناء للإنسان، ومن خلاله يستطيع الإنسان إدراك الأمور على حقيقتها؛ لأنه نقيض الجهل المنتشر بسبب الغزو والاستعمار الملبس بلباس الدين، ومن فوائد نعمة الأمن والاستقرار (حفظ النفس، والمال، والعرض، والدين)، وبذلك يحصل طيب العيش، وهي الغاية الأعظم. ومن نواتجه بناء المجتمع، ومن أمثلة ذلك أننا في وقتنا الحاضر لا نكاد نجد أميًّا واحدًا في وطننا الحبيب، خاصة ممن أعمارهم في الستين عامًا وأقل، فشكرًا لبلادي وشكرًا لمليكي.

من هذا المنطلق يجب علينا كأبناء وطن أن ندافع عن وطننا بالكلمة والقلم والسلاح كل في ميدانه، وأن تكون حماسة الشاعر/ خلف بن هذال حاضرة لدينا، وعقلانية غازي القصيبي متوهجة بداخلنا، سواء كنا معلمين أو أساتذة جامعيين أو موظّفين أو جنودًا في ميدان المعركة. هذا هو حق الوطن، وأن نعرف عدونا من صديقنا، وأن نراجع التاريخ جيدًا، ولا ننخدع بتطبيل الإعلام الكاذب، وأن نأخذ الحقائق من مصادرها.

بقلم/ د. سلوم النفيعي

مقالات ذات صلة

‫97 تعليقات

  1. الحمدلله الذي اعزنا بالإسلام..

    ومن ثم بحكامنا حفظهم الله ورعاهم..

    وحفظ وطننا من كل مكروه..

    شكراً يا ابا مستور

    مقال رائع. ومختصر ومفيد… يوضح حقيقة الدوله العثمانية ونهجها السيء.

    تقديري

  2. خابوا وخسروا انحرفت قيادتهم فكريا وتكشفت نواياهم وسقطت العباءة الإسلامية عنهم فكانوا حملات استعمارية تقاسم الصليبيين في سرقة الثروات العربية وتطهير السنة تطهيرا عرقيا ،،

    مقالكم في الصميم ليعلم هذا الجيل من الخائن اليوم ،، حفيدهم التركي أوردواغان ومن أحلافه من الخونة العرب الأخوان المسلمين والمجوس تحالفوا ضد الإسلام وبلاد الحرمين خصوصا والعرب لنهب السيادة والثروة

  3. مقال رائع. مختصر ومفيد بقدر حجمه العظيم المتزن
    شكراً لك دكتورنا الرائد القائد
    معلومات قيمه وصلت واتصلت بالذات
    وعانقت الروح حقاً
    نمجد للوطن روحاً وقلباً ولساناً وفكراً
    ونحمد الله على مانحن عليه من الامن والثقافه الفكريه التي تبين لنا الحق من الباطل

    اتحفنا بالمزيد دكتورنا الراقي ووفقت لكل خير

  4. «سفر برلك» يكشف الجريمة العثمانية في المدينة المنورة

    اتفق معك يا دكتور سلوم

    وياليت بعض قومنا يعيدون قرات التاريخ
    وليس “”سفر برلك “” نموذجها التعذيب الوحيد
    فـ باسم الدين استعبد العثمانيون عباد الله، وأذلوهم، وأجبروهم على العمل لصالحهم بالمجان، والقتال في صفوفه في حروب ليست حروبهم، دفاعا عن قضايا ليست قضاياهم..

    على مدار تاريخها، لم تشهد المنطقة العربية غزوا دمويا أكثر بشاعة من اثنين: المغول، والعثمانيين. أما المغول، فكانوا واضحي النوايا، تسبقهم رسلهم بمكاتيبهم للقادة والولاة: نحن رسل الموت، جئنا للقتل والدمار. بينما كان العثمانيون أكثر خبثا ولؤما، يتمسحون بالدين، الغزو العثماني للبلاد العربية، لم يكن فتحًا، بل كان احتلالا من كافة جوانبه، – لم يخلفوا وراءهم معلما حضاريا واحدا يحمل اسمهم، ولا كتابًا واحدا مفيدا، ولا حديقة، ولا منفعة تفيد أهل الأرض.

    ورحم الله الشاعر العربي القديم نصر بن سيار القائل:

    ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم
    ولا صريح موالٍ إن هم نسبوا
    من كان يسألني عن أصل دينهم
    فإن دينهم أن تهلك العربُ
    قومٌ يقولون قولا ما سمعت به
    عن النبي ولا جاءت به الكتبُ

    أما غير العرب فالحديث بأطول عن الإبادة الجماعية للأرمن أو مذابح الأرمن وتعرف أيضًا باسم المحرقة الأرمنية

    والتي سجلت كواحدة من أسوأ الجرائم ضد الإنسانية.

    ويبدوا ان كلمة الإبادة الجماعية قد صيغت بسبب هذه الأحداث .

  5. مقال أكثر من رائع ، هذا هو الواقع ،
    قد وضعت النقاط على الحروف ، وكشفت عن حقيقتهم المخزية ، ونزعت أقنعتهم الخبيثة ، قبحهم الله ، لاعذر لمن يمدحهم ، أو يثني عليهم ، وقد كشف هذا المقال وغيره عوارهم ، وفسادهم ، وإجرامهم ، وتدليسهم ، وقلبهم للحقائق وللوقائع ، وتلبسهم بلباس الدين ، والدين منهم براء ،
    شكرآ من القلب دكتورنا ،
    شكرآ قائدنا الخلوق .

  6. الموضوع عليه خلاف، فأي دولة في التاريخ لها مآثر وعليها مآخذ، ونحن إذ نرجع للتاريخ لا يفترض أن نرجع لما يستهوينا من مراجع فهناك الكثير من المراجع عن تلك الحقبة.

  7. بصراحة لا أتفق معك دكتور سلوم، فهناك من سيقول بأن الدولة السعودية أيضا قامت على الدماء والحرب، ولم تكن حينذاك دولة وإنما كانت منطقة الحجاز ونجد، وتم الانقلاب على من كانوا يحكمونها آنذاك وقتلهم والمفترض فيهم الإسلام.

  8. لا أعلم، لكنني أعتقد من قراءاتي القليلة في التاريخ أن كل الدول قامت على حروب وتناثر دماء، ولم يسلم عصر الصحابة رضوان الله عليهم من ذلك.

  9. موضوع شائك، ويحتاج أن تفرد له كتب التاريخ، وألا نكون متحيزين للحديث عن دولة ونسقط أخر.

  10. بالفعل قرأت أنه كان هناك كثير من القتل والسبي، لكنها أيضا كانت على عهد الدولة الأموية والعباسية، فلماذا الحديث عن العثمانية فقط؟

  11. ومن فوائد نعمة الأمن والاستقرار (حفظ النفس، والمال، والعرض، والدين)، وبذلك يحصل طيب العيش، وهي الغاية الأعظم.

  12. في التاريخ درست أن الدولة العباسية كانت لها ٣ عصور، منها عصر ذهبي واحد، وعصرين تخبط وفساد، ألا يمكن أن يطبق الأمر عليها كذلك؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88