العزف على الأوتار الحساسة

عندما يلامس العازف أوتار أي آلة موسيقية بريشته، فإن ريشة العازف ليست هي التي تُصدر  النغمات الموسيقية التي  يسمعها المتلقي على شكل أصوات متناغمة ومطربة لأذان السامع، إنما هي الآلة الموسيقية التي تُصدِر الصوت والنغم الجميلين، أما الشخص العازف وريشته ليسا إلا مؤثرين في تلك الآلة الموسيقية، بمعنى آخر الشخص العازف يوجه ريشته إلى أوتار تلك الآلة الموسيقية ويضرب على أوتارها وذلك باختياره للوتر المناسب في المكان المناسب في الزمن المناسب، ويسمى العزف.

إنَّ كيان الإنسان يحتوي على عدد هائل من أوتار الأعصاب  الحساسة في جسده، والعازف هنا هو المخ الموجود داخل الرأس، أما الريشة التي يؤثر بها المخ على أوتار الجسد ككل من أجل أن يَخرج من ذلك الكيان الإنساني لحن يُطرب الأسماع أو عكس ذلك، فهي الكلمة التي يتلقاه الإنسان من الناس من حوله  والذين يعايشهم خلال يومه، سواء كان عزف تلك الكلمة المؤثرة إيجابيًّا أو سلبيًّا، فإن كان إيجابيًّا صدر من عزفه على أوتار أعصاب الإنسان السامع لحنٌ مطربٌ للأسماع، وإن كان سلبيًّا فيصدر منه لحن صَخِب ومُزعِج للأسماع.

وكم أتمنى من كل فرد منا إذا أراد العزف على أوتار أعصاب شخص آخر، سواء كان أخ أو صديق أو قريب أو حتى من عامة الناس، وذلك من خلال عزف نصيحة أو قول كلمة معروف أو..أو… إلخ، أن يعزف بريشة طيب الكلام الإيجابي ولا يجرح أوتار أعصاب الشخص المقابل بالكلام السلبي الذي لا يعود منه على قائله ومتلقيه إلا المشاكل والكدر والنزاعات.

وكم من كلمة عزفها شخص، أفسدت علاقات بين أفراد عائلة واحدة، وقد تفسد الكلمة السلبية علاقات بين دول كانت بالأمس تتمتع بعلاقات وثيقة، وبعد هذه الكلمة أصبحوا أعداءً لبعضهم البعض، وقد قال سبحانه وتعالى: {ألم ترى كيف ضرب الله مثلاًًا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار} صدق الله العظيم.

بقلم/ سالم سعيد الغامدي