إسبوعية ومخصصةزوايا وأقلام

إلى أين ياكبار السن؟

أنجبونا وقاموا على تربيتنا على خير وجه ، تربية لم تدخل فيها التقنية، ولم تتحكم فيها حضارة الغرب ، تربية أقتبسوها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مع أن كثيراً منهم لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
علمونا أصول الدين وأركانه وغرسوا في نفوسنا حب العقيدة وربونا على الفضيلة .
كدوا وعانوا المشقة في سبيل توفير العيش الرغيد لنا في وقت يختلف رخاءً ويسراً وسهولةً سواء في التنقل أو الحصول على المطلوب عن وقتنا الحاضر.
أمور كثيرة من الواجبات والفضائل والمندوبات علمونا إياها قبل أن تطأ
أقدامنا ساحات المدارس.
فياترى بماذا كافئنا تلك النفوس الطيبة ماذا قدمنا لهم يوم أن صدر حقنا وورد حقهم.
مما يؤسف له أن غالبية بيوت هؤلاء إن لم أقل كلها أصبحت خاوية من الذرية ، جدرانها الأربعة تظل فقط من بقي على قيد الحياة منهما أو كليهما.
البنت ذهبت في طريقها لتعيش حياتها الجديدة مع شخص آخر، والولد أصبح استقلاله في السكن بعد الزواج أمر حتمي وكأنه أمر شرعي، وغالباً لهذا حسنته وهو تلافي وجود المشاكل ولكن هذا لا يعفي الأبناء من واجباتهم تجاه والديهم وحتى البنت في حياتها الزوجية لا تعفى من ذلك إلا إذا غُلبت على أمرها.
لا أقول أن هذا ينطبق على الجميع ، بل إن الأبناء والبنات تجاه والديهم على أقسام:
– البار الصادق في بره المبادر في قضاء حوائجهم قبل طلبها الحريص على أن يكون قريب منهم في السكن حتى يتمكن من خدمتهم قدر المستطاع وأن حكمت الظروف أن يكون بعيداً عنهما فلن يحول ذلك بينه وبين البر بهما.
– الزائر اليومي الملبي لطلباتهما إن طُلب منه نفذ وأن أُمر أطاع ولكن غير متفقد لأحوالهما وغير مبادر.
– الجاف عاطفيًا تجاه والديه زياراته لهما قصيرة ومتباعدة زمنياً فضلاً عن قصر المدة التي يمكثها معهماً .
إن وجد عندهما شخص آخر طاب له الحديث معه أطال المدة وإلا جلس معهما بضع دقائق ثم غادر ولسان حاله يقول: ( الحمدلله حليت الواجب ) لا يدري عن أحوالهما ولا عن احتياجاتهما وإن طلبا منه قضاء حاجة تعذر بمشاغله .
أضف إلى أن بعض البنات جعلت من بيت والديها حضانة لأطفالها عندما تريد الترويح عن نفسها بزيارة أو فسحة أو السفر أحياناً.
ومن المتعارف عليه أن بيت الوالدين مقر الاجتماع الأسبوعي للأبناء وهذا شيء جميل ، ولكن هل شاركناهم الحديث وتبادلنا معهم الأراء ؟
هذا ما تفتقده كثير من البيوت.
صار الاجتماع في بيتهم على حالتين:
– تجاذب أطراف الحديث في أمور لا علاقة لهم بها وقد لا يفهمون فيها شيء كالحديث التقنيات والأشياء الحديثة أو في أمور العمل .
– استئثار الهاتف النقال بالجلسة مما يفقد الاجتماع حلاوته وطعمه. وهما أو أحدهما في المجلس لافرق بينه وبين التحف الموجودة في المكان لم يجد من يعيره أي اهتمام إلا ما رحم ربك.
فمتى نستيقظ من سُباتنا ونوفيهما ولو جزءاً يسيرا مما قدماه لنا.
ربِ ارحمهما كما ربياني صغيرا.

بقلم/فاطمة عبد العزيز العبيد

مقالات ذات صلة

‫20 تعليقات

  1. صدقتي والله استاذه فاطمة العبيد
    فنحن في زمن اختلفت فيه أمور كثيرة وتغيرت فيه مبادئ عظيمة.
    للأسف الأبناء لا يقدرون قيمة كنز برهم للوالدين ، ربما يفيقوا بعد رحيل أحدهم أو كلاهما وربما لا يفيقوا.
    هناك من رحمهم الله ووضع في قلوبهم الرحمة لوالديهم ، وهناك من لا يهتم ولا يشعر بوجودهم ونسي أن وجوده بعد فضل الله هم.

    تناولتي موضوع مهم جدا تشكرين عليه أخت فاطمة

    الكاتبة / إبتسام عرفي

  2. كل مرة تناقشين موضوع يهمنا جميعا
    ننتظر الجديد والنقاش الرائع منك
    شكرا وشكرا وشكرا

  3. استئثار الهاتف النقال بالجلسة مما يفقد الاجتماع حلاوته وطعمه. وهما أو أحدهما في المجلس لافرق بينه وبين التحف الموجودة في المكان لم يجد من يعيره أي اهتمام إلا ما رحم ربك.
    فمتى نستيقظ من سُباتنا ونوفيهما ولو جزءاً يسيرا مما قدماه لنا.
    ربِ ارحمهما كما ربياني صغيرا.
    اللهم امين
    سلمت وسلمت ماخطتتيه

  4. الله يستجيب لك استاذه فاطمة
    ولا تقطع السماء درب دعاء أبداً

    كم يود كل منا أن يسافر في “الدرب المؤدي” لمن فقدهم و يجلب معه الدنيا كي يكمل ما نقصه بدونه و ليكن حينها يوما مضافا لم يكن في الحسبان

    محبتي وتقديري

  5. مقال رائع ??بالفعل كلام يحاكي واقعنا المؤسف ولكن لا يقدر الإنسان قيمتهما إلا إذا فقدهما الله يرحم والدي الغالي ..الله يهدينا ويهدي ذريتنا ….واللهم امين

  6. قلم رصين. . واحداث مؤلمة. ووقفه مع الذات .. شكر الله لك اختنا فاطمة جميل مانثر قلمك ?

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan gas138 bola88 indobet slot5000 ligaplay88